كيف نستثمر أحداث فلسطين دعويًّا وتربويًّا؟

أنا أب لثلاثة من الأولاد، ولدان وبنت واحدة، وأرجو ربي أن ينبتهم نباتًا حسنًا، نعيش بدولة الأردن، وفي ظل ما يحدث خلال هذه الفترة الزمنية 2024/ 2025م من أحداث في أرض الإسراء والمعراج، فأسألكم أن ترشدونا إلى كيفية استثمار القضية الفلسطينية دعويًّا وتربويًّا، عند تربية أبنائنا، وأسأل الله تعالى أن يُعجّل بتفريج الكروب عن المكروبين وأن يحفظ بلادنا جميعًا.

الحمد لله والصلاة والسلام على سيد الدعاة وإمام الهُداة، وبعـــــــد:

فإني أشكر الله تعالى أن رزق هذه الأُمّة بأمثالك أيها الأب العاقل الكريم، وأحمد الله تعالى على تلك الغيرة التي مُنِحت إيّاها، ولا شك أن في الأمة الكثير والكثير، ونسأل الله تعالى أن يتقبل دعوتك بتعجيل تفريج الكرب عن المكروبين.

أخي السائل الكريم:

اعلم بأنّ تربية الأبناء عملية شاقة شيقة راقية، وثوابها -إذا كانت صالحة- عند الله عظيم، وأن تنشئة هذا الجيل على الاهتمام بالقضية الفلسطينية لهي مسؤولية عظيمة تقع على عاتق الأسرة والمجتمع ككل. وحتى لا نطيل في المقدمات، دعني أخبرك أنه يمكنك من منطلق دعوي، اتباع الأساليب التالية:

أولا: بناء الوعي الإيجابي بالقضية الفلسطينية

من حيث توضيح تاريخ القدس والمسجد الأقصـى، ويمكنك أن تقوم بتخصيص وقت منتظم لشرح تاريخ فلسطين والقدس الشريف، ودور المسلمين في الحفاظ على المقدسات، وأنصحك أن تستخدم الكتب المبسطة، القصص المصورة، والفيديوهات التفاعلية لشرح القضية بلغة مناسبة لأعمار الأولاد عندك، ولا تنس الاطلاع على الواقع الحالي، فتقوم بتوعية الأطفال بالأحداث الجارية بطريقة تتناسب مع أعمارهم دون بث الخوف أو اليأس، مع التركيز على أهمية دعم القضية بوسائل سلميَّة.

ثانيًا: غرس القيم الدينية والمقدسيّة

ويبدأ ذلك بالارتباط الوثيق بالقرآن الكريم: من خلال التركيز على الآيات التي تتحدث عن الأرض المباركة (مثل سورة الإسراء)، وتعزيز حب الأماكن المقدسة من منظور قرآني، وفي السنّة النبوية، نقوم بتعليم الأطفال الأحاديث النبوية المتعلقة بفضل القدس والمسجد الأقصى وأرض الشام وفضل الإقامة فيها.

ثالثًا: القدوة الحسنة

إنّ تصرفات الوالدين يجب أن تكون قدوة في الاهتمام بالقضية، مثل متابعة الأخبار، المشاركة في الفعاليات الداعمة، والتبرع للمشاريع المتعلقة بفلسطين من خلال المؤسسات الرسميّة، فضلاً عن الحديث الإيجابي، وتجنب الحديث السلبي أو اليائس عن القضية، والتركيز على الأمل والعمل.

رابعًا: ربط القضية بالسلوكيات اليومية

ويتمثّل ذلك في دعم المنتجات الفلسطينية، وتشجيع الأطفال على شراء المنتجات المأمونة ودعمها، مع المشاركة في الأنشطة الدعوية كإشراك الأطفال في حملات توعوية محلية، أو المشاركة في فعاليات مدرسية عن القضية الفلسطينية.

خامسًا: تعزيز الانتماء من خلال الأنشطة

كالألعاب التعليمية، وتقوم على إعداد ألعاب ترفيهية تحكي قصة فلسطين أو تعرّف بأعلامها وأماكنها المقدسة.

الرسومات والأعمال الفنية، وتشجيع الأطفال على رسم المسجد الأقصى أو تصميم لوحات تعبر عن التضامن مع الشعب الفلسطيني.

المسابقات الثقافية، فتقوم داخل البيت بتنظيم مسابقات ثقافية تشمل معلومات عن القضية الفلسطينية مع جوائز تشجيعية.

سادسًا: بناء الهمّة والنخوة الإسلامية

من خلال حكايات قصص الأبطال، كشخصية سيدنا عمر بن الخطاب، وصلاح الدين الأيوبي وكيف حرر القدس، ويمكن استثمار ذلك بالتحدث عن المسؤولية، والتركيز على أن الدفاع عن المقدسات مسؤولية جماعية تعزز القيم الإنسانية والدينية.

سابعًا: الدعاء والروحانية

فيقوم الوالدان بتربية الأبناء والبنات على الدعاء، وتعليم الأطفال أن يدعوا لفلسطين في صلواتهم، مما يعزز ارتباطهم الروحي بالقضية، وتشجيعهم على التبرع ولو بجزء صغير من مصروفهم لدعم المشاريع الإنسانية في فلسطين.

ثامنًا: الاستفادة من التكنولوجيا

من خلال عرض أفلام وثائقية قصيرة أو برامج موجهة للأطفال تتناول القضية الفلسطينية، فضلاً عن تعليم الأطفال كيفية نشر الوعي بالقضية الفلسطينية بشكل إيجابي عبر الإنترنت. والصفحات الزرقاء في العالَم الافتراضي.

تاسعًا: تعزيز دور المدارس والمؤسسات

تشجيع المدارس على إدراج معلومات عن فلسطين في المناهج الدراسية، وتنظيم رحلات تربوية إلى مؤسسات تدعم القضية الفلسطينية ليتعلم الأطفال بشكل عملي.

عاشرًا: إشراكهم في مشاريع دعوية صغيرة

تعليمهم كيفية إعداد كلمات قصيرة عن فلسطين يمكن إلقاؤها في المدرسة أو المسجد، مع تحفيزهم على تنظيم فعاليات صغيرة لجمع التبرعات أو نشر الوعي.

وأخيرًا أيها السائل الكريم:

فإنّ المفتاح الأساسي هو التربية بالقدوة، وإعطاء الأطفال الأدوات ليشعروا بالمسؤولية دون شعور بالعجز أو الإحباط. يجب أن يكون الهدف تنشئة جيل متوازن، واعٍ بقيمه الإسلامية والإنسانية، وقادر على الدفاع عن مقدساته بأسلوب حكيم وعمل مؤثر.

ونسأل الله -تعالى- أن ينصُرَ المُستضعفين في كل مكان، وأن يعجّل بتفريج الكروب عن المكروبين، وأن يُفرِح قلوبنا بنصرة المسلمين وعزّهم يا رب العالمين.