زوجي ظلمني وأخذ مالي.. كيف أنجو؟

<p>أشعر بالظلم بعد أن ضحيت بعملي ومدخراتي لأجل زوجي، قصتي طويلة، أنا فتاة مهندسة كنت أعمل بوظيفة مختلطة، تعرفت على شخص طلب يدي وطلب مني أن أترك عملي بحجة أنه يغار ولا يستطيع أن يراني أتكلم مع رجل آخر.</p> <p>تركت العمل، وخلال فترة الخطوبة لم أر منه إلا الكرم واللطف، وأيضًا عرف بالصدفة أن معي مبلغًا من المال، وليس مبلغًا بسيطًا، حوالي 50 ألف دولار، كان هذا المبلغ أتعابي وادخارًا من عملي في السابق اشتريت قطعة أرض بتشجيع منه، وتم تسجيلها باسمي.</p> <p>المشكلة أنه كان كل ما يعمل به يصرفه عليّ في فترة الخطوبة، وكان سخيًّا جدًّا، وفي يوم طلب مني عربونًا على قطعة أرض أخرى، وأخذ المبلغ ولم يتكلم عنه، وكلما أسأله يغير الحديث، قبل الزواج بأشهر كان قد أخذ مني معظم المبلغ المتبقي بحجج مختلفة، وكنت أقول في نفسي لقد كان سخيًّا جدًّا عليّ تم تحديد موعد الزفاف مسبقًا في بداية الخطبة.</p> <p>لكني تفاجأت بأن خطيبي طلب مني بيع قطعة الأرض، لم أقبل، فظل يقنعني بأن الزواج سوف يتأجل، وأن موقفه سيكون محرجًا أمام أهلي، وأنني أعرف أن عمله جيد وسوف يعيد لي كل أموالي، إنني أبكي وأنا أكتب، أخذ ثمن قطعة الأرض، وكان قد كذب علي بأنني لن أخسر بها، وتفاجأت يوم التنازل بأن سعر البيع أقل من السعر الذي اشتريتها به بعد البيع، اشتريت من ثمن الأرض الذهب، وأقمنا الحفل وكل شيء.</p> <p>&nbsp;بعد زواجي حدثت حرب غزة، وأنا من سكان الضفة، وقام زوجي ببيع كل ذهبي لأن العمل قل، ليس فقط عليه وإنما على الجميع.</p> <p>لدي بداية اكتئاب، فقد كنت أعمل وأجني المال الجيد، وكنت أعيش وأصرف المال وألبس وأخرج وأدخر، أما الآن فلا أملك شيئًا غير ابني الصغير الله يحميه يا رب وزوجي، فرغم كل ما فعله معي فإنه يعمل عملًا متعبًا جدًّا في الحديد رغم أن معه شهادة جامعية، ويتعب ليحضر ما أحب أنا وطفلي.</p> <p>ماذا أفعل حتى أحصل على الطمأنينة والراحة النفسية، أعلم أن المال ليس كل شيء في الحياة، وأعلم أن زوجي يتعب حتى يجعلني مرتاحة في البيت أنا وطفلي، ولكن والله أحس بظلم، وأحس أنني أنا من ظلمت نفسي، أفيدوني رجاءً.</p>

أختي الكريمة، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك في موقعك بوابة الاستشارات الإلكترونية، وبعد..

 

يقولون إنه لا فائدة حقًّا من البكاء على اللبن المسكوب، فما حدث قد حدث ولن يفيد اللوم والعتاب وجلد الذات في أمر قد مضى وانتهى بالفعل، ونحن الآن أمام واقع جديد تشكل لا بد من التعامل معه بحنكة وذكاء وأخذ الوقت الكافي لاستيعابه حتى تحصلي على الطمأنينة والسكينة والراحة النفسية.

 

الشيطان –غاليتي- يحب أن يحزن الذين آمنوا وله في مسالك عديدة ومسارات شائكة يأتي على رأسها إشعار المؤمن بالندم على ما اتخذ من قرارات وتخيل سيناريوهات بديلة للأحداث، فيقول الإنسان لنفسه لو أني فعلت كان كذا وكذا. ولكن علينا أن نقول كما علمنا النبي ﷺ: "قدر الله وما شاء فعل". وأما السبب فقد بيّنه النبي ﷺ في نفس الحديث "فإن لو تفتح عمل الشيطان"، فتوقفي عن لوم نفسك وتصور سيناريوهات بديلة.

 

 مسرف أم طماع؟

 

كل ما يجب أن يشغلك من تجربتك السابقة هو تحليل شخصية زوجك، هل كان طامعًا في مالك يتلاعب بك كي يحصل على المال بأي طريقة؟ هل وضع مخططه بمجرد أن عرف بما تمتلكينه من مال فسعى أولا للإنفاق عليك ببذخ حتى تأمني له ثم سعى للاستحواذ على المال تدريجيًّا حتى حصل عليه بالفعل؟

 

في رأيي أن هذا التفسير غير صحيح؛ لأنه سعى أولاً كي تتركي العمل الذي يدر عليك دخلاً عاليًا، فمن مصلحته كرجل طماع أن يتركك تعملين.. أيضًا هذه النوعية من الرجال الطامعين في المال يتهربون من زوجاتهم بعد الحصول عليه أو على أقل تقدير يقترون عليهم ويسببون لهم المشكلات، وغالبًا ما يمارسون سلوكيات مسيئة، وهذا لم يحدث مع زوجك، فهو يعمل عملاً مجهدًا حتى يستطيع تحقيق مستوى معيشي لائق ويشتري لك وللطفل ما تحبون.. يتعب كي تكوني مرتاحة في البيت أنت وطفلك.

