الإستشارة - المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
- القسم : العائلة الكبيرة
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
36 - رقم الاستشارة : 2034
22/05/2025
عايزة رأيكم ضروري، أنا ست عمري 65 سنة على المعاش ومعنديش غير ابن واحد اتجوز وخلف ومعاه ولد وبنت.
البيت عندي كبير 3 أدوار، أنا في الدور التاني، وابني ومراته واولاده في الدور التالت، أنا شقتي نضيفة وباجيب واحدة تساعدني في نضافتها كل أسبوع وباغسل هدومي لنفسي، ومش محتاجة حد يخدمني وحتى المواعين عندي غسالة أطباق يعني لو مرات ابني نزلت قعدت معايا مش هاتعبها ولا هتخدمني.
أول ما ابني اتجوز مراته قالت إنها عاوزة تقعد لوحدها قلتلها تقعد لوحدها ليه وابني هيعزل مني؟ زوجي متوفى ومخلفتش غيره يعني معنديش حد يىبهدل، يبقى أنا واحدة 65 سنة وعندي سكر وضغط وما اشوفش مرات ابني ولا أحفادي وبيني وبينهم حيطة وهم معايا في بيتي؟
أنا قلتلها اللي هتطبخيه فوق اطبخيه تحت واطبخي زي ما انتي عايزة وأنا هاساعدك وخلي ابني ياكل معايا وأفرح بأحفادي حواليا.
أنا باساعد ابني بـ 4000 في الشهر وباجيب علاجي لنفسي يعني أصلا مش محتاجاهم ماديا، محتاجة بس وجودهم حواليا وحد يتطمن عليا ويسأل عني ويذكرني بمعاد الدوا.
أنا أحفادي في نفس البيت ومش بشوفهم غير بالصدفة وهم خارجين، جيت اتكلمت معاها وقلتلها اتفاجئت من رد فعلها ولقيتها بتقول لي انا مش خدامة حد وانا الشرع والدين مش بيأمرني أني أخدم حماتي وانا زوجة فقط!! و لقيتها بتقول لي البيوت ليها خصوصية وأنا بحب اخد راحتي انا و جوزي واحنا بناكل.
مش قادرة أتحمل الوحدة ومش عاوزة أخرب على ابني، اد ايه كدا لما أُم تتحرم من ابنها ومن أحفادها، هو إحنا فاضل من عمرنا كام سنة عشان نعيش لوحدنا صح ولا انا غلط أفيدوني.
أمي الكريمة، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك في موقع الشبكة الإلكترونية للاستشارات..
أشعر –غاليتي- بما تعانين منه فأنت تعانين من مشاعر الوحدة في الوقت الذي لا تجدين سببًا منطقيًّا يجبرك عليها، وربما تعانين أيضًا من مشاعر الحيرة بين صمت على الوضع الذي تعيشين فيه وبين الشكوى وإثارة المشكلات، وقد يختلط هذا كله بمشاعر الغضب الناتجة من رد زوجة ابنك فلقد كان ردها حادًّا لا مراعيًا لك.
نِعم غالية
قبل أي شيء أريدك أن تتذكري أنك تعيشين في نِعم كثيرة غالية بل في زحام من النعم الغالية، فاحمدي الله عز وجل من قلبك على هذه النعم ورددي كل صباح وكل مساء: "اللهم ما أصبح (أمسى) بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر"، قوليها وأنت تستعرضين هذه النعم في قلبك، ومن هذه النعم التي أريد لفت نظرك لها:
* نعمة أنك لا تحتاجين إلى أحد ليخدمك، فلديك بفضل الله عز وجل كل أدوات ووسائل الرفاهية الممكنة والتي تجعل بيتك نظيفًا مرتبًا بشكل دائم.
* نعمة الصحة، فأنت سيدتي بصحة جيدة وقادرة على القيام بمهامك الشخصية وقادرة على الطهي وقادرة على إدارة كل أمورك الحياتية.. وذلك كله من نعم الله عليك، فمرض السكري ومرض ضغط الدم المرتفع من الأمراض التي يمكن السيطرة عليها مع بعض الالتزام وليست أمراضًا خطيرة مهددة للحياة أو تقعدك عن إدارة شئونك.
* نعمة المال، فأنت لا تحتاجين المال ولا حتى من ابنك، بل أنت من تقدمين المال بانتظام لولدك والمال كما تعلمين عصب الحياة.
* نعمة وجود الولد، فالكثيرات حُرمن من نعمة الذرية وأنت بفضل الله رزقك الله الولد حتى لو كان ولدًا واحدًا.. ورزقك سكنه قربك في نفس المنزل حتى لو كنت تشتاقين لوجوده أكثر.
* نعمة العمر يا أمي الحبيبة، فكل يوم لنا في هذه الحياة فرصة لنا لمزيد من الطاعات والقرب من الله وعمل الخير، فالعمر ليس عبئا علينا، ولا ينبغي النظر له كأيام مملة بحاجة لمن يشغلها لنا.
في ضوء هذه النعم الغالية التي ذكرت لك بعضها أريدك أن تنظري لحياتك ولا أقول لمشكلتك.
