السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته السادة الكرام في بوابة الاستشارات بمجلة المجتمع أهل الكرم وأهل العلم، أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقكم إلى كل خير وأن يجعلكم مفاتيح للخير ومغاليق للشـر. وعندي استشارة أرجو الإجابة عليها من منطلق دعوي يجمع بين الانضباط بضوابط الشـريعة وفي ذات الوقت ما يناسب الواقع المعاصر، وهي على نحو ما يأتي: هناك بعض الظواهر الاجتماعية أو المجتمعية -كما لا يغيب عن شريف علمكم- تظهـر في المجتمعات باختلاف الأطياف وباختلاف الأنواع والأحوال فكيف أتعامل مع بعض الظواهر المجتمعية في المجتمع هناك ما يتعلق بالظواهر المرتبطة بالأسرة وهناك ما يتعلق بالظواهر المتصلة بالتربية الأولاد وهناك ظواهر تتصل أو لها علاقة بالتواصل بين الأزواج والزوجات أو بين الحمى وزوجة ابنها أو العكس وهناك ظواهر مجتمعية تتعلق بالتنمر تتعلق بالكذب والخداع بمحاولات إفساد البيوت من أطراف متعددة من شيوع الجريمة والعنف إلى آخره يعني الظواهر المجتمعية بشكل عام كثيرة للغاية.. والسؤال: كيف أتعامل مع تلك الظواهر المجتمعية كداعية، يعني أنا إمام مسجد في مسجدي وأود أن أتعامل مع هذه الظواهر هل أصرح بالحديث عن تلك الظواهر بشكل مواضع في الخطب والدروس والمحاضرات والندوات أم أتحدث بشكل تعريضـي وإن كان لن يحقق فائدة إلا أن تحدثت بالتفصيل وبالوضوح فأشيروا عليَّ ماذا أصنع وشكر الله لكم..
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أخي الكريم: جزاك الله خيرًا على حرصك الدعوي وعلى اهتمامك بإصلاح المجتمع، وأسأل الله أن يجعل عملك خالصًا لوجهه الكريم وأن يفتح على يديك أبواب الخير والبركة. ولقد سألت عن أمر عظيم؛ يحتاج إلى سلسلة استشارات ومقالات دعوية وتربوية واجتماعية.
أمّا فيما يخص التعامل الدعوي مع الظواهر المجتمعية، فإن الأمر يحتاج إلى حكمة وتوازن بين التصـريح والتلميح، مع مراعاة ضوابط الشـرع واحتياجات الواقع.
ومن ثمّ أقدم لك الخطوات التالية التي قد تعينك في هذا المجال:
أولًا: الفهم والتحليل العميق للظواهر، فقبل الحديث عن أي ظاهرة، تأكد من فهم أبعادها وأسبابها وآثارها، واستمع إلى الناس لتعرف طبيعة المشكلات التي تواجههم وتتحقق من شيوع الظاهرة، واستعن بالإحصائيات أو الدراسات إن أمكن لدعم خطابك الدعوي بالحقائق.
ثانيًا: اختيار أسلوب العرض المناسب، ومن تلك الأساليب ما يأتي:
1) التصـريح أو التلميح، والتصـريح: استخدمه إذا كانت الظاهرة واضحة ومتفقًا على خطورتها، وكان الناس بحاجة إلى توجيه مباشر. مثل ظاهرة التنمر أو انتشار الكذب. أما التلميح فيكون استخدامه إذا كان التصـريح قد يؤدي إلى حرج أو نفور من بعض الفئات. يمكنك طرح الموضوع عبر قصص أو أمثلة دون ذكر تفاصيل مباشرة.
2) التدرج في الطرح: ابدأ بتوجيه عام يتحدث عن القيم والأخلاق الإيجابية، ثم انتقل تدريجيًّا إلى الحديث عن الظواهر السلبية، ولا تُسهب في الحديث عن ظاهرة واحدة في كل مرة؛ بل وزّع الموضوعات على خطب ودروس متعددة.
ثالثًا: توظيف الخطاب القرآني والنبوي: استشهد بآيات قرآنية وأحاديث نبوية تربط بين الظاهرة والحل الشَّـرعي، واستخدم القصص القرآني والنبوية كوسيلة تربوية توصل الرسالة بفعالية، وقدم نماذج من حياة الصحابة والتابعين في التعامل مع المشكلات المجتمعية.
رابعًا: إشراك المجتمع في الحل عن طريق تنظم جلسات نقاشية بعد الدروس لاستقبال آراء الناس ومقترحاتهم حول كيفية علاج الظواهر، وأَشْرِك الوجهاء وأصحاب التأثير في المجتمع للمساهمة في نشـر التوجيهات الدعوية، وشجّع على إنشاء لجان مجتمعية تعزز من التماسك الأسري والأخلاقي.
خامسًا: استخدام الوسائل الإعلامية الحديثة، فاستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لنشـر رسائل دعوية موجزة حول الظواهر المجتمعية، وقدِّم فيديوهات توعوية قصيرة بأسلوب جذاب يناسب جميع الفئات.
سادسًا: استثمار المناسبات الاجتماعية والدينية: رَكِّز على الظواهر المتعلقة بالأسر والأخلاق في خطب الجمعة، واستثمر رمضان، والأعياد، والأنشطة الاجتماعية كمنصات لتوجيه المجتمع.
سابعًا: الدعوة إلى المبادرات العملية، فيمكنك أن تطلب من الناس تطبيق قيم معينة خلال فترة زمنية محددة (مثل تحدي الصدق أو حسن التواصل)، وشجِّع على حملات توعية مجتمعية تتناول الظواهر السلبية بأسلوب إيجابي.
وختامًا: أسأل الله أن يوفقك في مسعاك، وأن يجعل دعوتك نورًا يهدي الناس إلى الخير، وسببًا في إصلاح المجتمع وتماسكه.