الإستشارة - المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
- القسم : فقهية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
87 - رقم الاستشارة : 1479
03/04/2025
ما الحكمة من تشريع العيد بعد الانتهاء من العبادة، ألا ينبغي أن نحزن لانتهاء مواسم الطاعات، فلماذا الفرح بانتهاء مواسم الطاعات؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فالفرحة هنا ليس المقصود منها أن المسلم قد استراح من العبادة، وعاد إلى حالته الأولى قبل رمضان، ولكن الحكمة من الفرحة أن الله وفقنا لأداء ركن من أركان الإسلام وهو الصيام في عيد الفطر، وأن الله وفق بعض المسلمين لأداء ركن آخر من أركان الإسلام وهو عيد الأضحى.
وفي نهاية هذا الشهر جعله الله عيدًا يفرح الناس لأداء هذه الطاعة ولتوفيق الله وهدايته لهم ليعلموا كيف يفرحون ومتى يفرحون، يعرف المسلم أنه يفرح يوم أن يوفق لأداء عبادة من عبادات الله تعالى، ويحزن يوم أن يقترف إثمًا مما نهى الله عنه، وإذا فرح فرح على مراد الله لا على مراد نفسه {قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} (يونس: 58). حتى أضحى العيد وكأنه تتويج لهؤلاء الذين نجحوا في الاختبار فحصلوا على الجائزة عند نهاية هذا الشهر العظيم فكانت جائزتهم بداية الطريق للجائزة الكبرى إن شاء الله.
وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: أنه قال: "كان لأهل المدينة في الجاهلية يومان من كل سنة يلعبون فيهما"؛ فلما قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "كان لكم يومان تلعبون فيهما، وقد أبدلكم الله بهما خيرًا منهما: يوم الفطر، ويوم النحر".
قال العلامة ابن عابدين -رحمه الله-: "سُمي العيد بهذا الاسم؛ لأن لله -تعالى- فيه عوائد الإحسان، أي: أنواع الإحسان العائدة على عباده، منها: الفطر بعد المنع عن الطعام، وصدقة الفطر، وإتمام الحج بطواف الزيارة، ولحوم الأضاحي، وغير ذلك، ولأن العادة فيه الفرح والسرور والنشاط والحبور".
ويقول الإمام أبو حامد الغزالي -رحمه الله-: "فإن النفس ملول، وهي عن الحق نفور؛ لأنه على خلاف طبعها؛ فلو كلفت المداومة بالإكراه على ما يخالفها جمحت وثابت، وإذا روّحت باللذات في بعض الأوقات قويت ونشطت". ومن مقاصد هذه المناسبات: فرح أهل الإيمان برحمة الله وفضله، قال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} (يونس: 58).
والله تعالى أعلى وأعلم