بين ابنك وزوجته
أمي الغالية، أريدك أن تكوني موضوعية عادلة، فلا تنظري لما تعانين منه من زاويتك أنت فقط.. فمن زاويتك ومن عيون الأم لم تكتبي سطرًا واحدًا تنتقدين فيه ابنك بينما قمت بتحميل زوجته ذنب مشاعر الوحدة والوحشة التي تعيشين فيها.. نعم هي عليها أن تحث زوجها على برك وتعاونه في ذلك، إلا أن مركز الثقل الأساسي يتمثل في الابن.. ما الذي يجعلك تشعرين بالحرمان منه؟ لماذا لا يقضي معك بعض الوقت؟ لماذا لا يتناول طعامه في بعض الأحيان معك؟ لماذا لا يأتي بالأطفال ويمضي السهرة معك؟ ما الذي يمنعه؟ ما الذي يجعلك ترين أحفادك صدفة؟
الكثير والكثير من الأسئلة التي تلتقي كلها عند ابنك الرجل القوام على البيت الذي ينبغي أن يكون له كلمة وقرار.. ابنك الذي هو مطالب ببرك بعد الإيمان بالله عز وجل.. ابنك يا أمي مقصر معك، ولكنك لا ترغبين في قول هذا، فقمت بإزاحة المشكلة على زوجته التي ترفض الإقامة معك في نفس الشقة ومشاركتك كل تفاصيل حياتها.
أمي الغالية، العدالة تقتضي أن نقول إن زوجة الابن التي تعيش مع والدة زوجها خاصة الابن الوحيد تقوم بعمل بر وإحسان كبير وتوطد صلة الرحم بيم الجدة والأحفاد يكفيها أنها بقبولها لهذا الأمر تخفف عنها شبح الوحدة الذي هو أحد أهم أسباب الحزن عند المسنين وكثيرًا ما يعاني المسنين من الكرب بسببه فهي بقبولها تكون ممن يشملهم قول النبي ﷺ: "من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة".
لكن زوجة الابن التي تصر أن تكون لها معيشتها الخاصة التي توفر لها أجواء الخصوصية لم ترتكب جريمة وليست إنسانة سيئة بلا مشاعر أو عواطف، هي فقط إنسانة تمسكت بحقها ولم ترغب في الفضل والإحسان.
والحقيقة أن زوجة الابن يمارس عليها لون من الحروب النفسية من حزب زوجات الابن إن جاز التعبير، فهن يقمن بتحريضها ويزرعن الخوف في قلبها زرعًا ويتم إلباس الحق بالباطل في الجروبات النسائية، وستجدين كثيرًا من المنشورات فحواها "أنت لست خادمة لأمه"، وهذه حقيقة بالتأكيد، ولكنها تمنع كثيرًا من صور الود والبر والإحسان، لذلك فتجدين زوجة الابن متحفزة خائفة للغاية من حماتها تشعر أنها لو قدمت معروفًا فهي تتنازل والتنازل يدفع لمزيد من التنازل حتى تنتهي هذه التنازلات بإهدار حقوقها تمامًا.
لذلك أدعوك أن ترسلي لها رسالة أمان.. رسالة طمأنة.. رسالة حب واحتواء.. مثلا ما رأيك في شراء طعام جاهز يوم في الأسبوع ودعوة ابنك وزوجته وأحفادك لمشاركتك الطعام.. استقبليها بابتسامة رائقة دون نقد.. دون لوم.. دون عتاب.. عبري عن سعادتك.. اجعليه وقتًا لطيفًا حتى تأتي لزيارتك برضا وطيب خاطر.
يمكننا إذن أن نقول إن حل ما تعانين منه من مشكلات يتلخص في ثلاث نقاط:
1. أن تمتني لما أنعم الله به عليك من النعم ولا تكرري على مسامعك كلمات الضجر والشكوى ويتبع ذلك أن تشغلي وقتك فتخصصي جزءًا للعبادة.. جزءًا لممارسة هواية تحبينها ولو أن تقومي بالطهي.. جزءًا لتنشيط حياتك الاجتماعية ولو عن طريق إجراء المكالمات الهاتفية.
2. أن تعبري لابنك عما تعانين منه وتطلبي منه أن يزورك في أوقات منتظمة وأن يمر عليك كل يوم ولو لدقائق وأن يأتي بأحفادك ليقضوا معك بعض الوقت.. اطلبي منه ذلك دون نقد واتهام لزوجته أنها من تمنعه.
3. اقتربي أنت من عائلة ابنك وخاصة زوجته وامنحيهم الاهتمام الكافي دون أن تمارسي تسلط على حياتهم، بل كوني دائما متعاونة متعاطفة حنونة، وستجدين أن هذا أقرب طريق للقلوب، وهذا يعني أنك ستتوقفين عن الشكوى والنقد وتتشاركين معهم حياتهم بالطريقة التي تناسبهم وليس بالطريقة التي تكونين أنت مركزها.. هذه المشاركة ذات الطابع العاطفي ستجعل حياتك ثرية سعيدة.
أمي الغالية، كوني متسامحة تغافلي عن بعض ما يزعجك من أجل سلامك الداخلي أنت أولا.. وبالطبع لا تنسي الدعاء فهو سلاح المؤمن، ادعي دائمًا بصلاح الحال وراحة البال وأن يرزقك الله بر ابنك وأحفادك وادعي لهم جميعا بالهدى.. أسعد الله قلبك ورزقك السكينة، وتابعيني بأخبارك.