 

زوجك -يا غاليتي- رجل مسرف فأثناء فترة الخطبة كان ينفق عليك كل ما يعمل به، وهذا ليس كرمًا بل هو إسراف وسوء إدارة مالية وعدم استبصار بعواقب الأمور، وما أنفقه عليك جعل لديه حالة من "العشم" الزائد، فعلى نحو ما هو ينتمي لنوعية من الرجال يعتبرون أن مالي ومال زوجتي واحد أنفق عليها كل ما أملك ثم آخذ منها ما أحتاج إليه، هكذا ببساطة ودون تعقيد، ومع ما حدث أيام كورونا ثم ما حدث في حرب غزة تم اجتياح مالك كله.

 

أختي الفاضلة، لا شك أن الزوج المسرف الذي لا يحسن إدارة الشئون المالية لديه خلل كبير (أكبر دليل عل سوء إدارته المالية أنك خسرت في بيع الأرض)، ولا شك أن منهجه في عدم احترام ذمتك المالية أو أخذ المال منك بسيف الحياء أمر غير جيد بل هو خاطئ تمامًا.

 

لكن هذه كلها أخطاء يمكن التعامل معها مهما كانت صعبة، أما الرجل الطماع فهو شخص خبيث لا يمكن الثقة فيه، والحياة معه لن تحقق لك أي لون من الأمان؛ فاحمدي الله أنه ليس كذلك.

 

ماذا تفعلين؟

 

في البداية وحتى تستطيعي التفكير بشكل هادئ عليك أن تقولي من كل قلبك قدر الله وما شاء فعل، وعندما تتذكرين مالك قولي إنا لله وإنا إليه راجعون، وفي الحديث: "ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرًا منها، إلا آجره الله من مصيبته، وأخلف له خيرًا منها".

 

أكثري –غاليتي- من الذكر حتى يطمئن قلبك.. أكثري من الصلاة على النبي حتى يفرج الله همك ويقضي حاجتك.. أكثري من الاستغفار فيأتيك الرزق الوفير.. اقرئي القرآن حتى يكون ربيع قلبك ولا يدع للشيطان فيه مكانًا يوسوس لك فيه.

 

إذا شعرت بالغضب والإحباط فجربي أن تكتبي ما تشعرين به على الورق فهذا يحقق لك تفريغًا انفعاليًّا فوريًّا بدلا من تراكم مشاعر الإحباط في قلبك.

 

ثم ابدئي بالأخذ بالأسباب، ومن ذلك:

 

* أقنعي زوجك أن تقومي أنت بإدارة ميزانية الأسرة وضعي بندًا للادخار مهما كان صغيرًا، وهذا البند سيكون من أجل الطوارئ، ولكن لا تخبري زوجك بذلك.. خذي إذنًا عامًّا بالإدارة دون الدخول في التفاصيل.

 

* يمكنك التفكير في العمل مرة أخرى.. ابحثي عن عمل غير مختلط.. أو فكري في العمل الحر عبر الإنترنت.. لديك خبرة جيدة ويمكنك صقل مهاراتك عبر بعض الكورسات.. تحقيق دخل خاص بك سيمنحك المزيد من الشعور بالسيطرة على حياتك وأيضًا سيعوض لديك شعور خسارة المال السابق.. فقط تنبهي فعليك أن تتحدثي مع زوجك بصراحة وشفافية وتؤكدي له امتنانك لجهده وتعبه لكنك بحاجة أن تشعري أن لديك ذمة مالية خاصة بك، وهذا المال ليس للإنفاق وإنما هو مالك الشخصي الذي لن تنفقيه إلا في حالات الطوارئ.

 

* وأخيرًا، أوصيك أختي الكريمة بالحفاظ على مكتسباتك الحقيقية والثمينة والتي لا تعوض بثمن، أعني زوجك وطفلك.. احمدي الله من قلبك على زوج محب يريد لك السعادة وطفل جميل يمنحك شعور الأمومة.. لا تقللي أبدًا من قيمة ما تملكين والذي لا يقدر بمال، وابذلي جهدًا في تطوير علاقتك بزوجك وفتح صفحة جديدة معه، وابذلي جهدًا في رعاية طفلك وإشباعه عاطفيًّا، وأنت لن تستطيعي تحقيق ذلك طالما أن الحزن يشغل قلبك والأفكار القلقة تشغل عقلك.. أنت إنسانة قوية قادرة على وقف هذه المشاعر والأفكار، فاستعيني بالله تعالى واستعيذي من همزات الشياطين وانطلقي في حياتك.. أسعد الله قلبك وبارك في طفلك وأصلح بينك وبين زوجك.