الإستشارة - المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
- القسم : العبادات
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
239 - رقم الاستشارة : 1985
18/05/2025
هل يجوز الجمع بين الحج وبين أعمال الدنيا كالتجارة والعمل وغير ذلك ؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فلا مانع شرعًا من الجمع بين أعمال الحج والتجارة أو العمل أو العلم أو غيره من المباحات، المهم هو أداء أركان الحج المعروفة مع النية، وإن كان الأَولى هو التفرغ للعبادة في هذه الأيام المباركات، لكن إن تعذر ذلك فلا بأس ونسأل الله القبول.
يقول الله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِندَ المَشْعَرِ الحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ﴾ [البقرة: 198].
جاء في تفسير السعدي – رحمه الله -:
لما أمر تعالى بالتقوى أخبر تعالى أن ابتغاء فضل الله بالتكسب في مواسم الحج وغيره ليس فيه حرج إذا لم يشغل عما يجب إذا كان المقصود هو الحج وكان الكسب حلالاً منسوبًا إلى فضل الله لا منسوبًا إلى حذق العبد والوقوف مع السبب ونسيان المسب فإن هذا هو الحرج بعينه.
ويقول القرطبي – رحمه الله -:
ولما أمر تعالى بتنزيه الحج عن الرفث والفسوق والجدال رخص في التجارة، المعنى: لا جناح عليكم في أن تبتغوا فضل الله، وابتغاء الفضل ورد في القرآن بمعنى التجارة، قال الله تعالى: ﴿فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾، والدليل على صحة هذا ما رواه البخاري عن ابن عباس قال: كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقًا في الجاهلية فتأثموا أن يتجروا في المواسم فنزلت: ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج.
وإذا ثبت هذا ففي الآية دليل على جواز التجارة في الحج للحاج مع أداء العبادة، وأن القصد إلى ذلك لا يكون شركًا ولا يخرج به المكلف عن رسم الإخلاص المفترض عليه، خلافًا للفقراء. أما إن الحج دون تجارة أفضل، لعروها عن شوائب الدنيا وتعلق القلب بغيرها.
روى الدارقطني في سننه عن أبي أمامة التيمي قال قلت لابن عمر: إني رجل أكري في هذا الوجه، وإن ناسًا يقولون إنه لا حج لك، فقال ابن عمر: جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فسأله مثل هذا الذي سألتني، فسكت حتى نزلت هذه الآية: ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فقال رسول الله ﷺ: إن لك حجًّا
ويقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي – رحمه الله – في فتوى مشابهة:
الحديث الصحيح يقول: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" والعبرة هنا بالأصل والغالب، فإن كان الدافع الأصلي له هو الحج، فلا حرج عليه أن يريد التجارة معه، ويجمع بين الأمرين: الحج والتجارة مثل الناس الذين يذهبون للحج في بعثة (البعثة الطبية) أو البعثة العامة تختاره الدولة للذهاب، هو سيقضي هذا الأمر ويقضي الحج معه، كما قال تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ﴾ [البقرة: 198]
كان بعض الصحابة يرى أن الحج لا يجوز للإنسان أن يتاجر فيه أو يدخل فيه السوق أو نحو ذلك، فربنا بين لهم أنه لا مانع من هذا فهو حسب نيته، إذا كانت نيته الأصلية الحج فيأخذ ثواب الحج كاملاً، وإن كانت نيته العمل الآخر ولكن جاء للحج تبعًا، فيأخذ على قدر ما له من نية في الموضوع إن شاء الله، والله تعالى أعلم بالسرائر، وهو عليم بذات الصدور.
والله تعالى أعلى وأعلم