الإستشارة - المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
- القسم : السياسة الشرعية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
75 - رقم الاستشارة : 2754
23/09/2025
تحدث أحد الدعاة أن الأمة الآن في ظل ظروفها تحتاج إلى نموذج الحسن ولا تحتاج إلى نموذج الحسين فما الفرق بينهما وهل هذا الكلام صحيح ؟
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فقد أجاب علي بن أبي طالب -رضي الله عنه– عن هذا السؤال قبل أن يقع، فقد نقل ابن تيمية في كتاب "السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية"، أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: لا بد للناس من إمارة برة أو فاجرة، فقال له رجل هذه البرة عرفناها في خلافتك وخلافة الراشدين من قبلك، فما الفاجرة؟ قال الفاجرة هي من تؤمن بها الثغور وتوزع بها الغنائم وتقام بها الحدود وتؤدى بها الصلوات، وتؤمن بها السبل، فإذا وجدت هذه الخمسة في إمارة حتى لو ظلم الأمير أو استأثر بشيء من الدنيا لنفسه أو أهله فيمكننا أن نقدم التصالح معه على الخروج والثورة عليه، فإذا لم تتوافر فيها الشروط كان نموذج الحسين هو الأولى بشرط إلا يؤدي إلى فتنة أو شر أكبر.
مقارنة مغلوطة
وهذه مقارنة مغلوطة، وغمز للحسين الشهيد – رضي الله عنه- الذي يمكن أن نختلف معه سياسيًّا على إن كان قادرًا على مواجهة يزيد أم لا؟ لكن الفعل لا خلاف حول مشروعيته وصدق نيته رضي الله عنه.
وقد تصالح الحسن مع معاوية رضي الله عنهما لما كان معاوية أفضل ملوك الأرض بتعبير كثير من الفقهاء، وإن كان دون الخلفاء الراشدين، وعاهده أن يكون الأمر شورى بين المسلمين بعد وفاته، ولو عاش الحسن بعد موت معاوية وولاية يزيد على خلاف العهد والوعد ما وسعه إلا الخروج إن كان قادرًا عليه.
أما يزيد فقد اختلف الناس حول كفاءته وأخلاقه، واتفقوا على أنه كان من بين الصحابة من هو أولى بالخلافة منه من أمثال عبد الله بن عمر أو عبد الله بن عباس أو غيرهما الكثير رضي الله عنهم أجمعين.
تعلم العبرة من التاريخ
ونحن هنا لسنا بصدد انتقاص قدر صحابة رسول الله ﷺ أو النيل منهم لكننا نتعلم من التاريخ العبرة والدرس للاستفادة، وقد أجمعت الأمة أنهم ليسوا معصومين.
ولما بويع أبو بكر بالخلافة بعد بيعة السقيفة تكلم أبو بكر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
"أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوى فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم".
فهنا يقر أبو بكر الصديق وهو خليفة رسول الله ﷺ وأفضل أصحابه أنه يحسن ويسيء، ويصب ويخطىء فما بالنا من هم دونه!
والخلاصة أن الأمة تحتاج إلى نموذج الحسن في أوقات معينة، ونموذج الحسين في أوقات أخرى، وكلاهما على صواب، وكلاهما اجتهد واجتهاده مأجور إن شاء الله.
والله تعالى أعلى وأعلم.
روابط ذات صلة: