وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أهلاً مرحبًا بك أخي الفاضل على موقع استشارات المجتمع، وبعد:

فإنه مما لا شك فيه أن العمل الخيري له مردود إيجابي على الفرد والمجتمع، ويغمر الفرد بالسعادة عندما يرسم الفرحة والبسمة على وجوه الناس، ويعطي تحفيزًا وطاقة إيجابية للنفوس.

وفي ردي على سؤلك سأروي لك موقفًا حدث معي لعل يكون فيه العبرة والجواب الشافي على سؤالك، وهو كالآتي:

قرار بإلقاء خطبة العيد في معسكر الأمريكيين في الكويت

في ذلك العام (2006م) وقبل عيد الفطر المبارك بستة أيام، اتصل بي المهندس عبدالعزيز الدعيج – المدير العام لمركز الوعي لتطوير العلاقات العربية/ الغربية "أوير" AWARE Center - وطلب إليّ الاتصال بالقسيس "دوج جونسون" في معسكر الأمريكيين؛ من أجل إلقاء خطبة عيد الفطر لبعض الجنود المسلمين في الجيش الأمريكي.

إن مركز الوعي -منذ إنشائه في أكتوبر 2003م - حقق العديد من الإنجازات عبر سعيه لبناء جسور التفاهم والحوار البناء، وتأصيل مبدأ التعايش السلمي، وإيضاح عالمية الإسلام وإنسانيته.

وقد تم تصوير وإنتاج فيلم وثائقي يجسد تجربة مركز الوعي، وجرى عرضه في القنوات المحلية، وفي المؤتمر العالمي للتدريب والتطوير في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد حظي بترحيب كبير من الحضور والمشاركين.

أما نشاطات المركز فهي تتنوع ما بين نشاطات داخل المركز وخارجه، عبر تنظيم ديوانية أسبوعية تتناول موضوعات عدة بمشاركة عدد من السفراء لدى الكويت وأعضاء الجاليات الغربية.

كما يسعى المركز إلى تعليم العادات والتقاليد المحلية، التي تساعد الجاليات الغربية لدى الكويت على الانسجام والتعايش مع طبيعة المجتمع المحلي، وينظم محاضرة شهرية يتم فيها استقطاب شخصيات معروفة من داخل الكويت وخارجها.

ويسعى المركز أيضا إلى الحصول على مقر دائم له، بعد أن توسعت فعالياته عبر الإحصائيات التي أجريت على 1780 شخصًا من الجاليات الغربية من مختلف الأعمار والجنسيات، عن الأفكار التي يحملونها في أذهانهم عن الإسلام بوجه عام، والإقامة في الدول العربية بوجه خاص.

وأشاد نائب الأمين العام للمصارف الوقفية في الأمانة العامة للأوقاف محمد الجلاهمة بأهداف المركز في تنمية الوعي الثقافي وتطوير العلاقات بين المجتمعات العربية والغربية، مشيرًا إلى تقديم الأمانة دعمًا ماليًّا للمركز مساهمة منها في دعم النشاطات والبرامج التي تساهم في الارتقاء بالعلاقات الإيجابية بين العرب والغرب والتواصل الحضاري بينهما.

رحّبْتُ باتصال المهندس عبدالعزيز الدعيج في ذلك اليوم، وطلب إليّ القسيس "جونسون" أن أبعث له صورة من البطاقة المدنية لاستخراج تصريح أمني بدخول المعسكر، فبعثتها فورًا ومن دون تردد.

وبعدها بيوم استفسر القسيس "جونسون" عن حاجة المصلين إلى كراسي في قاعة الصلاة فأجبته على الفور ومن دون تردد: لسنا بحاجة إلى الكراسي، وأخبرته بأننا نصلي جلوسًا على السجاد.

وبعدها بيوم استأذنني أن يجلب مأكولات وشرابًا للمصلين بعد أداء صلاة العيد، فقلت له على الفور ومن دون تردد: لا يوجد مانع لدينا إذا تأكد خلوها من المأكولات والأشربة المحرمة من لحم الخنزير والمسكرات.

وقبل العيد بيوم، اتصل بي القسيس "جونسون" وطلب إليّ نسخة من خطبة العيد؛ لكي يوزعها على المصلين، فبعثت له نسخة على الفور ومن دون تردد.

في ليلة العيد بتاريخ 23 أكتوبر 2006م وبعد جميع تلك الاستعدادات، اتصل بي القسيس "جونسون" ليخبرني أن تصريح الجيش الكويتي لم يصل إليهم بعد، ويطلب إليّ التأجيل. فقلت له على الفور ومن دون تردد: لا ضير، أنا جاهز لأي مناسبة أخرى للمسلمين وغير المسلمين في معسكركم.

الخلاصة أخي السائل: الموافقة على الفور ومن دون تردد على عمل خيري، تحفز النفس بقوة وتجعلها أكثر ثقة بالله ثم بالنفس والآخرين.

أسأل الله أن ينفع بك، وأن يجعلك ممن تساهمون في عمل الخير، وتُدخل السرور والفرحة على الناس وترسم البسمة على وجوههم، وأن يكون ذلك خالصًا لوجه الله.