الإستشارة - المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
- القسم : أسرية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
54 - رقم الاستشارة : 1600
12/04/2025
اتخانقت مع خطيبي خناقة كبيرة فضلنا نزعق على حاجة تافهة بس هي كان ليها معنى كبير بالنسبالي المهم فضلنا ٤ ايام قاطعين كلام و اتصل امبارح بأهلي ينهي الموضوع من غير ما يقولي ولا يواجهني.
أنا بس قلبي وجعني أنا كل ليالي رمضان كنت بدعيله اكتر ما بدعي لروحي وبحاول اتقي ربنا في كل كلمة بتطلع من بوقي معاه، ومش مبينة ليه أني مدلوقة عليه خالص ولا أني بحبه كل ده.
الفكرة أنه معايا في الشغل مش عارفة هقدر أمسك دموعي وقهرتي قدامه إزاي وإزاي هعرف أتعامل معاه، هو مسؤول عن شغلي ومش هقدر أسيب الشغل لأني محتاجاه.
موقف زي دا يأكد لي انه محبنيش ولا قدرني انا اللي حبيته.. كان نفسي يحصل اي حاجة غير اننا نبعد للأبد، كنت دايما بدي فرص ان كل حاجة تتغير للاحسن مش اسيبه!
مخطوبين سنة ونص حصل بينا مشاكل كتير أسبوعيا وشهريا عادة وقت الدورة الشهرية مش بيعرف يحتوي تقلباتي يقولي انتي وشك نكدي كده ليه وأنا اسلوبي بيبقى صعب باكتئب وببقى مطفية بس دلوقتي. حاسة اني هفضل مطفية وحزينة للأبد.
انا خلاص مش هقدر افكر فيه تاني حتى لو باس رجلي في يوم مع انه اصلا طالما عمل كده فهو اخد قرار نهائي بس مش قادرة ارجعله حاجته ومش عارفة اتصرف دماغي مشلولة بعيط بس، ومش قادرة اقلع دبلتي الدين بيقول اني ارجعله حاجته حتى وهو اللي سايب بس مش قادرة بجد كنت بنام ودبلتي على المخدة جنبي دلوقتي نايمة حضناها خايفة حد ياخدها مني.
هو بعتلي رسالة ان الموضوع انتهى من يومين بعد ما كلم اهلي بس مردتش عليه ومش ناوية ارد قلبي وجعني اوي اوي ووقع من نظري مش هقدر أصفى، وأهلي مش عارفين يفكروا من الصدمة قالوا له طب اصبر نصلح الموضوع بس دا ضايقني اوي هو خلاص مش عايز قال طالما كل شوية نتخانق هنتخانق بعد الجواز بدل ما يصلح الموضوع ويبطل عند معايا، ادعولي بالله عليكم.
ابنتي الحبيبة، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك على البوابة الإلكترونية للاستشارات الخاصة بمجلة المجتمع، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجبر قلبك ويهدئ روعك ويسعد حياتك.
ابنتي الغالية، أشعر بما تشعرين به فأنت لم تتوقعي أن ينهي كل شيء بعد مشاجرة تشاجرتم مثلها كثيرًا فكان قراره بمثابة صدمة لك.. صدمة نفسية وصدمة عاطفية وأنت كنت قد تأقلمت أنه جزء من حياتك حتى أنك كنت تدعين له أكثر مما تدعين لنفسك في رمضان.. لذلك فأنا أقدر ما تشعرين به من ألم.. لكن يا حبيبتي لا بد أن نواجه الواقع كما هو ومهما كان قاسيًا.. أعلم أنك بحاجة لبعض الوقت لاستيعاب ما حدث ولكن الوقت وحده لا يكفي، أنت بحاجة أن تفري إلى الله وإليه تبثين همك وحزنك.. بحاجة أن تفزعي للصلاة وفي سجودك ابكي قدر ما تشائين.
يا ابنتي كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، وأنت –غاليتي- بحاجة لهذا الآن، أن تتركي البكاء على وسادتك وتتوضئي فتحسني الوضوء ثم تفزعي للصلاة .. كان ابن عباس في سفر وجاءه خبر وفاة أخيه (ولا يوجد ما هو أشد من صدمة الموت والفراق) فاسترجع، أي قال إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم تنحى عن الطريق فأناخ راحلته فصلى ركعتين وشرح الحكمة من ذلك بقوله: ما أمرنا الله به بقوله: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ}.
