منهكة مضغوطة.. وضميري لا يرحمني

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
  • القسم : العائلة الكبيرة
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 210
  • رقم الاستشارة : 2115
15/07/2025

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

ممكن أستشيرك في حاجة عاملة لي ضغط نفسي شديد.. أنا طبيبة شابة من سنتين نزلت الشغل بعد إلحاح شديد من والدي إني مكتفيش بالعيادة وأنزل الحكومة.. لأني خريجة جامعة خاصة وهو شايف إن مش بعد التعب ده أكتفي بالعيادة اللي الريت بتاعها إلى حد ما مش اللي هو... وقتها كنت عارفه إن زوجي هيثور ويتخانق لأنه كان مكتفي بالعيادة بالعافية لأن مفيش عائد يستفيد منه...

المهم إني عشان أرضي بابا وأتجنب الخلاف مع زوجي أقنعته أني لو نزلت هساهم بجزء من راتبي في أقساط مدرسه الولاد، وبالفعل من ساعتها كل شهر يأخذ جزء من الراتب.. طبعا حاولت أأقلم نفسي ع الوضع بالرغم مش حباه.... دلوقتي العيادة مع شغل الحكومة بقي ضغط على صحتي جدا...

والدي فارض عليا من زمان أوووي ان لازم اروح كل جمعة بليل أبات وهو يمشي على شغله السبت الظهر والدتي بتكون عايزاني أخرج معاها بعد ما والدي يمشي وغالبا مبرجعش غير الساعة ٧ أو ٨ أو أكتر أحيانا.. زوجي من زمان رافض القصة دي ودايما يقول لي هتباتي تعالي السبت بدري أو متبتيش وروحي السبت، والدي بيزعل وبيقعد يضغط عليا لو مبتش.. والدتي بتزعل لو مشيت بدري.. جوزي بيزعل لما أبات وامشي متأخر ويقول لي بتسبيني وقت طويل جدا..

أنا بقي طول الاسبوع اصلا مرهقه وباجي آخر الأسبوع أبقى مرهقة نفسيا وعصبية أكتر ومبقتش مستحملة ومش عارفه أرضي مين وإزاي، أنا لدرجه بقالي فترة مبروحش الجمعة وجيت زرت والدي الأسبوع اللي فات مع أني كل الاسابيع كنت بروح السبت صباحا عادي عاملني معامله سيئة للغاية أثرت علي نفسيا حتى هذه اللحظة مع العلم والدي ووالدتي عارفين أن الفترة دي بضايق زوجي... مع العلم أن المسافهة بيني وبينهم ربع ساعة بتاكسي... إخواتي جنبهم مش بيعملوا معاهم كده.

طول الفترة اللي فاتت كنت بنفذ اللي هم عايزينه وبقلبها خناقة مع زوجي لأن كنت حاسة انه هدفه يبعدني عنهم مش اكتر... بس مع الوقت حسيت أني غلطانة وأن فعلا الوقت طويل وأن بقية الأسبوع بكون مشغولة وخصوصا كمان وقت الدراسة، فزوجي من حقه أن يكون له يوم في الإجازة نقعد فيه كأسره فحتى يوم الجمعة صباحا بيكون تمارين ودروس تحفيظ للأولاد الموضوع وصل معايا لضغط نفسي شديد وتأنيب ضمير فوق الوصف وأصبحت أعاني من الصداع النصفي ووجع في جسمي كله وحاسة حقيقي أني تعبانة..

والدي وقف معايا كتير جدا بداية من أني خريجه جامعه خاصة لحد حاجات كتير جدا وأن هو اللي فتح لي العيادة، فأنا مش عارفه فعلا تعبت أوووي.. والدي ووالدتي مبينفعش معاهم الكلام والإقناع لازم حجج لدرجة بتعب عشان ألاقي حجج أني مش لازم أبات ومبحبش أكذب ونقطه تأنيب الضمير عالية جدا معايا.

الإجابة 15/07/2025

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك أختي الكريمة في موقعك الاستشارات الالكترونية...

 

في البداية لا بد أن أسجل إعجابي بجهدك الرائع في محاولة إرضاء الجميع وإسعادهم، بدءًا من والدك ووالدتك اللذين تبرينهما بكل صور البر وتذكرك الدائم لفضلهما عليك، وزوجك الذي اكتشفت أنه لا يأخذ حقه من وقتك واهتمامك، وحتى أولادك الذين تحرصين على تحفيظهم القرآن وتدريبهم بالإضافة للحفاظ على مستواهم الدراسي، وحتى عملك كطبيبة والذي تقفين فيه على ثغرة عظيمة، أسأل الله سبحانه أن يعينك عليها وعلى كافة أدوارك وواجباتك التي تحاولين النجاح فيها.

 

الطاقة البشرية

 

أختي الكريمة، دعينا نقرر حقيقة بديهية ألا وهي أن الطاقة البشرية طاقة محدودة يمكننا توسيع خزانها لكن في النهاية لا بد أن نصل لحد أقصى لا نستطيع تجاوزه ومجرد محاولة تجاوزه تترتب عليه نتائج وخيمة، لذلك كانت القاعدة القرآنية المقررة في هذا الصدد {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}، وكان دعاء المؤمنين {رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ}.

