Consultation Image

الإستشارة 14/04/2025

السلام عليكم أستاذة، أنا محتاجة جدًّا أسمع رأي حضرتك وتوجيهك، لأني بجد تايهة ومش عارفة أتصرف، فقلت ألجأ لمستشارة أسرية يمكن تساعديني وتوجّهيني للطريق الصح.

أنا دلوقتي في بيت أهلي بقالـي ٨ شهور، من وقت ما حصلت مشكلة بيني وبين جوزي وغلطت فيه بالكلام، هو سافر بعدها على طول ومكلمنيش من وقتها، وسابني من غير مصروف ولا سؤال، وكمان أهله ابتدوا يتعاملوا معايا بطريقة صعبة ويغلطوا فيّا، فاضطريت أسيب البيت.

بعدها بأسبوعين، روحت لعمه عشان أحاول أرجع، قال لي إنهم مش راضيين يرجعوني، وإنه لازم أستنى لما جوزي يرجع من السفر. عدّى وقت طويل، ٤ شهور، وأنا عند أهلي، من غير فلوس، ولا أي تواصل، فرفعت عليه قضية نفقة علشان ابني، لأني مش قادرة أستحمل الوحدة والمصاريف.

الموضوع كبر، واكتشفنا كمان إنهم هربوا العفش من البيت، وشهادة الجيران أثبتت كده، فاضطريت أرفع عليه قضية قايمة. بس بجد الموضوع طول، وأنا نفسيتي تعبت.

أنا مش عارفة أكمّل في سكة القضايا، ولا أرجع أكلمه وأحاول أصلّح اللي بينا، حتى لو هو زعلان؟ مع العلم إنه مرة قال لي: "أنا مش عايز أشوف الولد"، ولما حاولت أكلمه بعدها، عملي بلوك.

أنا لسه بحبه، وحاسة إن بينا طفل يستحق إننا نحاول، بس مش عارفة هو لو رجعني هيرجعني علشان ابنه ولا علشاني، ولا أصلاً مش ناوي يرجّعني خالص.

أنا محتاجة نصيحتك بصدق، أكمّل في طريق المحكمة؟ ولا أرجع وأكلمه من تاني؟ أنا آسفة على الإطالة، وشكرًا جدًا لحضرتك إنك بتسمعي لحد زيي.

الإجابة 14/04/2025

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك أختي الكريمة على البوابة الإلكترونية للاستشارات الخاصة بمجلة المجتمع، وإن شاء الله تعالى نصل لحل يريح قلبك ويلهمك طريق الصواب.

 

دعينا قبل أي شيء أن نستعين بالله تعالى، وكم من مشكلة ضخمة مغلقة الأبواب بحساباتنا البشرية فُتحت كل أبوابها بمنتهى اليسر عند الاستعانة المخلصة بالله سبحانه وتعالى وإحسان الظن به؛ لذلك أدعوك أن تفوضي أمرك لله تعالى وتستعيني به وتتوكلي عليه، فبالتأكيد تستحق حياتك الزوجية فرصة ثانية، وبالتأكيد يستحق طفلك الصغير أن يعيش في أسرة طبيعية مع والده ووالدته.

 

لذلك تلمسي أوقات الاستجابة في ثلث الليل الأخير وفي آخر ساعة من نهار الجمعة وبين الآذان والإقامة وفي سجودك وبعد التشهد الأخير وقبل السلام وبعد الانتهاء من الصلاة، وادعي بما في قلبك، وألحي بالدعاء بعد أن تحمدي الله عز وجل وتثني عليه وتصلي على النبي، وتوسلي لله بأسمائه وصفاته وبكونه أرحم الراحمين، وإن شاء الله سيستجيب لك ويمددك بمدد من عنده، وأيضا أوصيك بكثرة الذكر والاستغفار بنية قضاء حاجتك فالاستغفار يحقق المعجزات {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا}. (نوح: ١٠ : ١٢).

 

الاعتراف بالأخطاء

 

أختي الكريمة، يميل الناس عادة لإنكار أخطائهم أو محاولة تبريرها وإظهارها كرد فعل، وقلة من الناس هي التي تستطيع أن تواجه أخطاءها بشجاعة ومن ثم تتحمل مسئوليتهم عن هذه الأخطاء وبالتالي يستطيعون تجاوزها والمضي في حياتهم قدمًا.

 

وأنا -أختي الكريمة- أدعوك أن تكوني من هذا الفريق الذي يستطيع مواجهة أخطائه كي تنصلح حياته.. وأعتقد أنك بالفعل من هذا الفريق بدليل اعترافك أنك "غلطت فيه بالكلام" قبل سفره مباشرة، ثم توالت المشكلات بعد ذلك.

