الرجل المغترب والزواج الثاني.. أضواء على النقاط العمياء

<p>اخويا متجوز مراته زواج صالونات وخلفوا أولاد وهى إنسانة محترمة وطيبة وهو محترم جدا وأكرمها جدا سافر الخليج بعد كده ووفر لها وللأولاد حياة كريمة جدااااا وما بخدش عليهم فى أى حاجة لكن بيقول انه تعبان جدا هناك احيانا بيقعد بدون اكل والوحدة والغربة والشغل وموش هيقدر يستقر فى مصر علشان المعيشة والغلاء وموش هيقدر ياخدها هى والأولاد علشان نفس السبب فهو فكر انه يتجوز عليها دون ما يظلمها ابدا وأظن ده حقه شرعا هى رافضة وبتقوله لو اتجوزت طلقنى هو قالها لو انتى عاوزه كده حاضر هطلقك لانك أنانية وعوزانى أعيش تعيس وتعبان وانتى هنا معاكى اولادك ووسط اهلك مين فيهم الغلطان</p>

أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك أخي الكريم على الشبكة الالكترونية للاستشارات.. في الحياة الزوجية يا أخي لا يوجد الجاني والضحية، ونحن لسنا بصدد محكمة حتى نصدر حكمًا غيابيًّا على أحد سواء أخوك أو زوجته، وكنت أتمنى أن يكتب هو بنفسه، وليتك تشير عليه بالكتابة وأيضًا زوجته فلربما استطعنا تقريب وجهات النظر.. على أي حال وبما أنك أخي الكريم من كتبت لنا فإن شاء الله يكون لك دور في الحل.

 

مبدئيًّا نحن نرفض الطلاق دون أسباب حادة وصارخة خاصة في ظل وجود أطفال لا ذنب لهم ولا جريرة حتى يعيشوا في هذه الحياة مفتقدين أحد والديهم، ومن أجل هؤلاء الأولاد علينا أن نبذل الجهد أضعافًا مضاعفة من أجل الحل والصلح.. والصلح خير.

 

تفكيك المشكلة

 

هذه المشكلة متكررة وواحدة من أكثر المشكلات شيوعًا لدى المغتربين ألا وهي معادلة المال والسكن أو المال والاستقرار النفسي والعاطفي، وكان أستاذنا الراحل الكبير الدكتور محمد بلتاجي حسن رئيس قسم الفقه وعميد كلية دار العلوم السابق يشن هجومًا عنيفًا على سفر الزوج وترك الزوجة والأولاد ويحذر بشدة من الآثار الشنيعة التي قد تترتب على ذلك...

 

الزوج يريد أن يعف نفسه فلأجل العفة شرع الزواج، وماذا عن الزوجة ألا تريد أن تعف نفسها هي الأخرى أليس هذا حقها شرعا؟ هل هي تزوجت من أجل أن يرسل لها المال وترعى الأولاد وحدها كما لو كانوا أيتامًا؟ قد تقول لي إنها كانت موافقة ولم تعترض ولم تطلب استقرار الزوج أو سفرها هي له، لكن ألم يخطر ببالك يا أخي الكريم أنها كانت هي الأخرى تضحي بحاجة من حاجات الإنسان الأساسية من أجل مستقبل أسرتها.

 

أخوك يقول إنه سيطلقها لأنها أنانية تعيش وسط أهلها وأولادها.. فهل هي متزوجة أولادها وأهلها؟ أم هي متزوجة المال الذي يرسله؟ يا أخي الكريم ألا تعلم أن زوجة أخيك في فتنة شديدة لا ينتبه لها أحد ولا يتحدث عنها أحد جهرًا؟ ولأنها زوجة شريفة وامرأة ذات دين (محترمة وطيبة بحسب ما وصفتها) تصبر وتتحمل وتضحي وهناك غيرها من النساء يقعن في الفاحشة وهناك من تنفق مال الزوج الغائب على البديل الحاضر، فهلا فكر أخوك في الأمر من هذه الزاوية؟

 

يا أخي الكريم، طلب زوجة أخيك طلب متوقع ومعتاد وانفعالي، فهي تشعر أنها تضحي وتهدر سنوات عمرها في انتظار الزوج الغائب فإذا بالزوج الغائب يفكر في رغباته (المشروعة) وينساها هي ويتجاهلها، فإذا كان لأخيك الحق في الزواج الثاني فليس أمام زوجة أخيك حل إلا الطلاق حتى تستطيع الزواج مرة أخرى.. لعل الاستهجان يغزو تفكيرك الآن فأي زواج تنتظر هذه المرأة ذات العيال؟ وهل تترك أولادها كي تذهب تبحث عن مثل هذه الرغبات (هنا تبدو الرغبات حقيرة وغير مشروعة)؟ ألا تستطيع هذه المرأة التحمل كملايين النساء؟ وقد تقول في نفسك وهل لمثل هذه المرأة فرصة في زواج آخر؟.. أنا لن أجيبك على هذه الأسئلة يا أخي الفاضل وأترك الإجابة لضميرك وإيمانك.

