الإستشارة - المستشار : د. أميمة السيد
- القسم : المراهقون
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
47 - رقم الاستشارة : 2927
09/10/2025
أنا أم لبنتين، الكبيرة عندها ١٤ سنة والصغيرة ١١ سنة، وقلبي واجعني جدًا من اللي حصل من يومين..
كنت أنا وباباهم برا البيت، وكانت هتحصل كارثة!
البنات كانوا لوحدهم في البيت، وبعتولنا على الموبايل صورة واحدة منتقبة بتسألهم عني، وقالتلهم إنها قريبة ليا وجاية تشوفني، وفعلاً البنات بسذاجة الأطفال فتحوا الباب ودخلوها الصالون، وصوروها كمان وهي قاعدة، وبعتوا الصورة لينا على الجروب العائلي!
أنا وزوجي لما شُفنا الصورة اتجنّنا، ورجعنا جري على البيت مفزوعين... لكن الصدمة كانت إنها مش حقيقية! الصورة معمولة بالذكاء الاصطناعي، وطلع ده تريند منتشر بين المراهقين!
زوجي اتعصب جدًا ولسة لحد دلوقتي مش عايز يكلم البنات، بيقول إنهم عرضونا لخطر حقيقي، وأنا مش عارفة أتصرف إزاي ولا أتعامل معاهم بعد اللي حصل، خصوصًا إنهم اتخضّوا جدًا من رد فعله وبيعيطوا طول الوقت... نفسي أعرف أتصرف إزاي معاهم، وهل أسيب أبوهم يعاقبهم ولا المفروض نحتوي الموقف بطريقة تانية؟
أختي الكريمة، جيد هو طلب المشورة في هذا الموقف الخطير، الذي يحمل أبعادًا تربوية ونفسية وأمنية بالغة الأهمية.
ما حدث من بناتكِ لم يكن تصرفًا عابرًا، بل يُعدّ مؤشرًا واضحًا على ضرورة تنظيم التربية الرقمية Digital education داخل الأسرة، وهي مسؤولية حديثة تفرضها علينا ثورة التكنولوجيا ووسائل الذكاء الاصطناعي (AI).
التهدئة الانفعالية
أولًا: لا بد من التهدئة الانفعالية والتنظيم العاطفي Emotional Regulation داخل الأسرة.
وفي الواقع انفعال الأب مفهوم، فالموقف كان صادمًا ويبعث على الخوف، لكن استمرار الخصام يُعمّق الإحساس بالذنب والخوف عند البنات، بدلًا من أن يُولّد الوعي والانتباه. وهنا أذكّره بقول الله تعالى: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ فالصفح بعد الزلة لا يعني التساهل، بل تربية قائمة على الرحمة والفهم.
عدم الانسياق مع الخداع
ثانيًا: من الضروري أن تُدار الجلسة معهما بروح هادئة، يشارك فيها الأب والأم معًا، لتوضيح خطورة ما حدث دون توبيخ جارح.
اشرحي لهما بأسلوب مبسط أن ما حدث هو خداع رقمي، وأننا ينبغي ألا ننساق مع هذا الخداع فنضر الأخرين سواء الأقارب أو غيرهم، عبر الإنترنت حتى وإن كان من باب المزاح، فهذا ترويع للقلوب، وقد نهى عنه الرسول ﷺ فقال: "لا تروع أخاك المسلم".
استثمار الموقف تربويًّا
ثالثًا: استثمري هذا الموقف تربويًّا ليكون درسًا في الوعي الرقمي Digital Awareness، وابدئي في تعويد البنات على خطوات الحذر التالية والتأكيد عليها:
1- عدم فتح الباب لأي شخص مهما كانت مبرراته دون الرجوع للأهل.
2- عدم الرد على الرسائل أو المكالمات المجهولة.
3- الحديث الدائم معكم حول أي شيء غريب أو مقلق يحدث لهن.
4- معرفة أن التكنولوجيا سلاح ذو حدين، فهي أداة نافعة وخطرة في الوقت ذاته، وأن النية الطيبة لا تحمي من الخداع التقني.
رابعًا: من المهم أن يشعر الأبوان بأن البنات ضحايا لعدم الخبرة، لا فاعلات عمدًا، وأن دعمكما النفسي لهن الآن سيكون الحصن الذي يحميهن من القلق الاجتماعي Social Anxiety والشعور بالذنب المبالغ فيه. فكما قال رسول الله ﷺ: "كل بني آدم خطاء، وخير الخطّائين التوابون".
* همسة أخيرة:
أنصحكِ بالجمع بين الحزم الواعي والرحمة الهادئة، فالتربية في هذا العصر لا تُبنى على الخوف، بل على الوعي والمعرفة.
ولعل الله قدّر هذا الموقف ليكون تنبيهًا وقائيًّا يحمي أسرتكم في المستقبل، مصداقًا لقوله تعالى: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾.
روابط ذات صلة:
الوعي الشبابي في فخ «التريند»!