 

أختي الكريمة، لم تحك شيئًا عن طبيعة المشكلة التي حدثت بينك وبين زوجك، لكن أيًّا كانت المشكلة فهناك آداب لإدارة الخلافات والمشكلات الزوجية، ليس منها بالطبع توجيه الاتهامات والكلام المسيء.. المشكلة الأكبر أن هذه الإهانات الجارحة عندما تأتي من طرف الزوجة يكون وقعها بالغ الفادحة؛ فالرجل يأخذ هذه الإهانة كتهديد يمس كرامته وكبرياءه، وكثيرًا ما تهيج لديه ميول انتقامية تغذيها ثقافة المجتمع السائدة، وإلا فالدين يدعو لكظم الغيظ والعفو والإحسان حتى مع وجود الإساءة خاصة عندما يعترف الطرف الآخر بخطئه ويعتذر عنه {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (آل عمران: ١٣٤).

 

أخطاء الماضي –غاليتي- اشترك فيها الكثيرون.. بدأت سلسلة الأخطاء بإهانتك لزوجك وعدم اعتذارك الفوري، تلى ذلك تجاهل زوجك لاحتياجاتك المادية أنت وطفلك، وأعقب ذلك سلوك أهله السيئ معك، ثم أخطأت أنت مرة أخرى بخروجك من بيتك والذهاب لبيت أسرتك ثم دخلتم في دوامة القضايا والمحاكم وهي دوامة تغرق الحلول الودية وتكاد تقضي عليها.

 

أختي الغالية، يبدو لي ضميرك مؤرقًا من الحال التي وصلتم إليها، وعلى الرغم من لجوئك للقضاء فإنك ترغبين حقيقة في حل يعيد الاستقرار لحياتك وحياة طفلك، وهو ما سنحاول التفكير فيه معًا في السطور القادمة، فقط كنت أريد تنبيهك لنقطتين بالغتي الأهمية:

 

الأولى: أنك وفي خضم كل هذه الأحداث لا تزالين تحبينه، وهذا يعني أنه كان شخصًا جيدًا مريحًا يستحق تكرار المحاولات الجادة.

 

النقطة الثانية: أن سؤالك "هل سيعيدني من أجلي أم من أجل ابنه؟" هو سؤال جدلي يلقيه الشيطان عليك؛ فابنه هو ابنك، وأنتم كعائلة أهم ما يميزكم هو الوحدة العضوية، فهو زوجك وحبيبك ووالد طفلك، وأنت زوجته وحبيبته ووالدة طفله، فلا تنشغلي بتقسيمات تشرذم العائلة ولا توحدها.

 

حلول عملية

 

غاليتي، سأقدم لك مجموعة أفكار عملية تصلح كنواة صلبة كبداية للحل، ومطلوب منك أن تقومي بعمل عصف ذهني لإضافة حلول أخرى، فأنت أدرى بكل ظروفك وظروف زوجك وتفاصيل حياتكما.

 

إليك مجموعة من الأفكار:

 

* نقطة البدء ومحور ارتكاز الحل هو إصلاح العلاقة مع زوجك، وهذا لن يتأتى إلا بالاعتذار عن الإهانات التي وجهتها إليه، على أن يكون اعتذارًا مطلقًا بلا تبريرات (على الأقل في هذه المرحلة).. أريدك أن تقدمي له اعتذارًا صادقًا مرة واثنتين وثلاثًا...

 

* إذا قام بعمل حظر لك فتحايلي على الأمر كلميه على منصة أخرى.. أو احصلي على رقم جديد وكلميه منه.. عمل حظر آخر ابحثي عن رقم جديد ولا تملي من المحاولة حتى يشعر بصدقك.. فإذا نجحت في جعله يتحدث معك حتى لو كان حديثًا غاضبًا أو مليئًا بالعتاب فلقد نجحت بنسبة كبيرة وستكون الخطوات القادمة أكثر سهولة. وتقبلي غضبه وعتابه وأصري على اعتذارك واعترافك بالخطأ.

 

* إذا لم يستجب لك فحاولي توسيط شخص قريب منه (لا يشترط أن يكون من العائلة) صديقه المقرب.. شيخ يثق به.. شخصية مؤثرة في الجوار بحيث ينقل له اعتذارك وندمك وسعيك للصلح.

 

* في حال تعذر التواصل معه فليس أمامك سوى أسرته فتكون الوساطة موجهة إليهم ولديكم أوراق للضغط كالتنازل عن القضايا مقابل الصلح وإرسال النفقة لك ولطفلك، وفي هذه المرحلة لا بد من التنسيق مع أسرتك، سواء في تفاصيل الحل أو في الأشخاص الذين يتدخلون للوساطة، ويفضل أن يكون منهم بعض الدعاة ممن يستطيعون ترقيق القلوب والتخويف بالله.

 

أسعد الله قلبك وأصلح بينك وبين زوجك، وتابعيني بتفاصيل ما يحدث معك، وثقي بأنني أكون في غاية السعادة بالتواصل فلا تترددي في الكتابة مرة أخرى.

الرابط المختصر :