<p style="direction: rtl;">أنا عارفة أن الست لازم تطيع جوزها خصوصا في موضوع العلاقة الزوجية، وأنه لو رفضت تلعنها الملايكة.. طيب أنا دلوقتي بيبقى عندي صديد والتهابات ولو وافقت مرة أرفض التانية عشان بتعب. ومرة جوزي ييجي وأنا قالبة الشقه وبروق، وأحمل بنتي الصغيرة بسبب البكاء والزن، وبعد الفرهدة دي كلها يقولي تعالي فأرفض.. هل عليا ذنب؟ أنا خايفة أوووي والله يكون عليا ذنب بس مش قادرة حقيقي لا نفسيا ولا جسديا.</p>
أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك -أختي الغالية- على البوابة الإلكترونية للاستشارات الخاصة بمجلة المجتمع...
شعرت –غاليتي- بما تعانين منه ووصلني إحساسك تمامًا وشعرت بمشاعر الخشية من الله التي تكنينها في قلبك والتي كانت ربما دافعك الرئيس في الكتابة إلينا، وإن شاء نجد معًا حلاً يريح قلبك ولا يضغط على أعصابك ويجنبك اقتراف الذنوب؛ لذلك أريد منك بعض الوقت تقرئين فيه رسالتي في هدوء بعيدًا عن إدارة أمور المنزل وبكاء الصغيرة بل وبعيدا عن القلق والتوتر النفسي..
أريدك أن تتنفسي ١٠ مرات ببطء وتركزي على تنفسك.. شهيقك وزفيرك، ثم صلي على النبي صلى الله عليه وسلم ودعينا نبدأ.
بين السعادة والإثم
هناك نقطة معرفية غاية في الأهمية لا بد أن تصل لذهنك وتفهميها جيدًا أن الأصل أن العلاقة الزوجية أداة لتحقيق السعادة والإشباع للطرفين؛ فهي من الحقوق الزوجية المشتركة {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ}؛ فالأصل والطبيعي أن كلا من الزوجين يحقق ما يحققه اللباس لصاحبه من معاني الستر والقرب والحميمية؛ فالعلاقة الزوجية ليست حقًّا للرجل وواجبًا على المرأة أداؤه، بل هي حق مشترك وأساس من أساسات الحياة الزوجية الناجحة لا تستقيم إلا به.
لذلك فقد اشترط لمن طلقت ثلاثًا أن تعيش هذه العلاقة كاملة مع آخر؛ ففي الحديث المتفق عليه والذي روته السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: "جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إني كنت عند رفاعة فطلقني فبت طلاقي، فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير وما معه إلا مثل هدبة الثوب، فقال: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ قالت: نعم، قال: لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك".
وانظري إلى الجملة الأخيرة من الحديث (تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك)، أمر مشترك إذن كُني عنه في الحديث بأن له مذاق العسل، فأين هذا مما تصفينه من رسالتك والتي لا يحركك فيها إلا الشعور بالذنب والإثم.. ربما ستقولين لي لو كان الأمر كذلك فلِمَ جاءت الأحاديث تنهر المرأة عن الرفض أو تهددها بلعنات الملائكة؟
لعنات الملائكة
لعلك تقصدين الحديث المتفق عليه "إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح"، ولكن –غاليتي- لا تعارض في الأمر؛ فالمرأة في الحالة الفطرية ستمثل لها العلاقة الزوجية مصدرًا للسعادة، لكن قد يحدث لديها حالة من التشويش على هذه الفطرة كما حدث معك، أو فلنقل اختلالاً في الأولويات، وهو يحدث كثيرًا في عالم النساء.
لذلك أوضح النبي للنساء أن العلاقة الزوجية لها الأولوية، حتى أنه ضرب لذلك مثلاً بأن المرأة التي تقوم بصناعة الخبز في أدق مراحله وهي إلقاؤه في الفرن تستجيب لحاجة زوجها أولا فقال: "إن دعا الرجل زوجته لحاجته فلتأته وإن كانت على التنور"، فعلى الرغم من أن الحاجة للعلاقة الزوجية هي حاجة مشتركة بين الرجل والمرأة فإن هناك فارقًا في طبيعة هذه الحاجة، وهو الفارق بين الذكر والأنثى بوجه عام.
وفهمك لهذا الفارق -غاليتي- يسهل عليك الأمر، فغالبًا ما يميل الرجل للاندفاع ويصعب عليه التأجيل، وتصغر لديه في هذه اللحظات كل التفاصيل الأخرى، هذا يحدث بشكل طبيعي، وأحيانًا يتعرض لفتنة إضافية؛ ففي الحديث "المرأة تقبل في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان، فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله؛ فإن ذلك يرد ما في نفسه"، فعندما ترفضه الزوجة في هذه الحالة فهي تعرضه لفتنة مضاعفة، لذلك جاء التحذير الشديد للنساء من رفض الزوج أو هجر فراشه.
لكن كما ذكرت لك في البداية فإن الأسهل والأيسر والأكثر إشباعًا والذي يثمر استقرارًا وأمانًا للأسرة كلها أن تشبع هذه الحاجة في إطار الاستمتاع بها لا خوفًا من الإثم والعقوبة في حال تجاهلها وإهمالها.