فاستعيني –ابنتي- بالصبر والصلاة ولا تستسلمي لمشاعر الأسى، وأوصيك بقول دعاء الكرب الذي رواه البخاري ومسلم، فما قاله أحد إلا كشف الله عنه كربه وهذا نصه: "لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات السبع ورب الأرض ورب العرش الكريم"، فلا يوجد ما ينزل السكينة على قلبك ويرفع عن قلبك ما يعانيه أكثر من الصلاة والدعاء والذكر.
تقييم التجربة
ابنتي الغالية، توقفي عن قراءة باقي الرد حتى تشعري أنك في حالة نفسية هادئة.. وأنت بعد الصلاة والدعاء ستشعرين بهدوء نفسي حقيقي، ولكن ستعاودك مشاعر الحزن مرة أخرى وتفزعين للصلاة والذكر، وهكذا في كل مرة ستعاودك مشاعر الحزن بدرجة أقل من المرة السابقة لها، ثقي من ذلك.. وعندها أدعوك لقراءة باقي هذا الرد.
الرجل -يا ابنتي- (وهذا الكلام ينطبق على خطيبك وعلى غيره من الرجال) لا يحب المشاحنات يهرب من أجواء النكد.. الحب الذي يؤثره مرادفًا للسعادة والبهجة والراحة النفسية وأنتم تقريبًا كل أسبوع تتشاجرون، وفي الشجار الأخير أنت وصفت ما حدث بـ "الزعيق"، هذا يعني أنك كنت تصرخين في وجهه، والرجال يكرهون الصوت المرتفع، فما بالك بالصراخ يا ابنتي.
وفي كل شهر تضطرب هرموناتك يكون هو الضحية لهذا الاضطراب فتقابليه بكآبة وحزن، وأنت وصفت أسلوبك وقتها بأنه يكون صعبًا، وأن عليه هو أن يحتوي تقلباتك المزاجية.. لكن ألم تفكري أن عليك أن تبحثي عن حل أو علاج يحجم هذه المشكلة. والمشكلة والشجار الأخير يا ابنتي كانا كالقشة التي قصمت ظهر البعير.
تأملي القضية من وجهة نظره كرجل بعد عام ونصف من الخطبة، هو يدرك أنك تحبينه (وخيرًا فعلت بعدم إظهار درجة هذا الحب)، هو أيضًا يحبك ومتعلق بك ولكنه لا يشعر بالارتياح في هذه العلاقة؛ فكل أسبوع مشكلة وكل شهر أيام من المعاملة البائسة وصوت مرتفع وحدة في الكلام، وهذا كله حدث في فترة الخطوبة التي تمثل فترة الأحلام الجميلة والمشاعر الرائقة والمعاملة الناعمة، فهو عندما قام بتقييم التجربة شعر أنها تجربة فاشلة تنبئ بحياة زوجية أكثر فشلاً بما قد يتخللها من شجار ومنازعات.
هذا الرجل عندما قام بتقييم التجربة كان صريحًا مع نفسه، فهو لا يشعر بالارتياح؛ لذلك أخذ هذا القرار الحاسم واتصل بأهلك مباشرة حتى يكون هذا الملف قد أغلق بشكل رسمي.. وبعدها أرسل إليك أيضًا كي يؤكد قراره.
ابنتي العزيزة، أظنك أنت أيضًا بحاجة لتقييم التجربة بشكل غير عاطفي، وكثيرًا ما قلنا إن فترة الخطوبة هي فترة تقييم إنساني وليس فترة بناء عاطفي قد يشوش الرؤية تمامًا، وأنت للأسف تورطت عاطفيًّا بشدة، ولكي تستطيعي أن تقيمي التجربة أيضًا حتى تتحقق لك الإفادة فلا بد أن تكوني هادئة مستحضرة قوى العقل والتأمل والموضوعية وقد عزلت عواطفك عن التدخل في التقييم، ثم قومي بتقييم موقفك وموقفه وصورة العلاقة بوجه عام وهل تمثل الصورة التي كنت تحلمين بها طيلة حياتك أم لا؟
أريدك أن تقيمي موقفك بشكل موضوعي فلا تجلدي ذاتك ولا تقعي ضحية لحيلة نفسية دفاعية هي حيلة " التبرير".
