هل يمكن للأذكار أن تحميني من مكائد «النرجسيين»؟

هل أذكار الصباح والمساء ترد كيد النرجسيين ومكرهم، وتحميني من أذاهم مثل تحريف كلامي، أو التلاعب بمشاعري، أو نشر الأكاذيب عني؟ وهل تساعدني هذه الأذكار في حماية نفسي من محاولاتهم المستمرة لزرع الفتنة أو الضغط النفسي أو تدمير سمعتي؟

أختي العزيزة، مرحبًا بك، ونشكرك على ثقتك بنا، وتواصلك معنا، وبعد...

 

فإن الله -سبحانه وتعالى- رحيم بعباده، وهو الذي يعلم خفايا القلوب، ويدرك ما يختلج في صدورنا من ألم وظلم، ويدفع عن عباده كيد الماكرين وظلم المعتدين.

 

وإن ابتلاء الإنسان بأشخاص يتلاعبون بمشاعره، أو يحاولون تشويه صورته، أو يحيكون له المكائد، هو -مع الأسف- شائع في كل زمان ومكان، ويتعرض له كثير من الصالحين، حتى الأنبياء أنفسهم تعرضوا لذلك البلاء.

 

ولكن الله، برحمته، منحنا سلاحًا عظيمًا نحصّن به أنفسنا، ألا وهو ذكره -سبحانه وتعالى- فبالذكر نستجلب رحمته وحفظه، ونرد كيد من يكيد لنا، ونُطمئن قلوبنا؛ لأن الله وحده هو الحامي والكافي لعباده.

 

لذا، أجيبك -أختي الكريمة-: نعم، أذكار الصباح والمساء من أعظم الأسلحة الروحية التي تحمي الإنسان من شرور الناس، ومن مكر النرجسيين وغيرهم، ومن تأثير أذاهم النفسي والمعنوي.

 

وقد ورد في القرآن والسُّنة أن الأذكار تحصِّن المسلم من الشرور والمكائد، وتكون له درعًا واقية من الأذى؛ بل وتجعل هذا المكر يرتد عليهم، كما وعد الله تعالى: (ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله) [فاطر: 43].

 

وأوصيك -مع أذكار الصباح والمساء، وأذكار الأحوال اليومية المختلفة- بترداد: «حسبي الله ونعم الوكيل»، فبسببها –إن شاء الله تعالى- لا يصيبك السوء، وتصاحبك النعمة والفضل والرضا من الله، مصداقًا لقوله عز وجل: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ . فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) [آل عمران: 173، 174].

 

وكذلك هذا الدعاء: «اللهم اكفنيهم بما شئت وكيف شئت، إنك على كل شيء قدير، اللهم إني أجعلك في نحورهم، وأعوذ بك من شرورهم».

 

والأذكار أيضًا تحميك –بإذن الله- من نشر الأكاذيب عنك ومحاولات تشويه سمعتك، فيكشف الله الظالمين ويفضح افتراءاتهم ولو بعد حين.

 

فإذا تمسكتِ بالأذكار، كانت لكِ حصنًا وحماية، وسيتولى الله –سبحانه- الدفاع عنكِ، كما قال: (إن الله يدافع عن الذين آمنوا) [الحج: 38].

 

وأيضًا، تقيك الأذكار من الضغط النفسي الذي يسببه هؤلاء الأشخاص الذين يتعمدون الضغط على مشاعر الآخرين، وتمنحك طمأنينة القلب؛ لأن الله وعد بذلك فقال: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) [الرعد: 28].

 

ومن الأذكار المهمة لذلك:

 

- «حسبي الله لا إله إلا هو، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم» سبع مرات صباحًا، ومثلها مساء. [رواه ابن السني مرفوعًا وأبو داود موقوفًا].

 

- «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وضلع الدين وغلبة الرجال» [رواه البخاري].

 

والأذكار تُبطل -أيضًا بفضل الله- محاولاتهم زرع الفتنة والتلاعب بمشاعرك، ومن الأدعية التي تدفع شر الفتن: «اللهم إني أعوذ بك من الفتن، ما ظهر منها وما بطن» [رواه أحمد].

 

والأذكار تمنع –بإذن الله- تدمير سمعتك، وتحفظ لك مكانتك بين الناس، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «احفَظِ اللَّهَ يحفَظكَ، احفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تجاهَكَ، إذا سأَلتَ فاسألِ اللَّهَ، وإذا استعَنتَ فاستَعِن باللَّهِ، واعلَم أنَّ الأمَّةَ لو اجتَمعت علَى أن ينفَعوكَ بشَيءٍ لم يَنفعوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ لَكَ، ولو اجتَمَعوا على أن يضرُّوكَ بشَيءٍ لم يَضرُّوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ عليكَ، رُفِعَتِ الأقلامُ وجفَّتِ الصُّحفُ» [رواه الترمذي].

 

وختامًا -أختي الكريمة- إن الأذكار ليست مجرد كلمات؛ بل هي حصن إيماني وروحي عظيم، ويصحبها وعدٌ من الله بالحفظ لمن يلتزم بها مخلصًا له، فلا تجعلي أذى «النرجسيين» وغيرهم يؤثر في قلبكِ أو عقلكِ؛ بل كوني واثقة بأن الله هو خير الحافظين، وأن ما يفعلونه سيرتد عليهم، ما دمتِ متوكلة على الله.

 

تمسكي بذكر الله دائمًا، وسترين كيف يجعل لكِ الله مخرجًا من كل كيد، ويحفظكِ بعينه التي لا تنام. وتابعينا بأخبارك.