إدارة حياتية
دعينا الآن نهبط من عالم الأفكار النظرية لواقعك أنت الشخصي ومشكلاتك التي تعيقك وتحول بينك وبين سعادتك الزوجية، أنت ذكرت سببين أساسيين لرفضك العلاقة الزوجية:
الأول: الصديد والالتهابات المتكررة
غاليتي، ولماذا تتركين جسدك نهبًا لهذا الصديد والالتهابات، وبعيدًا عن العلاقة الزوجية هذا خطر على صحتك العامة، فلماذا تتكاسلين عن العلاج وهو سهل ومتوفر؟ ولماذا تجبرين نفسك على علاقة زوجية مؤلمة تارة وعلى رفضه تارة أخرى؟ كما أنك قد تنقلين الالتهابات إليه ثم يعيد نقلها إليك في دائرة مؤلمة، فما الذي يجبرك على ذلك؟
كما وجدت وقتًا لتقرئي رسالتي عليك أن تجدي وقتا لزيارة الطبيبة النسائية ومعمل التحاليل، ولا بد من الالتزام بالخطة العلاجية والإجراءات الوقائية حتى لا تتكرر هذه الالتهابات مرة أخرى.
أختي الكريمة، ربما لا توجد امرأة متزوجة لم تمر بتجربة الالتهابات، لكنها تبقى تجربة نادرة استثنائية لا يمكن التعايش معها بحال أو اعتبارها عذرًا شرعيًّا دائمًا.. نعم في حال تواجدها أنت لديك عذر؛ لأن القاعدة التي تحكم القضية هي أنه لا ضرر ولا ضرار، وعمومًا لو أنت مريضة والعلاقة الزوجية تؤذيك أو تزيد مرضك فلا شيء عليك، لكن غاليتي لكل داء دواء وأنت مطالبة بالسعي نحو التداوي، وجسدك هذا ستسألين عنه يوم القيامة.
لذلك فزيارة الطبيبة ليست ترفًا، وعليك الالتزام بكافة التعليمات حتى لا تتكرر المشكلة، وبالتأكيد مراعاة أسس النظافة الشخصية الفائقة، والشبكة العنكبوتية مليئة بالنصائح المفيدة، وأهمها أن عليك إفراغ المثانة قبل وبعد العلاقة الزوجية مباشرة، والاهتمام بجفاف ونظافة هذه المنطقة دون استخدام مواد معطرة تهيج الجلد.
السبب الثاني: تنظيف البيت مع رعاية طفلة صغيرة
وهي مشكلة مزدوجة تعاني منها كثير من الأمهات وكل منها تأخذ وقتًا وجهدًا، لكن دعيني أتوقف مع جملتك (قالبة الشقة وبروق).. دعيني أتوقف لأسألك ولماذا تقلبين الشقة غاليتي؟ لماذا تقلبين الشقة وأنت في ظروفك هذه ولديك هذه المشكلات؟ وأيهما أولى إشباع زوجك ولن أقول سعادتك الشخصية حتى، أم هذا النمط التقليدي في الترتيب والتنظيف؟
غاليتي، كل خبراء إدارة المنازل الآن يستخدمون نمطًا مختلفًا عن "قلبان الشقة"، فيكون لديك مخطط بسيط يشمل كل جوانب البيت، وتأخذين كل يوم مهمة صغيرة إلى ثلاث لا تتجاوزي ذلك، بالإضافة للترتيب اليومي السريع، ومع الحرص على إرجاع كل شيء مكانه فستجدين أن شقتك مُرضية جدًّا بالنسبة لظروفك حتى لو لم تكن أفضل شقة، فأنت لست في سباق مع أحد، هذا الصراع النسائي في تنظيف البيوت بين الجارات وزوجات الإخوة والعائلة.
واعلمي أن هذا الصراع لا يحمل أي جدوى غير الإرهاق النفسي والجسدي واختلال الأولويات والتقصير في الحقوق وعدم القدرة على الاستمتاع بالحياة، بل تبدو الحياة وقتها كمجموعة من المهام الثقيلة التي يجب عليك أداؤها؛ فابنتك -حفظها الله- بدلا من اللعب معها وقضاء وقت في صحبتها تتحول لرمز للزن الذي عليك إسكاته، وزوجك الذي ينبغي أن تستمتعي بدفء قربه تشعرين أنه مهمة ثقيلة أخرى تأتي لتعطيلك عن مهامك الكبرى في قلب الشقة وإعادة ترتيبها.. إنه أمر يتجاوز خلل الأولويات ويصل لخلل الرؤية في إدارة الحياة؛ فانتبهي لذلك.
أصلح الله أحوالك، ورزقك البصيرة وأسعد قلبك، وتابعيني بأخبارك دائما، ولا تغضبي إن اشتدت كلماتي بعض الشيء فإنما المستشار مؤتمن، ولقد خشيت عليك أن تفقدي ما أنت فيه من نعم أو تستيقظي ذات يوم على مشكلة يصعب حلها كأن ينصرف عنك زوجك باحثًا عن زوجة أخرى أو ما هو أسوأ من ذلك؛ فتنبهي غاليتي.