الإستشارة - المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
- القسم : فقه الأسرة
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
229 - رقم الاستشارة : 2713
20/09/2025
والدى لديه مشكلة فى الوعى وأخبرنى قبل مرضه بسنتين أو ثلاثة أن صديق له مدين له بمبلغ معين، المشكلة أن هذا الصديق توفى الآن وأنا لآ أعلم هل رد الأموال لأبى قبل مرضه أم لا وأهله لم يردوا إلينا شىء. هو المبلغ ليس بكبير لكنه دين و أنا أخشى أن تكون نفس صديق والدى معلقة كما يقول الحديث الشريف (نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ ) فهل يجوز لى أن أسدد دين صديق أبى من أموالى الخاصة يحيث أضع ما يدين به هذا الصديق لأبى فى أموال أبى؟ هل يجوز قضاء الدين عن شخص ليس بقريب؟
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فقضاء الدين عن الميت واجبٌ شرعًا من ماله أو بتبرعٍ من غيره، ويُقدم سداد الدين على توزيع التركة وتنفيذ الوصية، لقوله تعالى: ﴿... فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء: 11].
فإذا لم يترك الميت مالاً لسداد ديونه ونوى السداد في حياته، فالمرجو له أن يتولى الله عنه قضاء الدين يوم القيامة رحمةً به، أما إذا لم ينوِ السداد فهو مُعلقٌ بدينه حتى يُقضى عنه.
واقعة السؤال
وفي واقعة السؤال إما أن تسأل ورثة المتوفى عن قضاء والدهم لهذا الدين فيقضوه من تركته، وإما أن تسامحه إن كنت أنت الوراث الوحيد لأبيك، أو تسـتأذن باقي الورثة في مسامحته، وإلا يجوز لك أن تدفع لإخوتك نصيبهم، وتسامحه في نصيبك.
وكونك قريبًا للميت أو بعيدًا عنه لا يؤثر على الحكم الفقهي، المهم هو قضاء الدين، وإن كان الأولى من تركته، أو من أحد الورثة، وإلا من أي مسلم يكون مقبولاً إن شاء الله.
أما تعلق نفسه بالدين فهذا يرجع إلى أنه كان ينوي الأداء ويسعى إليه، أم أنه كان قادرًا ويماطل، فإن كان ينوي القضاء ويسعى إليه وحال بينه الموت فإن الله يقضي عنه، وإن كان مماطلا فلا سبيل إلا المسامحة من صاحب الحق، أو المحاسبة عليه في الآخرة.
المبادرة إلى قضاء الديون
جاء في فتاوى دار الإفتاء بالأردن في الإجابة عن فتوى مشابهة:
أوّل ما يُبدأ به من تركة الميت تجهيزه ودفنه، فإن تبرع بذلك أحد الأقارب فلا حرج في ذلك، ثمّ يبادر إلى قضاء الدين الذي على الميت، سواء كان ديونًا أخروية كالكفارات والزكاة ونحوها، أو دنيوية للعباد، أفرادًا أو جهات عامة أو مؤسسات؛ لقوله ﷺ (نَفْسُ المُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ) رواه الترمذي.
وقد فسّر العلماء قوله ﷺ: (نفس المؤمن معلقة): أي: محبوسة عن مقامها الكريم، وقال العراقي: أي: أمرها موقوف لا حكم لها بنجاة ولا هلاك حتى يُنظر هل يُقضى ما عليها من الدين أم لا.
وأمّا إن لم يكن للميت تركة وأراد ورثته أو بعضهم ضمان دينه على سبيل التبرّع من مالهم الخاص، ومنها الوفاء بالالتزامات المالية المتعلقة بذمته من فواتير مياه وكهرباء وغيرها؛ فهذا أمر مستحب إبراءً لذمته، ولا يجب عليهم؛ لما ورد عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: (هَلْ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ؟)، قَالُوا: لاَ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ أُخْرَى، فَقَالَ: (هَلْ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ؟)، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: (صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ)، قَالَ: أَبُو قَتَادَةَ عَلَيَّ دَيْنُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ. رواه البخاري.
وعليه؛ فقضاء ديون المتوفى وأي فواتير وجبت عليه يكون من تركته إن كان له مال، فإن لم يكن له مال وتبرع ورثته أو بعضهم بالسداد إبراء لذمته، فلهم الأجر عند الله عز وجل، وهو من أعمال البر والخير المهدى للميت، خاصة إن كان المدين أحد الوالدين فهو من باب البرّ والوفاء بهما بعد وفاتهما. أ.هـ باختصار وتصرف.
والله تعالى أعلى أعلم.