Consultation Image

الإستشارة 17/04/2025

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيخي الفاضل، جزاكم الله خير الجزاء، وأجزل لكم المثوبة على ما تبذلونه من وقت وجهد في نصح الناس وبيان الحق لهم. أنا امرأة متزوجة منذ كنتُ في الخامسة عشرة من عمري، وزوجي أكبر مني بعشرين سنة. عشتُ معه حياة صعبة جدًا، مليئة بالضيق النفسي والأذى، وصبرت على ذلك كله من أجل الله، ومن أجل أولادي، الذين ربيتهم على الدين والخلق، والحمد لله، صار منهم إمام مسجد، وتزوج من أولادي اثنان ومن البنات اثنتان، وبقيت لي بنت صغيرة عمرها الآن تسع سنوات.

منذ سنوات أصيب زوجي بضعف جنسي شديد، ومنذها ازداد أذاه لي، وأصبح يشتم ويقذفني بألفاظ مؤلمة، يصل به الأمر أحيانًا إلى سبّ الله والدين – والعياذ بالله – ويصفني بألفاظ فاحشة مثل: "يا ابنة الحرام"، أو "يا ابنة الله"، بل يقذفني بالزنا صراحة، دون أي ذنب منيز

وأنا والله من عائلة طيبة، محافظة، ولا أذكر أني خنت الله ولا زوجي يومًا، وكنت أتحمل ذلك كله صبرًا واحتسابًا. يزيد ألمي أنه يكرر عليّ أنه "مغضوب عليّ من الله" لأنه – كما يقول – غير راضٍ عني، ويقول: "لن تشمي ريح الجنة، لأن زوجكِ غضبان عليكِ"، ويستدل بحديث "أيما امرأة طلبت الطلاق من غير ما بأس...".

وهذا الكلام يؤلمني بشدة، فأنا لا أريد أن أكون من أهل النار، ولا أن أخسر آخرتي بسبب طلب الطلاق، لكني لم أعد أحتمل. أحيانًا يضربني، وأحيانًا يشتمني أمام أصهاري وزوجات أبنائي، ويقذفني بالكلام المهين أمام الناس، مما أسقط هيبتي وكرامتي أمامهم. أصبحتُ أعيش في قهر مستمر، وأشعر أن حياتي أصبحت سجنًا وظلمًا لا يطاق.

وقد استشرتُ امرأة فاضلة، فقالت لي إن زوجي إذا كان يسب الله ويقذفك بالزنا فقد يكون حرامًا عليكِ البقاء معه، لأن ذلك يُعد كفرًا صريحًا وقذفًا محرّمًا، وأنه يجب عليّ طلب الطلاق، بل إن العقد بيننا قد لا يكون قائمًا أصلاً إن ثبت كفره وقذفه.

سؤالي لفضيلتكم، وأنا أكتب ودمعي على خدي: هل أنا آثمة إذا طلبت الطلاق؟ هل أنا من "النساء اللاتي لا يشممن ريح الجنة" إذا فعلت؟ هل أنا مظلومة ولي أجر عند الله، أم أن الله ساخط عليّ لأن زوجي غير راضٍ عني؟ هل يجوز لي شرعًا طلب الطلاق، بل هل يجب عليّ ذلك، إذا استمر زوجي على هذا الحال من القذف وسبّ الدين وسبّ الله؟ وهل تُعد حياتي معه – مع هذا الحال – قائمة على معصية؟ وهل استمرار النكاح في هذه الحالة جائز؟ أرجو من فضيلتكم أن تفتوني بما يُرضي الله، فأنا أريد أن أخرج من هذا الظلم، لكن لا أريد أن أغضب الله، ولا أن أتجاوز حدوده. بارك الله في علمكم، ونفع بكم، وجعل فتواكم نورًا لي في هذا الظلام. ابنتكم السائلة… التي أرهقها الظلم وتبحث عن رضا الله.

الإجابة 17/04/2025

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يعينك على ما ابتلاك، وأن يهدي لك زوجك وأن يصلح ما بينكما، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

 

فإن كان زوجك يسب الدين ويسب الله فهذا كفر من حيث الظاهر، إن كان عاقلاً وواعيًا، وعلى أولادك أن يقوموا بدورهم بينكما، إن كان يحدث ذلك بسبب منك فواجب عليهم النصح لك، وعليك الاستماع لهم، وإن كان يحدث بغير سبب، فعليهم تفهيم والدهم بالحكمة والموعظة الحسنة، فإن انتهى وإلا وجب عليك طلب الطلاق، أو رفع أمرك للقاضي ليطلقك رغمًا عنه.

 

وفرق بين سب الدين وهو لا شك من الكبائر إن قصد الساب هنا سب من أمامه دون نية سب الدين نفسه، أما من يقصد سب دين الإسلام فهذا كفر بواح إلا أن يكون جاهلاً أو في حالة عدم الوعي فيعذر بجهله أو غياب عقله.

 

أما سب الله -تعالى عن ذلك علوًا كبيرًا- فهذا لا يحتمل تفسيرًا ولا تأويلاً إلا أن يكون في غير وعيه.

 

وإن لم يستطع أولادك فعل شيء معه، أو استحيوا من أبيهم وكانوا ضعفاء أمامه فليتدخل الأهل، فإما أن يعاملك بالمعروف والإحسان، وإما أن يفارقك بالمعروف. يقول الله تعالى: ﴿الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ...﴾ [البقرة: 229].

 

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما يلي:

 

اتفق الفقهاء على أن من سب ملة الإسلام أو دين المسلمين يكون كافرًا‏,‏ أما من شتم دين مسلم فقد قال الحنفية‏:‏ ينبغي أن يكفّر من شتم دين مسلم‏,‏ ولكن يمكن التأويل بأن المراد أخلاقه الرديئة ومعاملته القبيحة لا حقيقة دين الإسلام فينبغي أن لا يكفر حينئذ‏.‏ ‏

قال العلامة عليش‏:‏ يقع كثيرًا من بعض شغلة العوام كالحمارة والجمالة والخدامين سب الملة أو الدين‏، وربما وقع من غيرهم‏، وذلك أنه إن قصد الشريعة المطهرة‏، والأحكام التي شرعها الله تعالى لعباده على لسان نبيه ﷺ فهو كافر قطعًا‏، ثم إن أظهر ذلك فهو مرتد.‏

 

أما سب الله تعالى إما أن يقع من مسلم أو كافر، ‏فإن وقع من مسلم فإنه يكون كافرًا حلال الدم‏،‏ ولا خلاف في ذلك‏، وإنما الخلاف فقط في استتابته.

 

والله تعالى أعلى وأعلم

الرابط المختصر :