Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. عادل عبد الله هندي
  • القسم : مناهج الدعوة ووسائلها
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 5
  • رقم الاستشارة : 2165
22/07/2025

أنا طالب في الجامعة، أتعرض أحيانًا لشبهات من بعض زملاء الشباب في الجامعة، يتحدثون بالشبهات الإلحادية، ولعلمهم بتديّني، يُصرّ أغلبهم على الحديث إليَّ بهذه الشبهات.

وأخوف ما أخاف على نفسي أن أقع فيها، وأن أؤمن بها وأصدقها، فضلاً عن كوني لست بعالمٍ ولا داعيةٍ يدرك النصوص والواقع، فماذا أصنع؟ كيف أحفظ ديني من أن يُنتزع مني دون أن أشعر؟

الإجابة 22/07/2025

أخي الحبيب، أيها الشاب المبارك

 

سلام الله عليك ورحمة منه وبركة وثبات...

 

أشعر بك، وأُكبر فيك صدقك، وأحتضن قلبك بقلبي، وأقول لك بلغةٍ يعرفها أهل الصدق: ما دام قلبك يخاف من الشبهة، فاعلم أن الله ما زال يمسك بيدك. لقد أحسنت إذ استعنت، وسألت قبل أن تُجَرّ، وبثثت همك قبل أن تضعف نفسك. وما سؤالك هذا إلا علامة من علامات النور الذي لا يزال يسري في قلبك، ومفتاحٌ من مفاتيح النجاة بإذن الله.

 

أولًا: شبهات الإلحاد قديمة متجددة.. لا تخف من وجودها

 

إنّ شبهات الإلحاد ليست جديدة، بل هي أصداء من قديم الزمان، قال الله تعالى عن أممٍ كفرت: ﴿وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ﴾ [الجاثية: 24] وقال جلّ جلاله عن الذين عبدوا الطبيعة والعقل: ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ﴾ [الطور: 35، 36].

 

فالعقل إذا خُلِّي بينه وبين الغرور، أو رُبِّي في بيئةٍ مادية جافة، سقط في التيه، وظن نفسه خالقًا أو متحكّمًا، أو جحد الخالق بالكلية، لكن ما ثبت عندك من الحق لا يُمكن أن يزحزحه جدال، ولا تشويش، ولا شبهات.

 

ثانيًا: الخوف من الشبهة علامة على حياة القلب

 

قال رسول الله ﷺ: "تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً، فأي قلبٍ أشربها نُكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نُكت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير القلوب على قلبين".

 

وقلبك -يا أخي- من القلوب البيضاء التي تنكر الفتنة، وتحذر منها. فالذي يخاف، ولا يتصدر، ولا يندفع، هذا مؤمن حيّ، يحتاج فقط إلى التزود والتثبيت.

 

ثالثًا: الجواب في القرآن أوّلاً: لا تتبع الشبهات

 

قال الله عز وجل: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [آل عمران: 7] قال الإمام القرطبي في تفسيرها: "فيه دليلٌ على ذم من يتبع المتشابه من القرآن لا ليتعلم، بل ليفتن الناس ويشككهم".

 

فاحذر يا أخي أن تُعير سمعك لكل من أراد أن يُحدث في قلبك فتنة، ولا تتبع الشبهات ولو كنت قويًّا، فكيف إذا كنت تخشى على نفسك؟!

 

رابعًا: إذا لم تكن عالمًا، فلا تتصدّر بل توقّف واستعن

 

عن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: "حدّثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يُكذَّب الله ورسوله؟".

 

تقول بصدق: "لا أعلم الجواب الآن، لكن أعلم أن ديني حق، وأن هناك من يرد هذه الشبهة من العلماء" هذا هو العقل، وهذا هو الثبات.

 

خامسًا: وصايا لك تحفظ بها دينك وثباتك

 

- ابتعد عن مواطن الشبهات ولو نُسب لك الجُبن.

 

- كن صاحب وردٍ ثابت من القرآن كل يوم؛ فإن القرآن هو "النور".

 

- صاحِب الصالحين واطلب العلم من أهله، لا تمشِ وحدك في طريق الفكر، فإن الذئب يأكل من الغنم القاصية، ولا تأخذ الدين من مجهول، بل ارجع إلى العلماء أو الدعاة الثقات.

 

- ردّد دعاء النبي ﷺ كثيرًا، "يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك".

 

- اقرأ في كتبٍ علمية واقعية رصينة ترد على الإلحاد دون أن تدخل في الطعن أو التهكم، مثل كتاب د مصطفى محمود "حوار مع صديقي الملحد"، وكتاب "وهم الإلحاد" للدكتور عمرو شريف.

 

وأسأل الله تعالى ختامًا أن يثبت قلبك على الإيمان والتوحيد، وأن يصرف عنك كل سوء ومكروه.

الرابط المختصر :