 

وأرى من خلال كلماتك أنك تحملين نفسك فوق طاقتها طمعًا في إرضاء وإسعاد من حولك وخاصة والديك، والنتيجة أن أصابك الصداع النصفي وهاجمتك الأوجاع الجسدية وأصبحت تلك الزيارات تشكل عبئًا عليك مما أثقل ضميرك أن يكون هذا هو شعورك ممن لهم الفضل عليك، وحتى لو لم تكوني خريجة جامعة خاصة وحتى لو لم يساعدك والدك في افتتاح العيادة فللوالدين فضلهما الذي لا ينكره إلا جاحد {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}،

وزوجك هو الآخر له حق عظيم، وفي الحديث: "إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها دخلت جنة ربها"، وبالطبع لأولادك حقوق ولمرضاك حقوقهم.

 

لكن أين أنت من كل هذا؟ ما هي حدود طاقتك وقدرتك على التحمل؟ عندما تنظرين لنفسك وتبحثين عن حقوقك فهذه ليست أنانية بل حق شرعي فأنت ستسألين عن جسدك وصحتك؛ لذلك فأنا أدعوك أن تضعي نفسك على رأس الأولويات، فحفظ النفس وحفظ العقل من أهم مقاصد الشريعة، ومن ثم فالحفاظ على صحتك الجسدية وصحتك العقلية والنفسية مقدم علي ما سواه.

 

رضا الوالدين

 

الخطاب العاطفي هو أقصر طريق لنيل رضا الوالدين وهو ما قد يعوض الوقت الطويل بصحبتهما؛ لذلك أدعوك لتحكي لهما كل ما تشعرين به من مشاعر تجاههما كيف تحبينهما، وكيف هي مقدار الغلاوة في قلبك لهما، وكيف تشعرين بالامتنان لهما، وكيف تشعرين بفضلهما مع بعض القبلات والقرب الجسدي، ثم اشرحي لهما مقدار ما تعانين من ضغوط وضيق في الوقت وشعورك بتأنيب الضمير لأنك لا تقضين العطلة مع زوجك رغم أنه يشكو من ذلك وأنهم لا يرضيان لك كسب السيئات لهذا السبب.

 

هذا كله بمثابة تمهيد لامتناعك عن المبيت يوم الجمعة، حيث إن مساء الجمعة هو الوقت الوحيد المتاح لكم كأسرة لقضائه معًا.. ربما في البداية تشعرين بجفاء والدك معك لكنه بمرور الوقت سيعتاد ذلك، خاصة ووالدتك -حفظها الله- موجودة، ولك إخوة آخرون، كل ما عليك أن تصبري على جفائه ولا تتوقفي عن استخدام الخطاب العاطفي معه حتى تكسبي عطفه وشفقته.

 

أما بالنسبة لوالدتك فقومي بفك الارتباط بين ذهابك للعيادة وزيارتها فيكفي زيارة قصيرة واحدة في منتصف الأسبوع بالإضافة لخروجك معها يوم السبت، وستجدين أن الخطاب العاطفي يعمل بطريقة أسرع وأسهل مع الوالدة، ويمكنك تعويضها ببضع مكالمات هاتفية وأنت في وسيلة المواصلات مثلاً.

 

رضا زوجك

 

أختي الغالية، آن أوان أن تكون علاقتك بزوجك خالية من التحفز وسوء الظن والعناد والشعور بالصراع الدائم والتوتر.. أنت بحاجة لأخذ خطوات لبث الدفء والحرارة في حياتك الزوجية، فالزوج الذي يشعر بالإهمال وعدم الاهتمام أو الذي يشعر بالصقيع في بيته سيكون زوجًا سيئًا جاف الطباع وقد يكون ما هو أسوأ من ذلك.. الرجل يحب أن يشعر أنه على رأس أولويات زوجته وأنها لا تفضل عليه أحدًا، فإذا كنت غير قادرة على الجمع بين عملك الحكومي وبين العمل في عيادتك الخاصة فتراجعي خطوة للوراء واكتفي بالعمل في العيادة بحيث تكثفين جهدك فيها، ويمكنك أن تقومي بعمل حملة إعلانات ممولة للتعريف بعيادتك.

 

وإذا كان الخطاب العاطفي هو طريقك لكسب رضا والديك فهو أيضًا الطريق لكسب قلب زوجك وتعاطفه معك، ولست أدري لماذا استشعرت من كلماتك أنك ربما تتعاملين معه بجفاء أو ربما بلغة الحقوق والواجبات الجافة أو تترفعين عن التقرب منه.. يمكنك البدء بمساء الجمعة لقضاء وقت لطيف لكم جميعًا كأسرة ووقت آخر لكم كزوجين.

 

 السلام الداخلي

 

بضع دقائق ليلاً تخلين فيهم إلى نفسك.. دقائق أخرى قبل الشروق وقبل الغروب تناجين فيها ربك.. ساعات كافية من النوم ليلاً.. قيلولة قصيرة في منتصف نهارك.. دقائق تمارسين فيها رياضة أو هواية.. شراء طعام جاهز أو نصف جاهز أحيانًا.. هذه بعض أدواتك للحصول على سكينة نفسية أنت في أمس الحاجة إليها حتى تستطيعي التعاطي مع المسئوليات الكثيرة الملقاة على عاتقك، وتذكري دائمًا أن المسئوليات لا تنتهي فسددي وقاربي وأبشري.. أسعد الله قلبك ورزقك بر والديك وألف بين قلبك وقلب زوجك، وتابعيني بأخبارك دائمًا.

الرابط المختصر :