الإستشارة - المستشار : د. أميمة السيد
- القسم : تربوية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
69 - رقم الاستشارة : 1755
26/04/2025
دكتورة أميمة، لو سمحتي مش عارفة أحكي لمين ولا أتصرف إزاى؟
أنا عندي 18 سنة، وكتبنا كتابي من كام شهر، وفاضل حوالي 4 شهور على الفرح.
العريس كان جاي البيت مرة، وماكانش فيه حد غير أخويا، بس هو صغير، وأنا دخلته عادي عشان إحنا كتبين الكتاب يعني يعتبر جوزي.
العريس قبل كده لما كان بابا موجود، كان بيقرب مني أوي وقعد جنبي، بس كنت أحرج نفسي وماباخدش بالي.
المرة دي وهو معايا لوحدنا، لقيته قرب مني قوي وأراد أن يتجاوز الحدود، ويتعامل معي كأننا في بيت الزوجية، أنا وقتها بعدته عني بعصبية وقلتله: "لأ! كده غلط، مش قبل الفرح!".
هو سابني ومشي وزعل مني جدًا، وما بيتكلمنيش بقاله أسبوعين.. ولما كلمته بالعافية بعدها، قالي: "لو بتحبيني كنتي وافقتي على اللي أنا عايزه"، وإنه مش قادر يستحمل ٤ شهور كمان، وإنه لو أنا فعلاً بحبه لازم أثبت ده وأحقق له اللي هو عايزه.
دلوقتي أنا محتارة: هو عنده حق؟ ولا أنا اللي غلطانة لأني زعلته؟ ولا أنا اللي عملته صح عشان أحافظ على نفسي لحد يوم الفرح؟ محتاجة حضرتك تفهميني يا دكتورة وتقولي لي أتصرف إزاي؟
مرحبًا بكِ يا فتاتي الطيبة،
أشكر لكِ شجاعتكِ في عرض مشكلتكِ بكل وضوح، وأحييكِ على حرصكِ على معرفة الصواب من الخطأ قبل أن تتخذي أي قرار قد يؤثر على حياتكِ الزوجية المقبلة.
ابنتي الحبيبة، أود أن أوضح لكِ بدايةً:
بأن ما قمتِ به من تصرف برفض الاقتراب الزائد قبل الدخول الشرعي الكامل (أي بعد إعلان الزواج وبناء البيت) هو تصرف سليم تمامًا من الناحية الدينية، والأخلاقية، والنفسية أيضًا.
صحيح أنكما "كتبتم الكتاب" (أي تم عقد الزواج)، وهذا يعني أنكما شرعًا زوجان، ولكن العُرف والعادات -وكذلك مقتضيات احترام أهل الفتاة ومشاعرها- توجب أن يتم التعامل الرسمي الكامل بعد إعلان الزفاف والدخول، حفاظًا على خصوصية العلاقة وسلامتها النفسية والاجتماعية.
ولا بد أن تدركي أن هناك ما يُسمى بـ"التهيئة النفسية للزواج" (Marital Psychological Preparation) ، وهي التي تتطلب أن يبقى لكل من الطرفين مساحة من الاحترام المتبادل وضبط المشاعر، خصوصًا قبل بدء الحياة المشتركة فعليًّا.
أما عن سلوك خطيبكِ (زوجكِ بعقد الزواج):
فهو قد وقع في خطأ نفسي يسمى (Impulsivity) أو الاندفاعية، حيث لم يتمكن من ضبط رغباته العاطفية، ولم يقدّر مشاعركِ ولا توقيت الأمور بشكل مناسب.
وزعله منكِ بعد موقفكِ يدل على ضعف مهارة "التحكم بالنفس" لديه، وهي مهارة ضرورية لنجاح أي علاقة زوجية.
ثم إن قوله لكِ: "لو بتحبيني كنتِ وافقتِ على اللي عايزه".. يعد نوعًا من الضغط العاطفي (Emotional Manipulation)، والذي لا يجوز شرعًا ولا تربويًّا. فالحب الصادق لا يُقاس بالتنازل عن المبادئ، ولا يُثبت بإرضاء نزوات وقتية.
يقول الله تعالى: {والذين هم لفروجهم حافظون}، أي أن حفظ النفس عن الحرام، وضبط الغرائز، من صفات المؤمنين الصادقين.
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". ولو أنه حقًّا يحبكِ، لأراد لكِ الخير، ولحفظكِ ولم يضعكِ في موضع الإحراج أو الذنب، ولوضع نفسه مكان أهلك إذا ما تعرضت أخته لنفس الموقف.
* والخلاصة هنا :
- تصرفكِ صحيح تمامًا، ويدل على أنكِ تملكين وعيًّا ناضجًا ونفسًا كريمة تحترم نفسها وأهلها.
- هو المخطئ؛ لأنه لم يقدّر الظروف ولم يضبط مشاعره، ولأنه لجأ إلى اللوم والضغط بدلاً من الاحتواء والتفهم.
- عليكِ بالثبات، وعدم التنازل عن مبادئكِ وأخلاقكِ؛ فالعلاقة الزوجية الناجحة تقوم على الاحترام والسكينة لا على الانفعالات اللحظية.
* نصائحي العملية لكِ:
1- لا تتواصلي معه عاطفيًّا إلا في الحدود الرسمية والاحترام حتى يوم الزفاف.
2- وضحي له بهدوء أنكِ تحترمين عقد الزواج، ولكنكِ أيضًا تحترمين نفسكِ وأهلكِ، ولا تقبلين التهاون فيما يخص العِرض والشرف.
3- لو استمر في الضغط العاطفي، فكوني حاسمة معه بلُطف، وأشركي أسرتكِ إن لزم الأمر.
4- ذكريه بأن الحب الحقيقي صبر، وليس عجلة، ومودة ورحمة، وليس ضغطًا وإلحاحًا، وذكريه أيضا: أن الأيام تمر سريعًا، وإن شاء الله تعالى هانت على اقتراب يوم زفافنا فلا تضيع فرحتنا بهذا اليوم بتصرفات متسرعة.
* همسة أخيرة لكِ من قلبي:
لا تسمحي لأحد أن يجعلكِ تظنين أن العطاء في الحب معناه خرق حدود الله أو إرضاء نزوات مؤقتة. أنتِ جوهرة، وصون الجوهرة يزيدها قيمة لا ينقصها.
أسأل الله أن يرزقكِ سعادة صافية، وزوجًا يحفظكِ ويقدركِ كما تستحقين.
دمتِ بخير وقوة وكرامة، وأتم الله زفافكما على خير بمودة ورحمة.