والهدف من ذلك أنني أريد أن تنضجك التجربة وتحسني استثمارها، فسواء شاءت إرادة الله تعالى أن تستكملي هذه الخطبة أو كانت إرادة الله أن تتزوجي بآخر، ففي كل الأحوال عليك أن تكوني شخصية أقوى تستمد هذه القوة من رب العالمين فلا تنهار إذا تخلى عنها إنسان.
عليك أيضًا أن تتقني مهارات الهدوء النفسي في أصعب الظروف بصورة ذاتية فلا تنتظري من الآخرين التفهم والتعاطف، وعلى سبيل المثال لا بد أن تسعي لإيجاد حلول صحية للاضطرابات الهرمونية بدءًا من تناول مسكن مناسب مرورًا بأخذ عطلة من العمل للتدريب على المساج الذاتي والتعرض لضوء الشمس وتناول طعام صحي.
من الأمور المهمة أيضًا أن تتدربي على الحديث بصوت منخفض، وأن تفكري في الكلام قبل أن تقوليه، وأن تحتفظي بابتسامتك الجميلة دائمًا.. لا أريد أن يقال عنك نكدية هذه مرة أخرى.
فرصة ثانية
ابنتي الغالية، قلت إن عائلتك لم تأخذ قرارًا نهائيًّا وأنهم منحوه فرصة للتراجع ولكنه لم يتراجع وأرسل إليك قراره وأنك أنت لم تردي حتى الآن.. يمكنك إن أردت أن ترسلي له أن علاقتكم تستحق فرصة ثانية تستفيدون فيها من تجاربكم خلال عام ونصف، وأن لديك استعدادًا أن تمتلكي شجاعة المراجعة وتتركي الكرة في ملعبه لمرة أخيرة فإن أصر على موقفه فهو لم يترك لك خيارًا آخر.
أما إن كنت نفسيًّا رافضة أن تعرضي عليه هذا العرض بعد ما كان منه، فليس عليك إلا أن تغلقي هذا الملف بطريقة أنيقة فترسلي له دبلته وأشياءه مع أطيب الأمنيات بحياة سعيدة.
ابنتي، استعيني بالله حتى تمر هذه الأيام العصيبة وخذي بالأسباب.. لا تتابعي أي حساب له على مواقع التواصل، وقومي بعمل حظر لهذه الحسابات ولا تتابعي أخباره..
ستبقى مشكلة العمل وكونه مديرًا مباشرًا لك فليس أمامك سوى التعامل برسمية في حدود العمل واحرصي على عدم التواصل البصري معه.
اهتمي بصحتك الجسدية والنفسية.. احصلي على قسط كاف من النوم ليلاً.. ارتدي ملابسك الأنيقة المحتشمة بألوان هادئة في العمل.. كوني متيقظة الذهن، وتذكري أنت لست بحاجة أن تثبتي له ولا لأي أحد شيئًا.. كوني طبيعية عفوية هادئة فقط.
إياك ثم إياك أن تقبلي خطبة أخرى حتى تساعدك على التخطي، فأنت هنا تظلمين نفسك وتظلمين شخصًا بريئًا لا ذنب له، وغالبًا مثل هذه العلاقات تنتهي بالفشل.
إذا راجع خطيبك السابق نفسه بعد فترة وحاول التواصل معك (وهذا أمر وارد)، خاصة إذا شعر بالفعل أنك قادرة على التخطي ولمس التغيرات الهادئة في شخصيتك فلك الخيار وقتها في منحه فرصة ثانية أو أن تصري على غلق هذا الملف نهائيًّا، وتذكري في كل الأحوال أنك لا تتغيري ولا تتماسكي إلا لأجل نفسك وليس من أجل أن يشعر بالندم أو يفكر في التراجع، وهو الأمر الذي قد يحدث بالفعل ولكن دون أن يكون هدفًا تخططين له والفارق شاسع بين المعنيين.. أسعد الله قلبك ومنحك القوة وأعانك في كل خطواتك القادمة.