كيف أختار أزواجًا لبناتي؟

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
  • القسم : العائلة الكبيرة
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 112
  • رقم الاستشارة : 2762
22/09/2025

السلام عليكم ورحمة الله..

أنا والد لثلاث فتيات في سن الزواج ولدى ابنة كبرى مطلقة.. أريد أن أعرف ما هي اختيار معايير الخاطب حتى لا تتكرر مشكلة ابنتي الكبرى التي أصرت على الزواج من هذا الشخص الذي كنت أرفضه ووافقت تحت ضغط منها.. وهل الفتاة عديمة الخبرة تستطيع أن تقرر مثل هذا القرار الخطير؟ فأحيانا يرى الأهل ما لا تراه الفتاة.

وفي الوقت ذاته فتجربة ابنة أخي التي طلقت هي الأخرى ماثلة أمام عيني، والفتاة ضغط والدها عليها للقبول بخاطب كان يراه مناسبًا وانتهى الأمر أيضا للطلاق.. الحقيقة إنني مضطرب وقلق جدا من المستقبل.

الإجابة 22/09/2025

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أخي الكريم، وأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك في موقعك البوابة الإلكترونية للاستشارات...

 

أريدك ألا تقلق أبدًا من المستقبل؛ لأن المستقبل بيد الله تعالى، أريدك أن توقن بهذا من أعماق قلبك أنه لا تدري نفس ماذا تكسب غدا، فهون عليك -يا أخي الفاضل- فالقلق آفة العصر الحديث، وهو سبب رئيسي للإصابة بكثير من الأمراض الجسدية المزمنة.

 

وأنت بقلقك -أخي- كأنما ترسل إشارة لمنطقة في المخ يطلق عليها اللوزة الدماغية، وهي منطقة صغيرة للغاية بحجم حبة اللوز مسئولة عن الشعور بالخطر، وعندما تحفزها تبدأ هذه المنطقة بالتأثير على الجهاز العصبي السبمثاوي فيبدأ إفراز الكورتيزول الذي يزيد من إفراز السكر في الدم ويوقف عملية الهضم، وتبدأ تشعر بأعراض القولون العصبي، ويتم أيضًا إفراز هرمون الأدرينالين الذي يقوم بتسريع ضربات القلب ويرفع ضغط الدم ويزيد من تدفق الدم للعضلات..

 

والجسم في هذه الحالة يتعامل أنه في وضع خطر، واستمرار هذا الوضع لمدة طويلة يصيب الإنسان بالأمراض الجسدية والنفسية كأن هناك جهاز إنذار يعمل طيلة الوقت، وهذا يؤدي بدوره لتنشيط اللوزة الدماغية فتصبح بالغة الحساسية، وتعتبر كثير من الأمور البسيطة كأنما علامات خطر كبيرة ويدخل الإنسان في دائرة مفرغة..

 

لذلك -يا أخي الكريم- علينا أن نتعامل مع مشاعر القلق هذه ونقوم بتفكيكها أولاً قبل الحديث عن شروط ومعايير الخاطب الذي تقبل به.

 

القلق والدين

 

أخي الفاضل، لا يوجد علاج للقلق أفضل من العلاج الإيماني، فبمقدار عمق الإيمان في القلب يشعر الإنسان بالهدوء والسكينة؛ لأنه يوقن أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه فيطمئن قلبه لأنه يوقن أن الله هو الرزاق، ومن أكثر الأمور التي تساعده على السكينة الذكر العلاجي الذي يرمم الروح الجريحة ويطمئن القلوب التي يسكنها الخوف.

 

أخي الكريم، أثبتت الأبحاث العلمية أنه من الممكن أن تعود هذه اللوزة لحجمها الطبيعي ونشاطها الطبيعي عند ممارسة التأمل (ولا شك أن الصلاة الخاشعة تحقق أقصى درجات التأمل)، وأيضًا عندما يقوم الفص الجبهي بدوره في مناقشة الأفكار التي استدعت الخوف والقلق وهذا ما يقوم به العلاج المعرفي السلوكي (وهو ما يتحقق من الإيمان بالقدر خيره وشره وما يتضمنه من أفكار ومعتقدات).

