الإستشارة - المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
- القسم : العادات
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
201 - رقم الاستشارة : 3331
19/11/2025
ما حكم اللعب بالنرد والشطرنج، هل هو محرم تحريما مطلقا ، أم أن التحريم مرتبط بالقمار عن طريق المسابقة على المال؟
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فقد فرّق العلماء بين النرد والشطرنج، فاتفقوا على حرمة النرد إلا ما حكاة الشوكاني عن ابن مغفل وسعيد بن المسيب بشرط ألا يشتمل على قمار، وقد وردت أحاديث صريحة وصحيحة في تحريمه، فمن أخذ بظاهرها أفتى بالحرمة المطلقة وهو ما عليه جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، ومنهم من فهم أن الأحاديث تحرم ما اشتمل على القمار فأفتي بالحواز ورأيهم مرجوح.
أما الشطرنج فمحل خلاف بين الفقهاء حيث لم يرد فيه إلا أثر عن الإمام علي رضي الله عنه، والراجح الجواز بشرط ألا يكون على مال ولا يؤدي إلى ترك واجب أو فعل محرم.
حكم النرد
النرد حرام، وهذا هو قول جماهير العلماء من المذاهب الأربعة وغيرهم، والسبب في تحريمه واضح وقوي، وهو وجود نصوص نبوية صريحة وصحيحة في النهي عنه والتحذير منه، منها قول النبي ﷺ: "مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ، فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ" رواه مسلم. ومنها ما روي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال: "مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ".
حكم الشطرنج
أما الشطرنج فمسألة مختلفة، وفيها تفصيل وخلاف بين أهل العلم، وذلك لعدم وجود نص صريح ومباشر في تحريمه كما في النرد، واللعب بالشطرنج جائز بشروط. وإن كان بعض العلماء يميل إلى كراهته أو تحريمه سدًّا للذريعة.
وقد ذهب إلى التحريم بعض الفقهاء (وهو قول عند الحنابلة والشافعية). يستدلون بأثر منسوب لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه مرّ على قوم يلعبون الشطرنج فقال: "ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون؟"، تشبيهًا لها بالأصنام. ولكن هذا الأثر في صحته كلام، وحتى لو صح، فيمكن حمله على أنهم كانوا قد انشغلوا بها عن الصلاة. كما قاسوه على النرد، وهو قياس مع الفارق.
القول بالكراهة: ذهب إليه آخرون (كبعض الحنفية والمالكية)، من باب سد الذرائع؛ لأن الشطرنج قد يجر إلى ما هو حرام.
القول بالجواز بالشروط (وهو الراجح والأقرب للصواب): هذا هو قول كثير من المحققين، وبه أفتت كثير من هيئات الفتوى المعاصرة. وهو مروي عن بعض التابعين.
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي -رحمه الله عن النرد :-
كل لعب فيه قمار فهو حرام. والقمار كل ما لا يخلو اللاعب فيه من ربح أو خسارة. وهو الميسر الذي قرنه القرآن بالخمر والأنصاب والأزلام.
وقال النبي ﷺ: "من قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق". يعني أن مجرد الدعوة إلى المقامرة ذنب يوجب الكفارة بالتصدق.
ومن ذلك اللعب بالنرد (الزهر) إذا اقترن بقمار، فهو حرام اتفاقًا.
وإن لم يقترن به فقال من العلماء: يحرم. وقال بعضهم: يكره ولا يحرم. وحجة المحرمين ما رواه بريدة عن النبي ﷺ قال: "من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه". وما رواه أبو موسى عن النبي ﷺ قال: "من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله".
والحديثان صريحان عامان في كل لاعب، قامر أم لم يقامر.
قال الشوكاني: روي أنه رخص في النرد ابن مغفل وابن المسيب على غير قمار ويبدو أنهما حملا الأحاديث على من لعب بقمار. أ.هـ.
الإباحة بقيود وشروط
ويقول في حكم اللعب بالشطرنج:
خلاصة القول الذي انتهى إليه البحث والنظر في الأقوال، والأدلة، هو الترجيح أن يكون الأصل في حكم الشطرنج هو الإباحة بالقيود والشروط التي ذكرها الشافعية والحنفية في كتبهم، وهي:
1. ألا يلعب بقمار، وإلا كان حرامًا، بل من الكبائر باتفاق.
2. ألا يُلهي عن ذكر الله وعن الصلاة، أو أي واجب ناجز من أمور الدين والدنيا.
3. أن يمتنع من سيئ القول ورديء الكلام.
4. ألا يلعب به على الطريق.
5. ألا يكثر منه بحيث يصل إلى درجة الإدمان.
وبعبارة أخرى موجزة: ألا يؤدي إلى ترك واجب أو يستلزم فعل محرم، أو يخرج به عن حدود الاعتدال إلى الإسراف والإدمان، فإن الله لا يحب المسرفين. أ.هـ.
والله تعالى أعلى وأعلم.
روابط ذات صلة: