Consultation Image

الإستشارة 20/04/2025

مرحبا... أنا أم لطفلين، متزوجة وعايشة بأوروبا من حوالي 3 سنين، للأسف، وصلت لمرحلة صرت مضطرة أفكر بالانفصال والرجعة لعند أهلي بسوريا. جيت ع أوربا عن طريق جنسية بنتي، ولهيك مافي قوانين تحميني أو تدعمني إذا انفصلت.

وزوجي عم يهددني إنو ما يشوفني لولادي، وحتى ما يخليني أحكي معهم! قلبي مكسور، ما عم أقدر أتخيل حياتي بدون أولادي، وبنفس الوقت ما بقدر أتحمل أكتر.

تعبت... عانيت كتير، وما عاد فيي أكمل بهالطريقة، تعبت من القهر ومن التمثيل إني بخير. حتى تعاملي مع ولادي تأثر... ما عاد عندي طاقة لا إلعب معهم ولا أحكي، وصرت حس إنو وجودي عم يضرهم أكتر ما ينفعهم.

لهيك فكرت إنو الانفصال يمكن يكون الخلاص، بس قلبي موجوع، محتاجة كلمة تواسيني، أو نصيحة من حدا مرّ بهيك تجربة، أو حتى دعوة من القلب... بس رجاءً بدون تجريح. الله يجبر بخاطركم مثل ما أنا عم دور على شي يجبر بخاطري.

الإجابة 20/04/2025

أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك أختي الكريمة على صفحة البوابة الإلكترونية للاستشارات الخاصة بمجلة المجتمع..

 

لقد أوجعت قلبي حقًّا وأنا أقرأ رسالتك المرة تلو المرة دون أن أضع يدي على وجه الدقة على سبب ألمك وحزنك الذي وصل إلى حد أن تفكري في الطلاق، وجعلك تستشعرين أن وجودك يضر أطفالك أكثر مما ينفعهم، فليتك كنت حكيت تفاصيل أخرى، وليتك تكتبين لنا مرة أخرى وتجيبين وقتها على تساؤلاتي فمن ذلك:

 

* هل تشعرين بهذا الأسى بسبب الغربة والبعد عن الوطن والأهل؟

 

* هل يسيء زوجك معاملتك؟ وإلى أي حد تمادى في ذلك؟

 

* هل تشعرين بالإرهاق النفسي من كثرة الضغوط والالتزامات؟

 

* هل تعانين من المرض النفسي؟ هل تم تشخيصك بالاكتئاب من قبل؟

 

الإرهاق النفسي

 

أختي الغالية، رسالتك تقطر بمشاعر الإرهاق النفسي.. هذا الإرهاق أحدث حالة من تشوش الرؤية فجعلك غير قادرة على التفكير بوضوح وفي الوقت ذاته جعلك مرهفة المشاعر حساسة لأي ضغط.

 

الإرهاق النفسي ليس وصمة، ومن الوارد أن يصاب به أي إنسان، والتعافي منه أمر ممكن فقط علينا أن نأخذ بأسباب التشافي والتعافي، ومن ذلك:

 

* القبول.. فعليك أن تتقبلي كونك مرهقة نفسيًّا باعتباره عرضًا قد يصيب أي إنسان، وبالتالي فلا داعي للتوتر فهو يزيد الإرهاق النفسي ويجعله يصل لمستويات خطيرة.

 

* الإنسان المرهق نفسيًّا الذي يعاني من التوتر لا يستطيع اتخاذ قرارات صائبة، وبالتالي عليه الابتعاد عن أخذ قرارات مصيرية كقرار الانفصال مثلاً.

 

* قللي التزاماتك للحد الأدنى ولا تضغطي على نفسك، سواء في أمور التنظيف أم الطهي أم حتى متابعة الأولاد.. قومي بما تستطيعين القيام به دون أن يساورك الشعور بالذنب، ومن الأمور التي تساعدك على ذلك تقسيم أي مهمة كبيرة لمهام صغيرة أو حتى متناهية الصغر والبعد عن المثالية في الأداء.

 

* لا تتناقشي مع زوجك في هذه الفترة، فأي حوار سيمثل حملاً نفسيًّا إضافيًّا سيزيدك إرهاقًا.

 

* هذه النقطة مرتبطة بالنقطة السابقة، فبالإضافة لعدم المناقشة لا تنتقدي زوجك أيضًا في هذه الفترة، وذلك لأسباب عديدة، منها أن النقد لن يحقق أي هدف أو نتيجة، فهو يجعل الطرف الذي يتم انتقاده في حالة تحفز، فهو لن ينصت لك وسيعمل جاهدًا على نقدك وإيلامك كلون من ألوان رد الفعل.

