كيف نُفعِّل الدورات الرياضية الرمضانية دعويًّا؟

<p>أنا مدرب كرة قدم، وأقوم بعقد دورات رياضية في رمضان بين الشباب. وأرغب في توظيف هذه الدورات لخدمة الدعوة، بحيث لا تكون مجرد منافسة رياضية، بل وسيلة لنشر القيم الإسلامية والأخلاق الحميدة بين اللاعبين. كيف يمكنني تحقيق ذلك بشكل عملي؟</p>

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا وإمامنا رسول الله، وبعد:

 

فبادئ ذي بدء ندعو الله تعالى لك أن يبارك سعيك، وما أجمل أن تكون الرياضة بابًا من أبواب الدعوة، خاصة أن الشباب ينجذبون إليها، ويمكن استثمارها لترسيخ القيم الإسلامية في نفوسهم بطريقة غير مباشرة، بعيدة عن الأسلوب التقليدي. وقد كان النبي ﷺ يحرص على مخاطبة الناس بما يحبون ويهتمون به، فكما قال ابن مسعود رضي الله عنه: «كان النبي ﷺ يتخوّلنا بالموعظة مخافة السآمة علينا» (رواه البخاري ومسلم).

 

وإليك بعض الخطوات العملية التي تساعدك في توظيف الدورات الرياضية في الدعوة:

 

1. تحديد الأهداف الدعوية للدورة: فقبل انطلاق الدورة، ضع لنفسك أهدافًا واضحة، مثل: تعزيز روح الأخوة والتعاون بين اللاعبين، ونشر الأخلاق الإسلامية في المنافسات الرياضية، فضلاً عن ربط الرياضة بالعبادة، خاصة في رمضان.

 

2. ترسيخ القيم الإسلامية من خلال قوانين الدورة: اجعل احترام الخصم والتحلي بالروح الرياضية شرطًا أساسيًّا للمشاركة، وضع جوائز للاعب الأكثر أخلاقًا وليس فقط للأداء الرياضي، مع تخصيص فقرة يومية قصيرة للتذكير بأهمية الصدق، الأمانة، ضبط النفس، وغيرها من القيم، مثل قول النبي ﷺ: «ليس الشديد بالصُّرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب» (متفق عليه).

 

3. توظيف وقت الراحة بين المباريات في الدعوة: خصص دقائق بعد كل مباراة لكلمة دعوية قصيرة، ويمكنك استضافة دعاة أو لاعبين ملتزمين لإلقاء نصائح شبابية جذابة، مع مشاركة بعض القصص الملهمة عن الصحابة والتابعين في القوة البدنية والانضباط الأخلاقي.

 

4. الربط بين الرياضة والعبادة في رمضان: حيث يلزم التأكيد على أهمية الصلاة في وقتها، بل اجعلها جزءًا من النظام اليومي للدورة، مع التذكير بأهمية الصيام كعامل تقوية للإرادة وضبط النفس، واستغل لحظات ما قبل الإفطار في الدعاء الجماعي والتذكير بفضائل الشهر الكريم، قال الله تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ﴾.

 

5. استغلال وسائل التواصل الاجتماعي: أنشئ صفحة أو مجموعة على مواقع التواصل لنشر محتوى دعوي رياضي، مع توظيف أحد الشباب الفائقين في هذه النقطة لهذا الأمر، مع نشر مقاطع قصيرة تلخص الفوائد التربوية لكل مباراة، واجعل المشاركين يشاركون آراءهم حول القيم التي تعلموها من الدورة.

 

6. القدوة العملية أهم من الكلمات: كن أنت قدوة للشباب في الانضباط، والهدوء، والتسامح، والتواضع، واجعل اللاعبين يرون فيك نموذجًا عمليًّا لما تدعوهم إليه، فضلا عن استخدام أسلوب محفِّز، والابتعاد عن التوبيخ أو التعنيف، فكما في الحديث: «ما كان الرّفق في شيء إلا زانه».

 

وتلك ثمرات يانعة من وراء هذا الأسلوب في الدعوة، وهي على النحو التالي:

 

- نشر القيم الإسلامية بطريقة محببة للشباب.

 

-  تحويل الرياضة من مجرد تنافس إلى ساحة تربوية مؤثرة.

 

-  تكوين جيل من اللاعبين الذين يجمعون بين المهارة والأخلاق.

 

- غرس روح الجماعة والتعاون والالتزام في نفوس المشاركين.

 

- إيجاد بيئة بديلة للشباب تحميهم من الانحرافات السلوكية.

 

وأخيرًا:

 

اعلم أخي الكريم أنّ الرياضة سلاح ذو حدّين، ويمكنك أن تجعلها وسيلة لنشر الخير والتأثير في الشباب بطريقة غير مباشرة ولكن فعالة. كن صبورًا، وازرع القيم تدريجيًّا، ولا تيأس من قلة التفاعل في البداية، فالدعوة تحتاج إلى مثابرة وذكاء في العرض. ومن يدري، قد تكون هذه الدورات سببًا في تغيير حياة الكثير من الشباب للأفضل، وأسأل الله تعالى أن يعينك بعونه ومدده، وأن يتقبل سعيك، وأشكرك على طرح هذا السؤال الرائع، وشكر الله لك، ونفع بك دومًا.