<p>عندي موضوع شاغل بالي، أنا كنت أحب شخصًا من سنة، وكل ما أفتح معه موضوع الزواج يتهرب، ذاك اليوم دعوت من قلبي إذا فيه خير قرّبه لي وإن كان شر أبعده عني، وما كملت ساعة إلا وأنا أفتح إنستقرام أشوف عرس الشخص اللي أحبه، طلع متزوج من كم شهر وما خبرني صارت صدمة لي وفي نفس الوقت تقدم لي رجل ذو خلق لكنه غريب عني وما أعرف عنه شيء، هو الآن يريد الزواج وأنا محتارة جدًا، ما أعرف شو أسوي، أحتاج نصيحة أحد يرشدني.</p>
ابنتي الحبيبة، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك في موقعك بوابة الاستشارات الإلكترونية.. لقد دعوت الله بصدق وتكشفت لك حقيقة الرجل الذي كنت تظنين أنك تحبينه فلم يكن فيه خير ﴿وعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.
ولو كان فيه خير لتقدم للزواج منك لكنه كان يتهرب من الحديث عن الزواج، وهذه دلالة واضحة على سوء النية وعدم الصدق بل وعدم التقدير، وفي النهاية ذهب وتزوج وشارك صور عرسه دون أن يأبه بك أو بمشاعرك، فمثل هذا الرجل لا خير فيه، ولو أنك كنت تزوجت منه فإنه كان سيتسهلك مشاعرك لأنه شخصية متلاعبة، وهذه الشخصيات مرهقة جدًّا، فقولي الحمد لله رب العالمين من قلبك أن نجاك منه.
استقرار المشاعر
ابنتي الكريمة، أعلم أن قلبك يؤلمك فلقد تعلق بهذا الرجل الذي خذلك، ولقد كان تهربه من الزواج بك إشارة عقلية واضحة تحذرك منه، لكن أحيانًا كثيرة ما تخدعنا مشاعرنا وتتجاهل كل الإنذارات الحادة التي يلوح بها العقل، وحتى بعد أن انتهت هذه القصة ورغم خذلانه لك ما زالت المشاعر تصدر إشارات مشوشة لك، وهي بحاجة لثلاثة أمور حتى تستقر:
* مناقشة المشاعر، فالأفكار الصحيحة تصلح المشاعر تدريجيًّا وهذا أساس العلاج المعرفي السلوكي.. وما تطلقين عليه حب قد يكون مجرد تعلق؛ فالحب الحقيقي يكون متبادلاً، والحب الحقيقي يجعلنا نسعى لوضع هذه المشاعر في علاقة مشروعة، والحب الحقيقي يعتمد عى الصدق لا الخداع، ومن ثم ففي اعتقادي إنه لم يكن حبًّا بل مجرد تعلق في علاقة سامة.
* الوقت الكافي، فهذه المشاعر أخذت وقتًا كي تتكون، وبالتالي هي بحاجة للوقت أيضًا حتى تتفكك فلا تتعجلي عملية التفكيك حتى لا تترك رواسب على قلبك.
* أن تنشغلي بأمور نافعة تمثل استبدالا وإحلالا للأمور التي تشغل بالك (ممارسة هواية – التواصل مع صديقة – الذهاب لصالة الألعاب الرياضية...).
الذكر العلاجي
ابنتي الغالية، أهم ما قد يعيد لك توازنك النفسي هو الذكر والقرب من الله؛ فهذا سيمنح قلبك الطمأنينة التي تسعين إليها ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾، ذكر الله عندما ترددينه وقلبك حاضر سيقوم بعمل إصلاح شامل لنفسك وروحك، فقط ليكن ذهنك حاضرًا وليكن التكرار كثيرًا حتى تتحقق النتيجة المرجوة ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾.
وقومي بتنوع في الذكر بحسب احتياجك النفسي.. استغفري حينًا وسبحي الله واحمديه حينًا.. هللي وكبري وحوقلي، ولا تنسي أن تكثري من الصلاة على النبي قاصدة أن يفرج الله همك واقرئي القرآن واستمعي إليه فهو يشفي ما قلبك من جروح ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾.
التعافي أولاً
ابنتي الحبيبة، لا يدفعك زواج هذا الشخص لاتخاذ قرار مصيري في حياتك على سبيل رد الفعل (هو تزوج وأنا أيضا تزوجت!).. ولا تتصوري أنك إذا تزوجت فإن جراحك العاطفية تُشفى فالعكس هو الصحيح تمامًا، فإن عليك أن تتعافي أولا وعلى جروحك أن تلتئم وحينها تكونين قادرة على الاختيار وعلى الزواج دون أن تؤثر تجربتك السابقة على مستقبلك، وأنت إن اتبعت القواعد الثلاثة التي حدثتك عنها فإن شاء الله تستقر مشاعرك، ثم إذا أكثرت من الذكر والصلاة والدعاء فسوف تُشفى جروحك.
ابنتي، توبي إلى الله توبة نصوحًا فإن كان قد حدث ثمة تجاوز في علاقتك السابقة فاستغفري الله عليه واندمي على ذلك، وعاهدي الله عز وجل ألا يتكرر هذا الذنب ثانية ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ۖ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾، وعندما يتحقق لك ذلك فوقتها ستكونين مستعدة تماما للزواج، بل ثقي وقتها أن الله سيرزقك بالزوج الصالح الذي يسعد قلبك.. رزقك الله الخير كله عاجلاً غير آجل، وتابعيني بأخبارك دائما.