Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. عزة مختار
  • القسم : أسرية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 266
  • رقم الاستشارة : 1577
12/04/2025

أنا طول الوقت بحاول أكون كل شيء. أم ممتازة، زوجة صبورة، موظفة شاطرة، بنت حنونة، طباخة، مدبرة، مربية، حتى نفسية عيالي أحاول أحافظ عليها... وأنا؟ محد حافظ عليّ! زوجي شايف إنه بس يطلع الصبح ويرجع تعبان... وأنا؟ مش شايفني. كأني روبوت شغال طول اليوم، ما يوقف، ما يشتكي، وما يتعب.

أنا فعليًّا مو قادرة أفهم، أنا فين بالضبط؟ بين بيتي ولا شغلي؟ بين طموحي ولا مسؤولياتي؟ بين كرامتي ولا سكوتي؟ يعني معقولة أعيش طول عمري بهالتشتت؟ أحاول أرضي الكل، وأنا آخر واحدة أفكر فيها؟ هو يشوف نفسه مضغوط، طيب وأنا؟ أنا مش إنسانة؟ أنا مش من حقي أرتاح؟ ولا لازم أظل أتحمل وأسكت عشان البيت ما ينهار؟ أحيانًا أحس إني أنهار وأنا مبتسمة، بس عشان ما أزعج أحد.

ما أدري... يمكن أنا غلطانة؟ يمكن أنا حساسة؟ بس فعلاً، داخلي صراع مو طبيعي... وأحس إني مو قادرة أكمل بهالشكل.

أنا ما جايه أشتكي بس، أنا فعلاً أدور حل... أبغى مشورة، كلمة ترشدني. هل في طريقة أرجع أوازن فيها حياتي؟ هل في شي أقدر أسويه يساعدني أتنفس من جديد؟

الإجابة 12/04/2025

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين، النبي القائد الكريم، والقائل في حديثه الشريف الذي أخرجه البخاري: "ارْفُقْ يا أنْجَشَةُ، ويْحَكَ بالقَوَارِيرِ"، والقائل في موضع آخر: "استوصوا بالنساء خيرًا، فإنهن عوان عندكم"، ومرحبًا بك أختنا الكريمة بموقع استشارات مجلة المجتمع في كل وقت وحين، أقول وبالله التوفيق:

 

قلبي عندك ومعك على ما فعلته بنفسك من عملية انتحار مقننة قررت بنفسك أن تفعليها حتى صارت حقًّا متكسبًا عند الجميع، فغير مسموح بالشكوى، غير مسموح بالتقصير، غير مسموح بالتعب أو التراجع عما قدمته بكامل إرادتك، ليستريح الجميع إلا أنت، ويرضى الجميع وهم لن يرضوا مع تقديم تلك الخدمات المجانية، وهي ليست مفروضة عليك بالأساس، لقد وقعت في أخطاء، غالبًا ما تقع فيها المرأة العربية عامة والمسلمة على وجه الخصوص، وهي تحسب أنها تحسن صنعًا.

 

الخطأ الأول: أنك جهلت تمامًا أحكام الدين في حقوقك وواجباتك، فلم تراعي طبيعتك الأنثوية وتحملت أعباء مضاعفة ليست مفروضة عليك من الأساس.

 

الخطأ الثاني: أنك جعلت أولويات ليست من الضرورة، وتجاهلت واجباتك الأساسية، وهي كونك زوجة في المقام الأول ثم أُمًّا في المقام الثاني، وسوف أشرح لك مقصدي.

 

بالنسبة للخطأ الأول: وهو ما تقع فيها معظم نساء هذا الزمن، وهو أن تجعل العمل خارج البيت أولوية لها وكأنه واجب عليها بداع وبغير داع، فهي تصحو مبكرًا لتقوم بواجباتها تجاه أسرتها من زوج وأبناء، ثم تلهث نحو العمل الذي تقضي فيه ساعات تنتهك فيها آدميتها وطبيعتها كامرأة بين الجمهور الذي تقوم على خدمته، أو الأوراق التي يجب أن تنهيها، أو المدير الذي يجب أن تنال رضاه تجاه مستوى عملها.

