<p style="direction: rtl;">أبذل جهدي في دعوة الناس؛ أُعلّم، أُذكّر، أُرسل الرسائل الطيبة، أزور المرضى، أتكلم بالحكمة، أتكلم بالحكمة، لكني أرى القليل فقط ممن يستجيب، وأحيانًا لا أرى أي ثمرة! في داخلي حزن، وسؤال: هل أنا فاشل في دعوتي؟ وهل هذا يعني أن الله لم يُرد بعملي خيرًا؟</p>
أخي السائل الكريم: يا صاحب القلب الرحيم، اعلم أن مهمتك في الدعوة ليست أن تُغيّر القلوب، ولكن أن تبلّغ وتزرع، أما الهداية فبيد الله وحده، قال الله جل جلاله: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص: 56]، وقال تعالى: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ} [الغاشية: 21، 22].
واستمع لما يُذكر أخي المبارك: إن معيار النجاح في الدعوة، ليس بكثرة المستجيبين، بل بصدق العمل، وليس كل نبي آمن به قومه! فهذا نوح عليه السلام: بقي تسع مئة وخمسين سنة، وما آمن معه إلا قليل، والنبي محمد ﷺ خرج من الطائف والدم يسيل من جسده الشريف، ومع ذلك قال: "إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي، وهذا سر من أسرار الدعوة:
* قد يكون عملك اليوم سببًا لهداية إنسان بعد عشر سنوات.
* قد تكون كلمتك البسيطة هي ما تُكتب في صحيفة حسناتك إلى يوم القيامة.
* الله يرى تعبك، وإن لم يره الناس، والله لا يُضيع أجر من أحسن عملا، قال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 143].
وإليك بعض الخطوات العملية لتجاوز الشعور بالإحباط:
* جدّد نيتك باستمرار، واذكر الله كثيرًا ليطمئن قلبك.
* ركّز على البذل لا الحصاد، فالحصاد لله.
* دوّن النعم التي أكرمك الله بها، فوجودك في سلك الدعاة شرف.
* شارك همّك مع أهل الدعوة الصادقين، لتُشحذ عزيمتك.
وأنصحك ختامًا بالآتي:
1. لا تقيّم دعوتك بعدد المستجيبين، بل بثباتك على الحق.
2. ازرع وابذُر: فرب دعوة خفية تسري في قلب أحدهم وأنت لا تدري.
3. تذكّر أن الله يُحصي كل نفس دعوت به، وكل كلمة حقٍّ قلتها.
4. امشِ على خطى الأنبياء، وارضَ أن تكون مجرّد باعثٍ للحق، حتى لو لم يُسمع.
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يمنّ علينا وعليك بخشيته في السر والعلن، وأن يرزقنا الإخلاص والعمل الصالح.