الإستشارة - المستشار : د. عادل عبد الله هندي
- القسم : فئات المدعوين
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
157 - رقم الاستشارة : 2252
02/08/2025
أنا شاب أعمل في حقل الدعوة وأبذل فيه وقتي وجهدي، بين برامج دعوية، ومحاضرات، وتواصل مع الشباب، وأشعر بفضل الله أني أؤثّر في كثيرين. لكني بدأت ألحظ أن زوجتي لا تتحمس مثلي، وأولادي بعيدون بعض الشيء عن الالتزام، بل هناك بعض التقصير في بيتي. فهل أخطأت حين انشغلت عنهم؟ وكيف أوازن بين الدعوة للناس، والدعوة داخل بيتي؟
أخي المبارك، جزاك الله خيرًا على غيرتك، وبارك لك في عملك، فدعوتك للناس أمر عظيم، لكنَّ أعظم منه دعوتك لأهلك وأولادك، فهؤلاء أولى الناس بك، وهم رعيتك الذين سُتسأل عنهم بين يدي الله.
قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم: 6]، وقال ﷺ: (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته)، ثم قال ﷺ: "والرجل راعٍ في أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته".
وأسألك ثم أُجيبك.. لماذا يبدأ الداعية بأهله؟
يبدأ الداعية بالأهل للأسباب الآتية:
1. لأنهم الأحق برحمته وتوجيهه.
2. ولأنهم انعكاس حقيقي لتأثيره.
3. ولأن دعوته في الناس تفقد قوتها إذا فقد القدوة في بيته.
واعلم بأن من علامات التقصير:
* غياب الحوار الأسري حول الدين.
* فتور في التزام الزوجة أو الأبناء.
* شعورهم أنك حاضر في حياة الناس وغائب عنهم.
وهنا يأتي السؤال الأهم: كيف أوازن بين دعوتي العامة والخاصة؟
أخي السائل الكريم، عليك بالآتي لتوازن بين الدعوة خارج البيت وداخله:
1. اجعل لبيتك وقتًا دعويًّا منتظمًا: جلسة أسبوعية، حوار إيماني، تعليم مبسط، نشاط مشترك.
2. لا تكن داعية فقط في المسجد، بل في المطبخ وغرفة الجلوس والمشاوير العائلية.
3. ابدأ بربطهم بالله لا بك: علّم أبناءك أن الدين علاقة بالله، لا مجرد اتباع لك.
4. كن قدوة لا خطيبًا: فالزوجة والولد يتأثرون بما يرونه لا بما يسمعونه فقط، فلقد كان النبي ﷺ في بيته خير الناس لأهله، وربّى بناته، وعلّم أهله، وكانت بيوته منارات هدى، فاقتدِ به، ولا تُضحِّ بأسرتك من أجل الدعوة، بل اجعلهم عونًا لك عليها.
وتذكّر أن الثمرة الحقيقية هي حين ترى من تربيهم أقرب إلى الله بسبَبك، ورتّب وقتك: اجعل للدعوة وقتًا، ولأهلك وقتًا لا يُزاحم، وأعطِ زوجتك دورًا في دعوتك، واستثمر إيمانها لتقوية الجو الأسري.
وأسأل الله تعالى أن يبارك وقتَك، وأن يستخدمنا جميعا في مرضاته..