 

أخي الكريم، أنت قلق من سوء اختيار أزواج المستقبل لبناتك والإجابة ببساطة اعقلها وتوكل، فلا داعي للقلق لأنك لست وحيدًا في هذا العالم.

 

ضوابط ومعايير

 

أخي الكريم، فلنتوكل على الله سبحانه وتعالى ونوقن أنه سيرزق بناتك بالأزواج الصالحين وندعوه بذلك بعد كل صلاة، ثم نأخذ بأساب نجاح الزواج وبالشروط والمعايير التي على أساسها سوف يتم تقييم الخاطب، ثم نستخير الله ونتوكل عليه دون أن تجرحنا مشاعر القلق.. وإليك أخي الفاضل بعض الضوابط والمعايير التي تساعدك على الاختيار.

 

* قرار قبول خاطب أو رفضه هو قرار مشترك بين ولي الأمر والابنة، فلا بد في البداية من قبول الولي بالخاطب بعد أن يسأل عليه جيدًا.. يعرف هل هو صاحب خلق ودين؟ هل هو صاحب سمعة طيبة؟ هل عائلته أسرة طيبة لأنهم سيكونون أعمامًا وأجدادًا لأحفادكم ولأن هذا الخاطب بشكل أو بآخر يتأثر بعائلته.. بطريقة التنشئة فيها.. بالقيم السائدة.. بشكل العلاقات فيها وهذا هو الأساس الأول، فعندما يأتي ولي أمر ويقول لقد اكتشفنا كذا وكذا بعد الزواج وتكون هذه معلومات متاحة لمن يبحث جيدًا فلا يلومن إلا نفسه..

 

وقريبا جاءتني استشارة تقول فيها الزوجة إن زوجها من محافظة أخرى بعيدة وإنها اكتشفت أنه متزوج في محافظته ولم تعلم هي إلا بعد عقد الزواج، فأين كان وليها من معلومة مهمة كهذه، حتى لو كان الخاطب لن يسكن في محافظته الأصلية لا بد من السفر إليها ورؤية البيت الذي نشأ فيه وطبيعة الحياة هناك.. والسؤال الجاد عنه وعن عائلته هذا هو واجب ولي الأمر.. ويتأكد الأمر إذا كانت الابنة ستنتقل من محافظتها لمحافظة الزوج لاختلاف العادات والتقاليد وطرق المعيشة، فلا يكفي خلق الشاب ودينه في هذه الحالة بل لا بد من المصارحة والوضوح حتى لا تقع الفتاة تحت تأثير الصدمة الاجتماعية.

 

* الأمر الثاني الذي يتوجب على ولي الأمر البحث عنه بعد خلق الشاب ودينه وعائلته وطبيعة المكان الذي سوف يعيش فيه هو الاطمئنان على قدرته المالية.. هل يستطيع أن يفتح بيتًا أم لا؟ هل ستعيش ابنته في نفس المستوى المادي الذي اعتادته أو قريبًا منه أم لا؟ وهذا السبب إن لم يتم التحري عنه جيدًا يكون له ثمن باهظ فيما بعد..

 

قد يكون الخاطب من عائلة ثرية ستقدم له مصروفات الزواج ولا بأس في ذلك، لكن لا بد أن يكون له عمل خاص يستطيع به أن ينفق على البيت لا أن يعتمد على تمويل عائلته لنفقاته هو وزوجته؛ لأنه في هذه الحالة لن يمتلك قراره أبدًا وسيظل تابعًا لعائلته، والقصص المأساوية لأزواج يعتمدون ماديًّا على عائلتهم مروعة.. يكفي أن ابنتك ستشعر أن زوجها غير مكتمل الرجولة أبدا.

