السلام عليكم ورحمة الله.. أنا يا سيدتي متزوجة منذ ما يقرب من خمس وعشرين عاما وعلاقتي بزوجي أكثر من رائعة بفضل الله عز وجل فنحن صديقان قبل أن نكون زوجين متحابين.. ومنذ أن تعرفت عليه منذ سنوات دراستنا الجامعية ونحن نعتمد على مبدأي الصراحة والحوار فلا يخفي أحد منا شيء على الآخر منذ نحو عامين واجهتنا مشكلة غريبة للغاية فلقد ظهرت فجأة في حياتنا سيدة كانت زميلة لزوجي في المرحلة الثانوية ثم كانت زميلة له في الفرقة الأولى في الجامعة كانت فتاة جميلة ومهذبة فاجائته باعترافها له بالحب والتقيا مرتين وفي المرة الثانية قال لها أنه سيفاتح أهله كي يخطبوها له وشعر وقتها أنها صدمت ثم انقطعت عن التواصل معه نهائيا وحول زوجي لجامعة أخرى ونسى الموضوع واعتبره قصة من قصص المراهقة وكان تحليله للأمر أن الفتاة كانت تريد عيش قصة حب في الجامعة كباقي زميلاتها ولما تحدث معها عن خطبة وارتباط تهربت منه ونسى زوجي الأمر والتقينا بعدها بثلاث سنوات وكان جادا جدا معي وتزوجنا فور التخرج ومضى على زواجنا الآن نحو ربع قرن كما ذكرت لك في البداية وفجأة وبعد كل هذه السنوات ظهرت زميلته الأولى متزوجة ولديها بنين وبنات وأرسلت له تعاتبه أنه لم ينتظرها وأنها لازالت تحبه وأن أهلها لما رأوها معه في المرة الثانية التي التقيا فيها ضربوها وحبسوها في البيت ثم زوجوها لابن عمها بعد ذلك.. حكي لي زوجي ما حدث وأطلعني على رسائلها ولم يرد عليها لكنها فاجأته باتصال هاتفي من رقم لا يعرفه تبثه حبها ورغبتها في استمرار علاقتهما دون أن يعرف أحد وأنها لا تريد منه شيئا إلا الحب والعاطفة فقط.. قال لي زوجي أنه تحدث معها بصراحة ووعظها وخوفها من الله وأننا نقترب من المرحلة الأخيرة من الحياة فكيف نلقى الله؟ وظن أنها اقتنعت إلا أن هذا لم يحدث فظلت تطارده حرفيا .. لا يكاد يمر بضعة أيام إلا وتأتي برقم جديد تتصل منه أو ترسل الرسائل تبثه حبها واشتياقها تارة.. تعاتبه على تجاهلها تارة أخرى.. تشكو ظروفها وتستعطفه ولم يعد أمام زوجي إلا عمل حظر في كل مرة بعد أن يطلعني على الرسالة وهي لا تمل وتعتبر ما يفعله نوع من الدلال.. حتى قمت أنا بإرسال رسالة صوتية لها حتى تتأكد أن زوجته هي من تتحدث وأخبرتها إنني أقرأ كل الرسائل وقلت لها إن كانت تكره زوجها فزوجي يحبني وإن كانت تكره زوجها فهل تكره أبنائها حتى تحط من قدرهم هكذا؟.. توقفت الرسائل بعض الوقت ثم عادت مرة أخرى للمطاردة حتى أنها أصبحت تأتي وتتعمد الشراء من المتجر الموجود أمام بيتي (وهو بعيد تماما عن محل سكنها) وترسل له وتقول إنها واقفة أسفل البيت.. زوجي يقول لي إنها مريضة نفسية (هي كانت قد أخبرته في أحد رسائلها أنها راجعت معالجا نفسيا قبل ذلك) وبالتالي فنحن نقوم بحظر كل رقم تتصل منه ونتجاهل الأمر وأنا أفكر جديا في فضحها.. أن أرسل صور رسائلها لزوجها أو أبنها أو ابنتها أو حتى أختها عسى أن ترتدع.. أفكر أن أرسل لها أهددها أنه في المرة التالية التي تطارد فيها زوجي سأقوم بفضحها.. زوجي لا يوافقني فهو يقول لي إن الستر أولى فهل هذه السيدة التي فقدت الحياء تستحق الستر حقا؟ أريد النصيحة.
أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك أختي الكريمة على بوابة استشارات المجتمع.. في الحقيقة أنا منبهرة بالنموذج الزوجي الذي تحدثت عنه.. النموذج الذي يقوم على الحوار والصراحة والحب والصداقة، فأنت وزوجك نموذج مضيء متألق وسط أجواء المشكلات والمشاحنات الزوجية التي أخذت زخمًا عاليًا، فبارك الله لكما في هذه الحياة وأدام عليكما السعادة، وأتمنى أن تتحدثوا بنعمة الله عليكما في مواجهة الإحباط الذي استشرى وأثار المخاوف في نفوس الشباب المقبلين على الزواج.
فعلا المشكلة التي ذكرتها من نوع غريب وغير معتاد، وأغرب ما فيها طول المدة التي ظلت هذه المرأة تطارد فيها زوجك دون ملل ودون أن تجد أي تجاوب، وهذا يشير إلى أن تحليل زوجك في الغالب صائب وأن هذه السيدة امرأة غير طبيعية مضطربة نفسيًّا فيبدو لي أنها تعاني من ضلالات.. احتمال إنها تعاني من الوهم الجنسي "Erotomanic"، حيث تعتقد بأن زوجك يحبها لذلك تحاول التواصل معه، فزوجك هو موضوع للوهم بالنسبة لها فتحاول التواصل من خلال المكالمات الهاتفية أو الرسائل أو باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ومن الشائع أن يحاول مرضى هذا الوهم مراقبة أو تعقب الآخرين (الذين يتوهمون علاقة معهم) مثل ما تفعل هذه المرأة مؤخرًا من تتبع زوجك في محل سكنه.
إنها حالة من حالات الهوس أو شكل من أشكال اضطراب الوهم، وعادة ما يكون هذا الهوس مرتبطًا بشخص من مكانة أعلى، ولعل زوجك حقق نجاحًا وأصبح في مكانة عالية؛ لذلك أصبح مصدر جذب لها وهي حالة نادرة نسبيًّا، ويمكنك القراءة عنها فقد تساعدك على فهم الاضطراب الذي تعاني منه هذه المرأة.
ربما تبدو لك هذه المرأة مستبصرة واعية فهي بخلاف هذا الاضطراب تبدو شخصية طبيعية تمامًا.. إلا أنه لو صدق أنها تعاني من هذا الاضطراب فإن هذا يعتبر لونًا من ألوان الذهان الذي يحتاج إلى طبيب نفسي وتناول الدواء لعلاجه.
وعليه فأريدك أن تتمالكي أعصابك فأنت في الغالب أمام شخصية مضطربة تستحق الشفقة لا الرغبة في الانتقام أو التشهير أو الفضيحة، ويكفيك في هذا الصدد أن زوجك رجل عاقل يُطلعك على الأمر أولا بأول كما أنه يحبك ولم يهتز كغيره من الرجال عندما يجد امرأة تطارده بكل هذا الإلحاح، فاحمدي الله عز وجل واشكريه بشكل عملي عن طريق نبذ فكرة الانتقام فهي لا تليق بك، وتذكري قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته، حتى يفضحه بها في بيته" (رواه ابن ماجه)، وستر المسلم إخفاء عيوبه ونقائصه وزلاته وتغطيتها.
وفي حديث مسلم: "المسلم أخو المسلم، لا يظلِمه ولا يُسلِمُه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كُرْبةً، فرَّج اللهُ عنه بها كُرْبة من كُرَب يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا، ستره الله يوم القيامة". حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم لام الرجل الذي أشار على رجل ارتكب جريمة الزنا بأن يذهب للاعتراف وإقامة الحد، وقال له لولا سترته بثوبك.
وأنا أناشدك أختي الكريمة أن تستري هذه المرأة بثوبك فلا تهدديها ولا تفضحيها، ودعي شأنها لله هو من يعلم ما في القلوب والنفوس.. يكفيك أنت وزوجك أن تقوما بحظر كل رقم تتواصل معه على وجه السرعة؛ لأن أي تأخر في الحظر قد يترجمه عقلها الواهم كلون من ألوان التجاوب، فهؤلاء المرضي يقومون بتفسيرات غريبة تدعم موقفهم.. أسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظك وزوجك ويديم عليكما المحبة ويحفظكما من كل شر وسوء.. وتابعيني دائما بأخبارك.