Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : تربوية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 70
  • رقم الاستشارة : 1043
26/02/2025

أنا أم لطفل في السادسة من عمره، وأشعر بحيرة شديدة تجاه تصرفاته في الفترة الأخيرة. لاحظت أنه أصبح سريع الغضب، يصرخ عند أي موقف بسيط، ويرفض التعاون معي في أمور يومية مثل ارتداء ملابسه أو ترتيب ألعابه. أحيانًا يرد عليّ بعناد أو يتجاهلني تمامًا، وهذا يجعلني أشعر بالإحباط. حاولت التحدث معه بهدوء، وتقديم مكافآت عندما يحسن التصرف، لكن يبدو أن ذلك لا يحقق نتيجة دائمة. لا أريد أن أكون أمًا قاسية، لكنني أخشى أن يستمر هذا السلوك ويصبح عادة لديه.

أتساءل: هل هذا التصرف طبيعي في عمره؟ وكيف يمكنني التعامل معه بطريقة تربوية صحيحة دون اللجوء للصراخ أو العقاب القاسي؟ أتمنى أن يفيدني المختصون بخبراتهم لأتمكن من التعامل مع طفلي بشكل أفضل.

الإجابة 26/02/2025

مرحبا بك عزيزتي الأم، في رحاب موقعنا وممتنة لثقتك بنا..

 

وبالطبع أقدّر مشاعركِ وحيرتكِ تجاه تصرفات طفلكِ في هذه المرحلة.

 

من المهم أن نُدرك أن الأطفال في سن السادسة يمرون بتغيرات نفسية وجسدية كبيرة، مما قد يؤدي إلى سلوكيات مثل سرعة الغضب والعناد.

 

وأطمئنك أن هذه التصرفات غالبًا ما تكون جزءًا طبيعيًّا من عملية النمو والتطور، ولذلك من الجيد فهم السلوكيات الطبيعية في هذا العمر..

 

في سن السادسة، يبدأ الأطفال في تطوير هويتهم واستقلاليتهم، مما قد يظهر في صورة تحدٍ للسلطة المتمثلة بالنسبة له في الأبوين والإخوة الكبار، أو رفض للتعاون في بعض المهام اليومية، هذا السلوك يُعرف بـ"التمرد الصحي" (Healthy Rebellion)، حيث يسعى الطفل لاختبار الحدود مع والديه والآخرين، والتعبير عن ذاته.

 

ولذلك سوف أضع لك استراتيجيات تربوية، إن شاء الله تعالى سوف تساعدك في التعامل مع هذه السلوكيات:

 

1- التواصل الفعّال (Effective Communication) والذي يتلخص في أمرين مهمين:

 

أولهما: الاستماع الفعّال :(Active Listening) امنحي طفلكِ فرصة للتعبير عن مشاعره وأفكاره. واستمعي له بتركيز دون مقاطعة، ثم أظهري تفهمكِ لمشاعره.

 

وثانيهما: التعبير عن المشاعر :(Emotional Expression) استخدمي عبارات تصف مشاعركِ بهدوء، مثل: "أشعر بالحزن عندما ترفض التعاون".

 

2- عليكِ بوضع حدود واضحة ومتسقة:

 

وهنا أيضا يمكن أن أجملهم لك في نقطتين:

 

أ- تحديد القواعد :(Rule Setting) ضعي قواعد بسيطة ومفهومة للسلوك المقبول، واشرحي له عواقب تجاوز هذه القواعد.

 

ب- الثبات في التطبيق: كوني ثابتة في تطبيق تلك القواعد، حتى يفهم الطفل أن هناك نتائج لتصرفاته.

 

3- من الضرورى أن تعملي على تعزيز السلوك الإيجابي (Positive Reinforcement)، وهذا يكون بالآتي:

 

- المكافآت المعنوية: قدّمي له تشجيعًا لفظيًّا عندما يتصرف بشكل جيد، مثل: "أحسنت في ترتيب ألعابك اليوم".

 

- التحفيز الإيجابي :(Positive Incentives) وهنا من المهم أن تستخدمي نظامًا بسيطًا للمكافآت، كمنحه نجمة أو ملصق عند التصرف الجيد، مع تقديم مكافأة أكبر بعد جمع عدد معين.

 

4- أما الاستراتيجية الأخيرة، فهي ضرورة تطوير مهارات التنظيم الذاتي:

 

- ضرورة تعليم تقنيات التهدئة :(Teaching Calming Techniques) فمن الضروري أن تتعلميها أولا ثم تقومي بتعليم طفلك تقنيات بسيطة لتهدئة نفسه عند الغضب، مثل التنفس العميق أو العد حتى عشرة.

 

- ثم شجّعيه على ممارسة الأنشطة الهادئة، لكي تساعده على الاسترخاء، مثل الرسم أو الاستماع للموسيقى الهادئة، والأهم هو الاستماع لقراءة القرآن الكريم من عدد متنوع من القراءات والمقرئين ثم دعيه يختار هو من ينسجم مع تلاوته.

 

ثم دعيني أن أعول على الأهم هنا.. ألا وهو دوركِ كقدوة، والذي سوف أضع لك تحته خطوطًا كثيرة.. حيث يتعلم الأطفال الكثير من خلال مراقبة سلوك والديهم، لذا، حاولي التعامل مع المواقف الصعبة بهدوء وحكمة، ليكتسب طفلكِ هذه المهارات منكِ.

 

وقبل كل هذا، فأوصيك حبيبتي بالاستعانة بالله تعالى ثم التوكل عليه قبل الأخذ بالأسباب.. وكذلك ديمومة الدعاء له..

 

ففي ديننا الحنيف، نجد توجيهات تربوية قيمة.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نُزع من شيء إلا شانه".. فهذا الحديث يحثنا على استخدام الرفق واللين في التعامل مع الآخرين، وأطفالنا هنا أولى.

 

وأوصيك كذلك ألا تربي طفلك وحدك، فيجب أن تشركي والده دائما في التربية، فتربية الأبناء تحتاج التعاون والمشاركة من الوالدين، فكما قال الشاعر أحمد شوقي:

 

        ليس اليتيم من انتهى أبواه من  همّ الحياة وخلّفاه ذليلا

 

      إن اليتيم هو الذي تلقى له    أمًّا تخلّت أو أبًا مشغولا

 

كلمات أمير الشعراء تذكرنا بأهمية وجود الوالدين ودعمهما العاطفي في حياة الطفل.

 

* همسة أخيرة لك عزيزتي الأم:

 

تذكّري أن التربية رحلة مليئة بالتحديات، ولكنها تحمل في طياتها الكثير من اللحظات الجميلة.. فبالصبر، والتفهم، والتفاهم وكذا استخدام الاستراتيجيات التربوية المناسبة، ستتمكنين من مساعدة طفلكِ على تجاوز هذه المرحلة بنجاح بإذن الله تعالى.

الرابط المختصر :