 

ثم تعود إلى البيت في نفس الوقت الذي يعود فيه الزوج، لتلهث مرة أخرى بالمطبخ بينما هو ينال قسطًا من الراحة، لتهلك نفسها، تعد الطعام وتتابع دروس الأولاد، ثم التنظيف وأعمال البيت التي لا تنتهي، ثم يأتي الليل وقد استُهلكت تمامًا، فلا تستطيع حديثًا، ولا تبادل زوجها حوارًا، يريد أن يقضي الوقت معها، فتتحامل على نفسها مرة وتفشل في ذلك مرات لعدم قدرتها، لتجد نفسها في نهاية كل يوم كالمتاع بغير روح أو قلب.

 

وبالنسبة للخطأ الثاني: أنك نسيت نفسك في تلك الدوامة وأنت تحسبين أنك متفانية مع الجميع، بينما أنت تقومين بتربية عاهات مجتمعية، يخرج الواحد منهم عاجزًا عن خدمة نفسه، أنانيًّا لا يعرف إلا أن يأخذ ولا يعرف العطاء، فتخرجي زوجة مهملة، وتربي شابًّا لا يستطيع فتح بيت يقوم على التعاون والمودة والرحمة والتكامل بين أفراده.

 

وبين كل هذا الزحام والركام، نسيت الاهتمام بنفسك، وأنك أنثى ولك متطلبات جبلك الله عز وجل عليها، منها الاهتمام بذاتك، تثقيفًا وترتيبًا وهندامًا وزينة (داخل بيتك) وبصحتك البدنية والنفسية، إنك حين تهملين كل ذلك فلن يصنع لك أحدهم تمثالاً ويقول تلك المرأة التي أنكرت ذاتها كأم وكزوجة وتفانت في خدمة الجميع.

 

واعذريني في الوصف، إن أي خادمة تستطيع أن تفعل ما تفعلينه، لكن ليس أي امرأة تستطيع أن تصنع التوازن في حياتها، بينما الفوضى لا تصنع إلا المزيد من الفوضى، ولكي نصلح تلك الأخطاء عليك بعمل ثورة تنظيمية في حياتك كي تعودي لذاتك تستند على التخطيط والتنظيم وإعطاء كل ذي حق حقه بمن فيهم أنت.

 

أولاً: التخطيط لحياتك ككل: عليك أن تضعي أهدافًا ووسائل لتحقيق هذه الأهداف، لا تغفلي فيها أحدًا، وابدئي بذاتك التي أنت مسئولة عنها أمام الله لا غيرك.

 

ثانيًا: عليك تربية أبنائك على تحمل المسئولية، وليس الاتكالية، فليس مطلوبًا منك العمل بالنيابة عنهم، وإنما تعليمهم وتدريبهم على العمل ليكونوا آباء وأمهات صالحين فيما بعد.

 

ثالثًا: عملك خارج بيتك ليس هو الأولوية، وطموحك لا أحد ينكره عليك، لكن في حدود قدرة المرأة التي هي أم وزوجة، وبما لا يتعارض مع حيائها ودينها، وإن كان عملك يتعارض أو لا يقدم خدمة حقيقية للمسلمين فالبيت في هذه الحالة أولى، والأولاد والزوج أولى بذلك الجهد، فإن كان العمل ضرورة مثلا، فليكن تحت مظلة تنظيم الوقت والتخطيط الجيد وإدارة الوقت.

 

رابعًا: تعلمي التجاهل، تعلمي أن تقولي لا، تعلمي أن تأمري ابنتك بخدمة نفسها، وأن يرتب ابنك غرفته، وتعلمي أن يشاركك زوجك في بعض الأعمال حين يعود من العمل طالما رضي من البداية أن تعملي خارج البيت وتتحملي عبئا فوق العبء، تعلمي أن تنالي قسطًا من الراحة بينما يستذكرون دروسهم مع أبيهم أو بينكما معا.

 

تعلمي الاهتمام بنفسك، وعباداتك، وعقلك، وقلبك، وأن تقتطعي من وقت البيت لتقضي وقتا خاصًّا بك مع زوجك لإحياء الحب والمودة بينكما، إن تفانيك حبيبتي في تحمل أعباء الآخرين مراعاة لمشاعرهم لن يجعل منك إنسانة فوق العادة، وإنما سيجعل منك إنسانة محطمة سوف يلقيها الجميع جانبًا ويمضون نحو حياتهم غير عابئين.

الرابط المختصر :