زوجي معتقل وأنا في فتنة.. اهربي فورًا

<p>أنا من القاهرة ومتزوجة في الصعيد.. لي طفل واحد.. زوجي معتقل له عدة سنوات.. وأهل زوجي اشترطوا علي أن أعيش معهم في بيت العيلة حتى ينفقوا علي وعلى ابني وشبه هددوني أنهم سياخذوا الولد لو عدت لأسرتي في القاهرة.. وأنا غير مرتاحة في الحياة في بيت العيلة وكل شغل البيت علي..</p> <p>المشكلة أن لزوجي أخ غير متزوج من نفس عمري أشعر أن نظراته لي غير مريحة (انا لا أرتدي النقاب أمامه) خاصة أنه أحيانا يخلو البيت علينا عندما يكون والده في الأرض ووالدته في السوق.. أجده يتعمد التواجد والحديث غير المريح معي (هو عمله مسائي) أنا لا أتجاوب طبعا في الحديث معه ولكنه يلح حتى أصبحت أشعر بالخوف.</p> <p>طبعا أنا غير قادرة على الشكوى منه وأخشى أن يتهموني أنا، وقلبي لا يطاوعني على ترك ابني وإن أخذته فلن ينفقوا علينا شيئا وعائلتي فقيرة ولست أدري كيف سيستقبلون عودتي.. وطبعا زوجي لا أدري متى يخرج.. أشعر أن الدنيا أصبحت مثل ثقب الإبرة..&nbsp;فماذا&nbsp;أفعل؟</p>

أختي الكريمة، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك على صفحة الاستشارات الإلكترونية الخاصة بمجلة المجتمع.

 

أختي الفاضلة، غادري هذا البيت اليوم قبل الغد.. لو كانت مشكلتك هي مشكلات بيت العيلة المعتادة كأن تتحملي كل مهام المنزل ونحو ذلك لكنت تناقشت معك وقمنا بموازنة المزايا والعيوب ولكنا وضعنا خطة للتخفيف عنك، أما والفتنة تحيط بك إلى هذا الحد فليس أمامك إلا الفرار منها، وتأملي هذا الحديث الذي رواه البخاري ومسلم: "إنَّ الحلالَ بيِّنٌ وإنَّ الحرامَ بيِّنٌ وبينهما أمورٌ مُشتبِهاتٌ لا يعلمهنَّ كثيرٌ من الناس فمنِ اتَّقى الشُّبُهاتِ استبرأ لدِينِه وعِرضِه، ومن وقع في الشُّبهاتِ وقع في الحرامِ، كالراعي يرعى حول الحِمى يوشكُ أن يرتعَ فيه، ألا وإنَّ لكلِّ ملكٍ حمًى، ألا وإنَّ حمى اللهِ محارمُه، ألا وإنَّ في الجسدِ مُضغةً إذا صلُحتْ صلُح الجسدُ كلُّه وإذا فسدتْ فسد الجسدُ كلُّه ألا وهي القلبُ".

 

وأنت –حبيبتي- قلبك خائف مضطرب يستشعر ذبذبات غير مريحة قائمة منذرة بعواصف قادمة؛ لأنه واقف أمام الحمى كالراعي الذي يرعى حوله، فكلاكما يوشك أن يقع فيه.. فماذا تنتظرين؟!

 

الحمو الموت

 

أختي الكريمة، تحدثنا كثيرًا أن بيت العيلة رغم أن الأصل في فكرته جيد جدًّا حيث العائلة الممتدة بما تحمله من معان إنسانية جميلة وحيث صلة الأرحام وحيث التفاعل بين الأجيال، فإنه في صورته التطبيقية يشوبه الكثير من الأخطاء، بدءًا من الظلم في تقسيم المهام المنزلية، مرورًا ببعض المظالم المالية انتهاء بانتهاك بعض الأحكام الشرعية (وهو أكبر الأخطاء ولا شك).

 

وأنت -أختي الكريمة- منتقبة، ومن المعلوم أن النقاب يمثل خلافًا فقهيًّا كبيرًا، ولكن بما أنك قررت ارتداء النقاب فهذا يعني ألا تخلعيه إلا أمام محارمك، وأخو الزوج ليس من هؤلاء المحارم، لكن في بيت العيلة كثيرًا ما يتم اعتباره كذلك حتى يسهلوا الاختلاط، ومن ثم يتم إكراه النساء المنتقبات على خلع النقاب أمامه، ويقال إنما هو أخوك، ويكثر الحديث الودي والمخالطة والمزاح، وهذا كله ما أنزل الله به من سلطان، ولكنه يحدث كثيرًا في بيوت ظاهرها المحافظة والالتزام.

