<p>هل الأصل في الشريعة أنها للتيسير أو للتشديد، وما الأدلة على ذلك، بعض الشباب يرى أن المسلم الحقيقي هو الذي يأخذ الناس بالشدة ، وأن التيسير معناه التفريط ، فما رأيكم دام فضلكم</p>
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فالأصل في الشريعة الإسلامية التيسير لا التعسير، والتبشير لا التنفير، يقول الله تعالى ﴿...يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [البقرة: 185]، والتيسير يكون في الفقه والتبشير يكون في الدعوة، ويقول النبي ﷺ "يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا".
لكننا نقصد هنا التيسير المنضبط بضوابط الشرع، وليس التيسير الذي يُبنى على الأهواء، وقاعدة المشقة تجلب التيسير من القواعد الفقهية الأساسية الكبرى، وهي محل اتفاق عند جمهور الفقهاء من أهل السنة والجماعة، وعليها أدلة كثيرة من القرآن والسنة واتفاق الفقهاء، نذكر من هذه الأدلة على سبيل المثال لا الحصر:
يقول الله تعالى: ﴿.... يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [البقرة: 185].
ويقول تعالى: ﴿.... مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة: 6].
ويقول تعالى: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ ....﴾ [الحج: 78].
ويقول تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى المَرِيضِ حَرَجٌ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ [الفتح: 17].
ومن السنة المطهرة:
1- روى الشيخان عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ﷺ قال: "يسروا ولا تعسروا وبشروا ولاتنفروا".
2- وروى الشيخان بسندهما عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: "ما خُيِّر النبي ﷺ بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه".
3- وروى مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال وقف رسول الله في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه فجاء رجل فقال يا رسول الله لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح؟ فقال اذبح ولا حرج ثم جاءه رجل آخر فقال يا رسول الله لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي؟ فقال ارم ولا حرج. قال: فما سُئل رسول الله عن شيء قدم ولا أخر إلا قال افعل ولا حرج.
وروى الشيخان وغيرهما من حديث أبي هريرة وغيره "وإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين".
قال العلماء: يتخرج على هذه القاعدة جميع رخص الشرع وتخفيفاته، مثل:
1- قصر الصلاة وجمعها في السفر والمطر.
2- عدم فرضية الجمع والجماعات في السفر.
3- ترك الحائض والنفساء للصيام والصلاة.
4- إفطار المسافر في رمضان وقضاء الأيام في غير السفر.
5- أكل الميتة وشرب الخمر للمضطر.
6- التعامل بالربا للمضطر.
7- التيمم لمن لا يجد الماء أو لا يقدر على استعماله.
8- الصلاة قاعدًا أو راقدًا لمن لا يستطيع القيام.
9- دفع الفدية لمن لا يقدر على الصيام، مثل: المريض أو المرأة المرضع أو الحامل أو الشيخ الكبير في السن الذي لا يقوى على الصيام.
والله تعالى أعلى وأعلم.