 

خطوات للتعافي

 

أختي الحبيبة، هذه خطوات سهلة وبسيطة ويمكنك أن تقومي بها حتى تخلصك من التوتر والإرهاق النفسي وتساعدك على على التمتع بصحة نفسية طيبة:

 

الخطوة الأولى: رفع خزان طاقتك النفسية؛ فأنت بحاجة أن ترفعي قدراتك على التحمل لأنك تستشعرين أنها قد استهلكت، وحتى تستطيعي ذلك فأنت بحاجة أن يكون خزان طاقتك النفسية مرتفعًا، وفي الوقت ذاته تكونين صلبة نفسيًّا بعيدة كل البعد عن سمات الهشاشة النفسية.. هذا الخزان لن يمتلئ فجأة يكفينا أن يتسع بالتدريج البطئ..

 

اجلسي جلسات هادئة مع نفسك تذكرين فيها الله وتستشعرين معاني الذكر وحلاوة الذكر، ولا تفكري في أي شيء يزعجك، فإذا اقتحمت جلستك بعض الأفكار فلا تنزعجي دعيها ترحل واستكملي جلسة الذكر في هدوء.. انتقي أوقاتًا هادئة في الثلث الأخير من الليل أو بعد صلاة الفجر وستلمسين الفارق بعد كل جلسة وستشعرين أن خزان طاقتك يرتفع رويدا رويدا.

 

الخطوة الثانية: تجنبي الجدل والنقاش مع زوجك، وهذه نقطة ذكرتها لك من قبل، وأذكرها لك ثانية لأهميتها في الحفاظ على سلامك النفسي، فأنت لا تملكين الكثير من الطاقة حتى تهدريها في الجدل والنقاش، وخزان الطاقة الذي نريد رفعه لن يسمح بتسريب هذه الطاقة في مسارات فرعية.

 

الخطوة الثالثة: تحدثي إلى نفسك برفق وقدمي لنفسك الدعم، ورددي على نفسك كلامًا إيجابيًّا، فنحن نتحول لما نفكر فيه وما نقوله لأنفسنا، فإذا قلت لنفسك أنا مرهقة ولم أعد قادرة فستشعرين بالوهن النفسي، وإذا قلت لنفسك أنا قادرة على تخطي هذه الأزمة.. أنا أحسن الظن بربي ولن يضيعني.. إن مع العسر يسرًا فستجدين أثر هذه الكلمات على مشاعرك ومشاعرك ستؤثر على أفكارك.

 

تحدثي برفق إلى نفسك وأنت تحددين المهام.. وحاولي أن تلتمسي الأعذار لنفسك ولمن حولك، فمثلا خذي تهديد زوجك بحرمانك من الأطفال أنه لون من الضغط حتى لا تتركيه أو تتركيهم.. أسلوب خاطئ نعم لكن الهدف طيب.. النية طيبة.. نظرتك للأمر من هذه الزاوية الرفيقة سيخفف ألمك كثيرًا.. إنها لون من الإدارة الذكية للأزمة أنت قادرة عليه.

 

الخطوة الرابعة: خطوة الاندماج الإيجابي.. حاجتك ماسة –غاليتي- لهذه الخطوة ليس من أجل حقوقك القانونية فقط وإنما لتقليل مشاعر الاغتراب التي تعيشينها وتضغط على مشاعرك.. يمكنك البدء بخطوات بسيطة.. كالالتحاق بمركز لتعلم اللغة مثلاً.. أو التواصل مع أقرب مركز إسلامي ومتابعة نشاط من أنشطته حيث يتيح لك ذلك تكوين روابط اجتماعية جديدة.. وتدريجيًّا تندمجين أكثر فأكثر.

 

غاليتي، نصيحتي الأولى والأخيرة لك ألا تملي الدعاء؛ فالله سبحانه وتعالى قريب سميع الدعاء، وهو القادر أن يصلح لك كل الأمور، فأكثري من مناجاته فهو أرحم الراحمين.. جبر الله قلبك وأسعد حياتك، ولا تترددي في الكتابة لنا، سواء لشرح تفاصيل أكثر أم لمجرد البوح والفضفضة، وتيقني أننا سوف ننصت لكل كلمة، ولن تجدي منا إلا التعاطف اللامحدود، ولا يمكن أبدًا أن تجدي تجريحًا؛ فلا تقلقي أبدًا، وفي انتظارك ثانية.

الرابط المختصر :