طفلي يُظهر الضيق من ملابسه.. متى أقلق؟

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : تربوية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 209
  • رقم الاستشارة : 1958
14/05/2025

ابني عنده ٣ سنين ونصف، ومن فترة وأنا ملاحظة عليه تصرف مش قادرة أفهم سببه. كل شوية يفضل يشد في التيشيرت اللي لابسه، يعني يمد إيده ويشد القماشة لتحت أو للجنب، كأنه متضايق منها أو عايز يشيلها، بس هو مش بيشدها بسنانه ولا بيقطع فيها، مجرد بيشدها بإيده كده بشكل متكرر.

الحركة دي بقت شبه عادة عنده، كل ما يكون لابس هدومه ألاقيه بيرجع يعملها، حتى لو غيرتله اللبس أو حاولت أشغله بحاجة تانية، يرجع تاني يشد في التيشيرت.

أنا بصراحة مش عارفة دي حاجة نفسية؟ ولا مجرد عادة؟ ولا فيه حاجة بتضايقه ومش عارف يعبر عنها؟

يا ريت اللي عنده خبرة أو مرّ بحاجة زي كده يطمني ويفهمني، أنا محتارة ومش عايزة أطنش الموضوع.

الإجابة 14/05/2025

مرحبًا بكِ يا أم البطل الصغير،

 

وأُحيِّي فيكِ يقظتكِ كأمٍّ واعية تُلاحظ سلوك ابنها وتحرص على فهمه، فذلك في حدّ ذاته خطوة عظيمة في التربية السليمة.

 

أود أن أطمئنكِ أولًا: ما ذكرتِه من قيام طفلكِ بشدّ ملابسه بشكل متكرر قد لا يكون بالضرورة دلالة على اضطراب نفسي، وإنما قد يندرج ضمن السلوكيات النمطية (Stereotypic Behaviors)، وهي حركات متكررة يؤديها بعض الأطفال خصوصًا في سنّ ما قبل المدرسة، وغالبًا ما تكون آلية أو وسيلة للشعور بالراحة أو التفريغ الحسي.

 

في هذه المرحلة العمرية –أي من ثلاث إلى أربع سنوات– يبدأ الطفل في اختبار جسده وحدوده، ويُعبر عن مشاعره أحيانًا عبر حركات لا واعية.

 

وقد تكون هذه الحركة عنده وسيلة غير لفظية للتعامل مع التوتر أو الملل، أو ربما هي نوع من التنظيم الذاتي (Self-regulation).

 

لكن دعيني أطرح عليكِ بعض الأسئلة لمساعدتكِ على فهم هذا السلوك بشكل أعمق:

 

1- هل لاحظتِ أن هذه الحركة تزداد في مواقف معينة؟ كأن يكون مرهقًا، أو متوترًا، أو يشعر بالملل؟

 

2- هل طفلك يُعاني من حساسية جلدية أو انزعاج من ملمس القماش؟

 

3- هل يعاني من تأخر في الكلام أو التواصل الاجتماعي أو لديه أنماط لعب غير معتادة؟

 

إن كانت الإجابة على هذه الأسئلة بالنفي، فاطمئني حبيبتي، قد يكون الأمر مجرد عادة مؤقتة وسرعان ما تزول، خاصة إذا لم تكن تؤثر على تفاعله الاجتماعي أو استقلاله الذاتي.

 

لكن من الناحية التربوية، أنصحكِ بالتالي:

 

لا تُكثري من التنبيه المباشر أو اللوم؛ لأن التركيز الزائد على السلوك قد يُعزّزه. بل حاولي أن تشتتي انتباهه بلطف، كأن تعطيه شيئًا يشغله بيديه مثل كرات الضغط  (Stress Ball) أو ألعاب حسية.

 

قدّمي له بيئة آمنة وغنية بالتفاعل، وتحدثي معه عن مشاعره حتى لو لم يُعبّر بالكلام. قولي له مثلًا: "شايفاك بتشد التيشيرت، يا ترى في حاجة مضايقاك؟ تحبّ تحكيلي؟" فهذا يُنمي عنده مهارات التعبير الانفعالي (Emotional Expression).

 

اجتهدي في تنظيم روتينه اليومي؛ فالروتين يساعد الطفل على الشعور بالأمان والسيطرة، ويقلل من الحاجة إلى اللجوء إلى حركات نمطية، كالتى يفعلها.

 

وأذكّرك –غاليتي- بقول الله تعالى: ﴿وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾، وها أنتِ – بارك الله لكِ – تجتهدين في رعاية طفلكِ وتربيته، وتبحثين له عن الطمأنينة، وهذا من أعظم القُربات.

 

ووصية النبي ﷺ: «كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته»، تؤكد أهمية هذا الدور الذي تقومين به، فلا تستائي ولا تملي من التربية.

 

* همسة أخيرة:

 

اعلمي عزيزتي الأم، أن كل طفل له إيقاعه الخاص في النمو، وأن السلوكيات الغريبة أحيانًا لا تكون إلا مرحلة مؤقتة في طريق الاكتمال والنضج.

 

كوني قريبة من ابنكِ، وتابعي تطوره بحبّ وثقة، واستعيني بالله ولا تُعجلي في القلق، بل اجتهدي في الفهم والملاحظة، وإن احتجتِ إلى تقييم دقيق، فلا بأس من استشارة أخصائي سلوك طفلي أو أخصائي علاج وظيفي مختص في التكامل الحسي  (Occupational Therapist with Sensory Integration Experience).

 

دمتِ أُمًّا واعية حنونًا، وبارك الله لكِ في صغيركِ وجعله قرة عينٍ لكِ في الدنيا والآخرة.

الرابط المختصر :