أعطيه راتبي أو أترك الوظيفة.. خيارات زوجي الظالمة

<p>السلام عليكم.. أنا سيدة متزوجة من عدة شهور وهذه هي الزيجة الثانية لي.. زوجي لديه متجر لبيع المنتجات الغذائية وحافظ للقرآن الكريم ويصلي في المسجد، وأنا أعمل ممرضة في مستشفى ملاصقة لمحل سكننا، وعملي في الفترة الصباحية فقط.</p> <p>فوجئت مع أول راتب لي بعد الزواج أن زوجي يسألني عن راتبي، وقال لي إن الحياة مشاركة، وبما أنه هو الرجل فكل المال يكون معه ثم ينفق منه أو يعطيني حسب الحاجة، ولما قلت له إنه لا يحتاج راتبي وأن هذا المال خاص بي قال لي: حسنا لا أريد المال ولا أريدك أن تعملي وطالبني بالاستقالة من عملي الحكومي.</p> <p>وعندما رفضت وقلت له إنه تزوجني وأنا أعمل.. قال لي نعم هو كان يريد امرأة عاملة لأن ظروف المعيشة صعبة، ولكن بما أني لا أريد مساعدته فهو لن يتنازل عن حقوقه وأن هذا العمل يأخذ من وقته ووقت البيت فإما اعطيه المال مقابل هذا الوقت وإما أستقيل وإما الطلاق وأنا خرجت لبيت أهلي غاضبة.</p> <p>أنا لا أريد الطلاق للمرة الثانية وفي الوقت نفسه أشعر أنني أتعرض للاستغلال، خاصة أنه بالفعل لا ينقصه المال..&nbsp;فهل&nbsp;من&nbsp;نصيحة؟</p>

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك أختي الكريمة على صفحة البوابة الإلكترونية للاستشارات الخاصة بمجلة المجتمع..

 

أختي الكريمة، للأسف الشديد مشكلتك هذه أصبحت من المشكلات المتكررة هذه الأيام ولم تكن موجودة في زمن سابق.. كان الشائع أن يطلب الرجل من عروسه ترك العمل للتفرغ للمنزل أو يشترط عليها لو أثر عملها على البيت أن تتركه، وكان هذا يتم قبل الزواج الفعلي، أما أن يتزوجها كونها موظفة وهو طامع في راتبها ثم يقايضها بعد الزواج على أن تعطيه الراتب أو تترك العمل أو يطلقها، فهذا أمر مستحدث، ولكنه للأسف أصبح يتكرر هذه الأيام.

 

المدهش في مشكلتك أن زوجك ليس بحاجة لهذا الراتب فلديه بالفعل مشروع يدر عليه دخلاً جيدًا.. والرجل على قدر من الدين والالتزام وهذا يجعل تحليل ما قام به أكثر صعوبة، خاصة أنه لم يصارحك بنواياه ومخططاته في فترة الخطبة. والحقيقة أنني حاولت جاهدة أن أتلمس له عذرًا فلم أجد (مع اعتبار أن نقلك للحوار بينكما كان دقيقًا.. وعلى اعتبار أنه أيضًا ليس بحاجة للدعم المالي، فهو وإن لم يكن عذرًا فإنه يقلل بعض الشيء من سخافة موقفه).

 

الخروج من البيت

 

أختي الكريمة، لماذا خرجت وتركت البيت، ألا تعلمين أن هذا الخروج خطأ وإثمًا حتى لو ألقى عليك يمين الطلاق (وهو ما لم يحدث)، لا تخرجي من البيت.. {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا}.

 

ما فهمته من رسالتك أنه لم يطردك ولم يخرجك، فلماذا خرجت؟ فخروج المرأة من بيت زوجها غاضبة يجعل محاولة الإصلاح أكثر صعوبة.

 

البحث عن حل

 

في رحلتنا للبحث عن حل سنجد أن نقطة الارتكاز التي قد تصلح للوصول لعقل زوجك وقلبه كونه على قدر من الالتزام، فهو كما ذكرت حافظ للقرآن وقلبه معلق بالمساجد؛ لذلك قد يرتدع إذا خُوِّف بالله تعالى، فبإمكان أسرتك أن توسط بعض الإخوة ممن يصلون معه حتى يشرح له أن محاولته للحصول على مالك بهذه الطريقة الملتوية غير جائز، فلا بد أن تطيب نفسك أولا، سواء كان هذا المال مهرًا أم راتبًا {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا}...