 

وترتبط بهذه النقطة أن يتأكد ولي الأمر أن هذا الخاطب ليس بخيلاً، ويفيده أيضًا سؤال دوائر قريبة من الشاب مع استخدام منهج الملاحظة معه، وأن هذا الخاطب ليس طامعًا خاصة عندما يكون ولي الأمر ثريًّا ومن المنتظر أن ترث ابنته من بعده ثروة جيدة أو عندما تكون الفتاة موظفة ولديها دخل خاص بها، فكثير من الخاطبين يكون طامعًا في راتب زوجته بالمعنى الحرفي للطمع وهو أمر يختلف عن المشاركة الطوعية للزوجة والتي لا يستخدم فيها سيف الحياء (نموذج الست الأصيلة التي يجب عليها المشاركة براتبها كله).

 

الخلاصة لا بد لولي الأمر من تقييم الخاطب من الناحية المالية، وقد يقبل بشاب فقير لكنه كريم وطموح، ويرفض ابن العائلة الثرية لأنه كسول وبلا شخصية.

 

* إذا اجتاز الخاطب هذه المرحلة ووافق عليه ولي الأمر ورأى أنه يستحق أن يمنحه ابنته المؤنسة الغالية هنا يكون دور الفتاة في القبول والرفض، وهناك أمران أساسيان لقبولها أو رفضها..

 

الأمر الأول هو شعورها بتآلف روحي نفسي معه (تطلق عليها الفتيات كيميا)، إنه ذلك الشعور والانطباع الأولي عندما تلتقي بإنسان لأول مرة.. نعم قد يكون غير صحيح، وقد يحتاج هذا الإنسان لفرصة ثانية لكنه يبقى نقطة غاية في الأهمية.

 

الأمر الثاني هو تقييمها لشكله وهيئته ومدى إعجابها به من هذه الناحية الشكلية، وهو أمر حساس ولكنه خطير، فمن حق الفتاة تمامًا أن تكون مقتنعة وراضية تمامًا مثلها مثل الشاب الذي لا بد له من الرضا عن شكل ومظهر زوجته المستقبلية.. بعض البنات يخجلن من إبداء هذا السبب كمبرر للرفض، ولا بد أن يتفهم ولي الأمر لهذه النقطة ولا يضغط عليها لمعرفة سبب رفضها.. أقصى ما يمكن أن يطلب منها أن تجلس معه مرة أخرى فلربما تغير رأيها الأولي وربما إذا ذاب الجليد بينهما بعض الشيء تراه بصورة أفضل.. لأنه إذا تم الضغط على فتاة للقبول بشاب لا تشعر بالانجذاب نحوه لما له من مميزات أخرى دينية أو دنيوية فغالبًا ما سيكرس ذلك لمشاعر الفتور والرتابة وربما ما هو أسوأ.

 

* الرفض بسبب الشكل هو رفض مشروع، فزوجة ثابت بن قيس لم تعتب عليه في خلق أو دين وإنما هي رفضته بسبب شكله ومظهره (كنت أرفع الخباء فأراه مقبلاً في القوم أقصرهم قامةً، وأقبحهم منظرًا).. هنا حدث لون من المقارنة التي لم تكن في صالح ثابت، ونحن في عصر ثقافة الصورة الكثيفة والسماوات المفتوحة، ومهما التزم الجنسان من غض للبصر فإن ثقافة العصر تترك أثرها.. نعم لا بد للشاب أو الفتاة أن يدركا أن هناك فارقًا كبيرًا بين الواقع وبين الصور على الشاشات وألا يرفعا من سقف توقعاتهما كثيرًا وأن يكون هناك لون من الواقعية في الرؤية لأنهما هما أيضًا يخضعان لنفس التقييم، لكن يبقى خيار تقييم الشكل أحد الأمور المعتبرة في قبول الخطبة أو رفضها.

 

أرجو أن أكون قد أجبت عن سؤالك بشكل واضح ويسعدنا تواصلك معنا مرة أخرى.. أسعد الله قلبك ورزق بناتك أزواجًا صالحين ومنحكم جميعا راحة البال.

 

روابط ذات صلة:

حائرة بين خاطبين.. ضوابط الاختيار

الزوج الصالح.. اختيار وقدر!

الرابط المختصر :