 

وتأملي -أختي الكريمة- هذا الحديث المتفق عليه "إياكم والدخول على النساء. فقال رجل من الأنصار يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت"، لقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم هذا الدخول على النساء من أقارب الزوج المقربين بالموت أو الهلاك لاحتمالية وقوع الفتنة، فما بالك وأنت تستشعرين نظرات غير بريئة وكلامًا غير مريح.. فماذا تنتظرين؟ فري من هذا البيت الذي يسير وفق هذه القواعد فرارك من الأسد، فلا تنتظري أبدًا الوقوع في الحمى حتى تدركي فداحة الموقف.

 

خطوات عملية

 

أختي الكريمة، هناك أكثر من حل سأقدمها لك فاختاري الأيسر لك أو ابتكري حلولاً أخرى تحافظ على نفس المبدأ ألا وهو البعد عن الشبهات

 

* يمكنك أن تأخذي ابنك وتذهبي لزيارة أسرتك وتأخذي معك كل ما تحتاجينه من أشياء وأوراق ثم لا تعودي وأن تتحججي أنك أرهقت وأنك بحاجة أن تكوني وسط أسرتك.. غالبًا سيمنعون المال، يمكنك وقتها أن توسطي طرفًا آخر، سواء من أسرتك أم قريبًا لهم، ويمكنك أن تستشيري محاميًا عن إمكانية رفع قضية نفقة على الجد في حال إصرارهم على موقفهم، وطبعا أنت بحاجة لدعم أسرتك؛ لذلك أنت بحاجة أن تشرحي لهم أن بقاءك وحدك مع رجل أجنبي غير لائق وغير جائز، بالإضافة طبعا لصور الظلم الأخرى التي تعيشين فيها.

 

يمكنك أيضًا في هذه الحالة أن تبحثي عن أي عمل يضمن لك ولابنك الحد الأدنى من الحياة الكريمة (معلمة بالحصة.. معلمة حضانة.. محفظة قرآن للأطفال.. بائعة في متجر ملابس.. تبيعين طعامًا معدًّا منزليًّا أو طعامًا نصف مجهز)، لست أدري مؤهلاتك ولكن يقينًا لك رزق كتبه الله لك، فقط أنت بحاجة للسعي {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ۚ كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}.

 

* لم تعطني معلومات كافية عن عمر ابنك، ولكن من الممكن أن تتركي ابنك في رعاية جده وجدته وتعودي أنت لأسرتك (على الأقل في المرحلة الأولى) حتى ترتبي أوضاعك أولا خاصة من الناحية المادية ثم تأخذيه، ولا أحد يستطيع منعك لأنك أم حاضنة فلا تخافي.. المهم أن يكون ابنك في سن مناسبة وأن تتحدثي إليه وتشرحي له أنه وضع مؤقت لأنك غير قادرة على تحمل الضغظ والظلم في بيت العائلة.

 

* الحل الثالث أن تلتزمي شقتك ولا تنزلي إلا لضرورة وفي وجود والد زوجك أو والدته.. وفي حال مغادرتهم أو نومهم أسرعي إلى شقتك مهما كان لديك من عمل، ولا تخجلي من القول إن أخا زوجك شخص أجنبي ولا يجوز أن تبقي معه وحدكما، ولا تخافي في الله لومة لائم، "لا يمنعنَّ أحدكم رهبةُ الناسِ أن يقولَ بحقٍّ إذا رآه أو سمعه، فإنه لا يُقرِّب من أجلٍ ولا يُباعد من رزقٍ أن يقول بحقٍّ أو يُذكِّرَ بعظيمٍ". وإذا حدث ووجّه أخو زوجك إليك حديثًا أمام والديه فردي بشكل رسمي.. ولا تخلعي النقاب أمامه وإذا عاتبتك حماتك فقولي لها قرأت أو سمعت أنه حرام فليقولوا عنك متشددة، فلا تبالي.

 

ولو اخترت هذا الخيار فاعتبريه خيارًا مؤقتًا؛ لذلك حاولي أن تتعلمي مهارة كالتجارة الإلكترونية مثلاً، والشبكة العنكبوتية مليئة بالدورات والكورسات حتى إذا قررت الابتعاد النهائي يكون لديك مهنة تكفيك وتحفظ لك كرامتك.

 

وأخيرًا، أختي أوصيك بتقوى الله عز وجل واللجوء إليه كي يفرج كربك ويحفظك من كل سوء. فك الله أسر زوجك وحفظك وولدك من كل شر، وتابعيني بأخبارك.