<p style="direction: rtl;">أنا مخطوبة لشاب في نهاية العشرينيات يعمل في الإمارات براتب ممتاز.. هو شاب وسيم أنيق لطيف جدا قدم لي مجموعة من الهدايا الثمينة كأحدث نسخة من هاتف آيفون وهدايا ذهبية غير الشبكة الضخمة وفي كل مرة يأتي لزيارتنا خلال عطلته يكون محمل بالهدايا ولو ذكرت أي شيء دون قصد أفاجأ أنه قد اشتراه لي..</p> <p style="direction: rtl;">ما يؤرق هذه الصورة إنه يتعامل مع أمه بغلظة وسخرية أمام الجميع وعندما حدثته في الأمر طلب مني عدم فتح هذا الملف الذي يعتبره خط أحمر بالنسبة له وألمح لي إنه عاش طفولة معذبة بسبب أمه علما أن والده متوفي وليس له إخوة...</p> <p style="direction: rtl;">ما يجعلني أفكر في الانفصال رغم مميزاته الكثيرة التي شرحتها أن آخر مرة كنا مدعوين في بيتهم ودخلت المطبخ أساعدها تطاول عليها باليد فدفعها بخشونة في كتفها عدة مرات وخرج ليرحب بعائلتي وتركها تبكي.. فما رأيكم؟</p>
ابنتي الحبيبة، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك على الشبكة الإلكترونية للاستشارات الخاصة بمجلة المجتمع، وبعد..
فإن رأيي بشكل مباشر وصريح أن عليك الهروب من هذا الخاطب بأقصى سرعة ولا تغرنك الهدايا والذهب والمعاملة اللطيفة والأناقة والوسامة؛ فخلف هذا كله يوجد قلب أسود جاحد ومريض نفسي بحاجة لعلاج أنت لا تستطيعين دفع ثمنه من صحتك النفسية وشخص مرتكب لكبيرة من أكبر الكبائر بعد الشرك بالله: {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}.
الله سبحانه وتعالى يأمر بعد عبادته وحده ببر الوالدين خاصة في مرحلة الكبر، حتى إن سعيد بن المسيب كان يقول عن القول الكريم الذي يتوجه به إلى الوالد إنه يشبه أسلوب العبد المذنب عندما يتحدث إلى سيده الفظ.. إنها جناح الشفقة والرحمة عندما يهبط منه جناح يشبه الذل: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}.
لكن ماذا لو أساءوا إليه صغيرًا؟ ماذا لو أهملوه أو تعاملوا معه بقسوة؟ هل تظنين هذا أسوأ من طلبهم منه أن يشرك بالله وأن يبذلوا كل جهودهم المادية والنفسية حتى يصلوا به لمرحلة الكفر، وعلى الرغم من ذلك يبقى الحكم واحدا: {وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}.. نفس الحكم يا -ابنتي الغالية- المصاحبة بالمعروف مهما كان خطأ الوالدة قديمًا كان أم حديثًا.
خلقه ودينه
ابنتي الغالية، نحن نقيّم الخاطب وفقًا لمعيار أساسي إذا استوفى شروطه ننظر لبقية المعايير الفرعية والمعيار الأساسي هو: "معيار الخلق والدين"، وهو المعيار الذي استنبطناه من قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"، وأنت لم تحكِ شيئًا عن دينه وإنما حكيت عن خلقه، وهو لا شك جزء من الدين، وإنما يتم ذكره كجزء منفصل لما للسلوك والخلق من أهمية شديدة في نجاح الحياة الزوجية.
وما ذكرته عن خلقه مرعب فهو لا يهتم حتى بإخفاء سلوكه المشين تجاه والدته ويسخر منها على الملأ حتى انتهى الأمر بتعنيفه لها بدنيًّا أمامك، وكما ذكرت لك لا شيء على الإطلاق يبرر هذا السلوك الهمجي، لا إهمال الأم ولا إساءات الطفولة، ولا حتى أن تكون امرأة زانية أو كافرة؛ فهذا الخاطب سيئ الخلق بشكل مريع، ولا تظني أنت أن تكوني استثناء وأن يظل يعاملك برقة ولطف، فهو بمجرد زواجه بك وضمانه أنك له بالفعل، ومع أول خلاف يعتقد فيه أنك تقللين منه مثلا سترين هذا الوجه المريع الذي لم يحترم مكانة وقيمة الأم، فلا تتوهمي أن لك مكانة أو قيمة أفضل.
ليلى والذئب
ابنتي الحبيبة، هل تذكرين قصة ليلى والذئب؟ قصة الفتاة ذات الرداء الأحمر التي خدعها الذئب بكلامه المعسول وكاد أن يأكلها في نهاية القصة؟ لقد تذكرتها بشدة وأنت تحكين عن هاتفك الذكي الحديث وهداياك الذهبية ووجهه الوسيم وملابسه الأنيقه وكلامه المعسول، لكن أسنانه بارزة -يا ابنتي- كما الذئب في قصة الأطفال.
ولقد رأيت أسنانه البارزة بأم عينيك، فلا تتجاهلي ما رأيت تحت صخب كل الإغراءات التي يقدمها لك، وإلا فلا تلومي بعد ذلك إلا نفسك ولو كنت تعلقت به قلبيًّا وبنيت أحلام الفتيات الوردية فلا تجعلي عواطفك تقود وعيك.. نعم ستتألمين وستحتاجين وقتًا حتى تخرجي من فخ التعلق الذي ألقاك به، ولكنك في النهاية ستخرجين وتتعافين وتقولين الحمد لله الذي أذهب عني الأذى.
ابنتي الحبيبة، أوصيك أن تكوني قريبة من الله، وأن تجعلي الله شاهدًا على خطواتك، وتأكدي أن من ترك شيئًا لله عوّضه الله خيرًا منه.. يسّر الله أمرك وأسعد قلبك، وتابعيني بأخبارك دائما.