الإستشارة - المستشار : أ. فتحي عبد الستار
- القسم : دعوية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
141 - رقم الاستشارة : 1142
26/02/2025
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أرجو توجيهي إلى كيفية تنمية القدرات في مجال التحرير الصحفي بشكل عام، وفي مجال الدعوة والفتوى أو الأمور الإسلامية بوجه خاص.
هل يكفي فقط الموهبة أم ينبغي الحصول على دورات في مجال التحرير الصحفي؟
ومن أين؟ حتى تكون معتمدة ومعترفا بها.
وشكرا لكم.
الأخت الكريمة هبة، مرحبًا بك، وأحييك على اهتماماتك الطيبة، وهمتك العالية، وبعد...
فقبل أن أجيبك على أسئلتك أحب أن أوضح أن أي مجال من مجالات الحياة يريد الإنسان أن يتخصص فيه ويحقق نجاحًا لا بد ألا يكتفي فيه أبدًا بالموهبة، بل لا بد أن يصقل هذه الموهبة وينميها بالدراسة والعلم الذي يجب أن يحرص على أن يأخذه من أهله.
وتختلف نسبة أهمية كل من الموهبة والدراسة من مجال لآخر. وفي الأمور العلمية البحتة تحتل الدراسة والعلم فيها أهمية كبرى، ثم تأتي الممارسة والخبرة بعدها، وتأخذ الموهبة المرتبة الأدنى فيها؛ بل أستطيع القول إن الموهبة هنا تتأتى من رحم الدراسة والممارسة.
ولقد سألت عن عدة مجالات في رسالتك، أرى أنها تعد من المجالات العلمية التي تحتل فيها الدراسة والعلم الأهمية الكبرى، وخصوصًا مجال الإفتاء والدعوة.
سألت أختي الكريمة عن أمرين: أولهما كيفية تنمية القدرات في مجال التحرير الصحفي، وثانيهما كيفية تنمية القدرات في مجال الدعوة والفتوى والأمور الإسلامية.
أما عن الأول، وهو تنمية القدرات في مجال التحرير الصحفي، فهذا يمكنك الوصول إليه عن طريق:
1- دراسة هذا الفن في إحدى الكليات أو المعاهد التي تدرِّسه، مثل كليات الإعلام، أو قسم الصحافة بكلية الآداب.
2- الالتحاق بالدورات التي تنظمها المؤسسات الصحفية والمراكز الإعلامية في بلدك لهذا الأمر.
3- التدريب على هذا العمل والتعلم، من خلال الممارسة في إحدى المؤسسات الصحفية.
وأنصحك في هذا الشأن بامتلاك الأداة الأساسية في هذا العمل، وهي «اللغة السليمة»، التي تمكنك من التعبير عما تريدين بشكل صحيح وسليم، وتنمية ثروتك اللغوية بالمفردات التي تعينك على التعبير الصحيح والجميل في الوقت نفسه.
أما عن تنمية القدرات في مجال الدعوة والفتوى، فقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسَّره الله عليه، وهذا الأمر يحتاج منك إلى عدة أمور:
1- إخلاص النية لله عز وجل، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من تعلم العلم ليباهي به العلماء، أو يماري به السفهاء، أو يصرف به وجوه الناس إليه، أدخله الله جهنم» [رواه ابن ماجة]. ويقول بعض السلف: «تعلموا ما شئتم، فوالله لن تُؤجرُوا حتى تعملوا بما علمتم، وكلُّ علمٍ وبال على صاحبه ما لم يعمل به، وكل الناس هلكَى إلا العالمين، والعالمون هلكَى إلا العاملين، والعاملون هلكى إلا المخلصين، والمخلصون على خطر عظيم».
2- تفريغ وقت مناسب لهذا الغرض، وهذا يتطلب منك جهدًا للموازنة بين ما تريدين الوصول إليه وبين واجباتك الحياتية المختلفة، وقد يعرِّضك هذا لحرمان نفسك من بعض اللهو والراحة، وهذا يتطلب منك المثابرة والصبر.
3- الدراسة على يد متخصصين راسخين في هذه العلوم، ولا يجوز في علوم الشريعة أن نقتصر في أخذ العلم على الكتب أو الوسائط الإلكترونية فقط؛ بل ينبغي الدراسة الحية على أيدي العلماء، وقديمًا قالوا: «لا تأخذ العلم من صُحُفيٍّ، ولا القرآن من مُصحَفيٍّ».
وهؤلاء العلماء إما أن تدرسي على أيديهم دراسة أكاديمية في الكليات الشرعية المتخصصة إن كان هناك سبيل للالتحاق بها، وإما عن طريق الدراسات الحرَّة في المعاهد والمراكز والمساجد المختلفة.
وأخيرًا، أنصحك أختي ألا تؤجلي القيام بواجبك الدعوي بزعم الانتهاء من العلم أولاً، فإن العلم لن ينتهي، وليس له حد، بل قومي بدورك في الدعوة على قدر ما تستطيعين وفي حدود ما تعلمين، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «بلغوا عني ولو آية» [رواه البخاري]، ولكن إياك أن تتعرضي للفتوى فيما ليس لك به علم، فهذه مسؤولية عظمى، وعليها حساب كبير.
وفقك الله أختي الكريمة، وزادك إيمانًا، ورزقك الإخلاص والرشاد، وبلَّغك مرادك. وتابعينا بأخبارك.