 

فالإسلام منح المرأة ذمة مالية خاصة بها فسمح لها بحرية التملك والبيع والشراء والصدقة وجعل لها نصيبًا من الميراث، وليس من حق أحد من أسرتها أو زوجها أخذ جزء من هذا المال دون رضاها.. ويقولون له إن هذا جزء من فضائل الإسلام التي نفخر بها وجدير برجل مثله أن يثمن ذلك ويستجيب له، ربما يتأثر بعظتهم له ويدرك خطأ سلوكه ويتراجع عنه.

 

خطوة للخلف

 

المشكلة الحقيقية تكمن في أنه سيخبرهم أنه لا يريد المال ولا العمل وهي مناورة منه بالتأكيد؛ فهو يريد المال ويريد العمل، ولكنه يضعك في موقف حرج بهذا العرض؛ لذلك أرى أن تقدمي بعض التنازلات بحيث يقدمها الوسيط في حال إصرار زوجك على موقفه، وهذه نماذج لها:

 

* تقترحين أن تشاركي في تحمل بنود معينة من الميزانية كدفع الفواتير مثلا، بالإضافة لتحملك لمتطلباتك الشخصية.

 

* تقترحين أن تشاركيه بنصف راتبك وتحتفظي بنصفه الآخر.

 

* تقترحين أن تكوني مسئولة عن الميزانية فيدفع لك مبلغًا ثابتًا وتكملي أنت من راتبك.

 

إذا فشلت الوساطة ورفض كل هذه الحلول، فما رأيك أن تمنحي زواجك فرصة وتحصلي على إجازة دون راتب لمدة عام مثلاً، ومن الجيد أنك تعملين في وظيفة حكومية فهذا يجعل الحصول على الإجازة أسهل، ويمكنك قطعها إذا جدّ جديد، ولكن بالطبع لا تقدمي استقالتك.

 

ويمكنك وقتها محاولة إقناعه أن نصف الراتب هو أفضل من اللاشيء، وهو عندما يرى أنه بالفعل مسئول عن الميزانية بالكامل، فهناك احتمال كبير أن يراجع موقفه وسيبدي مرونة في البحث عن حل وسط.

 

 بنك الحب

 

على الرغم من أن هذا الزواج يشبه زواج المصلحة فإنه مع بذل بعض الجهد قد تحدث تحولات واسعة، فزوجك الذى سعى للزواج منك لأنك ممرضة تمتلكين راتبًا أول كل شهر عندما يرى من حسن عشرتك ولطفك واهتمامك وحنانك ما يدفئ قلبه ويجعل لك رصيدًا من العواطف في نفسه يفوق رصيدك المالي.

 

أختي الغالية، أنت بعد لم تتعرفي على هذا الرجل وهو بعد لم يتعرف عليك وما زال الجليد يكلل علاقتكما، ولم تريا في حياتكما الزوجية سوى تلك المشكلة المتعلقة بالمال والراتب، أما رصيدكما العاطفي في بنك الحب فهو رصيد صفري.. والحب ليس سهمًا يلقيه كيوبيد على القلب وإنما هو مواقف صغيرة دافئة واهتمام وانتباه وإنصات ومعاشرة بالمعروف ومحاولة لتفهم الطرف الآخر ومشاعر أمان واطمئنان؛ فامنحي نفسك وامنحيه فرصة لوضع رصيد كاف في بنك الحب.

 

فكري في الأمر بعيدًا عن مخاوفك أن تكوني مطلقة للمرة الثانية؛ فحياتنا هي انعكاس لأفكارنا حتى مشاعرنا تؤثر فيها الأفكار.. فنحي مخاوفك وغضبك جانبًا وفكري فقط في الحصول على الفرصة كاملة لزواج مستقر ودافئ، وهو أمر ممكن خاصة لو تغافلت عما يزعجك أو قللت من مساحته في إطار الصورة الواسعة لحياتك الزوجية.. أسعد الله قلبك وأصلح زوجك، وتابعيني بأخبارك.