 

لكن إذا كان طلب الزوجة متوقعًا ومعتادًا ألا ترى أن موافقة أخيك السريعة على الطلاق هي من تثير علامات استفهام كثيرة؟ فالمعتاد أيضًا أن يحاول الزوج مرات كثيرة ويحاول استرضاءها أو على الأقل يرفض الطلاق ويستمسك بزوجته، وأظن أنه بموافقته السريعة على هذا النحو خذلها أكثر من أي شيء آخر، واقرأ هذه الاستشارة التي توضح هذه الفكرة أكثر طلب الطلاق وسياسة حافة الهاوية.

 

استوقفني قولك في بداية رسالتك إن زواج أخيك هو زواج صالونات، فهل تعني أنه لم يكن بينهما قصة حب ملتهبة حتى تغضب زوجته كل هذا الغضب وتثور كل هذه الثورة لأنه يريد الزواج الثاني؟ يا أخي الكريم الزواج يصنع الحب الحقيقي لأن الزواج يعني السكن.. يعني المودة والرحمة.. الزواج التربة الخصبة التي تنمو فيها المودة بما تحمل من ظلال الحب الجميل كله وتثمر فيها الرحمة ثمارها الحلوة فلا يفكر كل طرف في نفسه فقط، ولكن يضع نفسه مكان الآخر ويحاول الشعور بما يشعر به، وهذا هو المعنى الذي أتمنى أن يصل لأخيك.

 

حلول مقترحة

 

ـ يا أخي الكريم من حق أخيك شرعًا أن يتزوج مرة ثانية ولا يترك نفسه للاحتياج والفتنة، هذه النقطة ليست محل خلاف وأظنه يستطيع النفقة على البيتين ولكن أين العدل؟ كيف سيعدل هذا الزوج وهو بعيد كل البعد عن الزوجة الأولى لا ينزل لها إلا عطلة قصيرة كل عام؟!

 

الحد الأدنى كما يرى كثير من العلماء أن ينزل لها كل أربعة شهور، وكان عمر بن الخطاب لا يدع الجند الذين يجاهدون في سبيل الله يتركون زوجاتهم أكثر من أربعة شهور! وعلى أخيك أن يحسب نفقات زواجه الثاني ونفقات سفره وغيابه عن العمل كل 4 شهور ويجري دراسة جدوى حتى يرى إن كان الفارق المادي من استقدام الزوجة والأولاد أو عودته هو للاستقرار معهم يستحق اتخاذ هذا القرار بما يحمله من تبعات أم لا.

 

ـ لماذا لا يتشارك الزوجان في وضع حل لهذه المشكلة؛ فالزوج يشرح لزوجته أنه يتزوج لكي يستطيع التوفيق بين الاحتياجات المادية الكثيرة لأسرته ورغبته أن يعيشوا حياة الرفاه وفي الوقت ذاته يعف نفسه ولا يقع في حد من حدود الله، والزوجة عليها الاختيار بين القبول بهذا المقترح أو تقترح عليه أن لديها الاستعداد أن تعيش حياة الكفاف (لو تطلب الأمر) ويعود الزوج للاستقرار في أسرته أو تسافر هي والأولاد إليه وتترك له حرية الاختيار بين كلا الاختيارين من حيث الموازنة بين الدخل والنفقات.

 

* من حق أخيك رفض مقترحات الزوجة والإصرار على رغبته في الزواج الثاني مع استمرار عمله في الغربة كما هو، ولكن عليه أن يحقق العدل ويتحمل تبعات قراره أمام الله وأمام ضميره (مَنْ كانتْ له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يومَ القيامةِ وشِقُّه مائلٌ)، نعم فالظلم ظلمات، فهو إن لم يستطع العدل بسبب (العمل والمال الذي اختاره) سيأتي يوم القيامة وهو يشبه من لديه شلل نصفي، وإذا كانت الزوجة الآن تتنازل عن حقها كأنثى كلون من ألوان التضحية لمصلحة العائلة، فلها الحق أن تسترد كافة حقوقها وعلى رأسها حقوقها الزوجية ولا يمكن أن نلومها على ذلك، والقاعدة الإنسانية التي تحكم هذه المسألة إنه عندما تطالب باستيفاء حقك كاملا فإن من حق الطرف الآخر أن يطالب هو الآخر بحقه كاملا غير منقوص.

 

* رجائي الأخير أن تناشد أخاك أن يستمسك بزوجته ويصر على رفض الطلاق ويحاول أن يسترضيها برفق ويصبر على ما قد يصدر منها من كلمات حادة غير مقصودة بسبب تأثير الصدمة عليها، فإن لم يكن من أجلها وهي التي لم ير منها إلا كل خير فمن أجل أولاده (حتى إذا تزوج بالفعل يظل رافضًا فكرة الطلاق ويمنحها الوقت الكافي حتى تستقر نفسيًّا).. واطلب منه التفكير مرة أخرى وموازنة المكاسب والخسائر قبل أن يتخذ قرارًا، والله سبحانه وتعالى يلهمه الصواب ويرزقه الخير، وتابعني بما حدث.