زوجي لا يملأ عيني.. آن أوان التوبة

أنا يا سيدتي امرأة في الأربعين من عمري متزوجة منذ ما يقارب من عشرين عاما أنجبت فيهم خمسة من الأبناء.. زوجي رجل بسيط هادئ الطباع شديد التهذيب فكنت دائما أشعر أن أهله وإخوته يقومون باستغلاله بل شعرت أنهم يريدون استغلالي أنا أيضا بالتبعية لأنني زوجته فإذا قاموا بتقسيم محصول الأرض الزراعية التي يملكونها يعطوننا أقل نصيب وربما أكثرهم رداءة وزوجي يتغافل لأنه لا يحب المشاكل أما أنا فلم أكن أصمت وتشاجرت معهم كثيرا ووقف زوجي على الحياد وربما حاول أن يوقفني أنا لذلك فقد عملت كل جهدي على السيطرة عليه حتى لا يعارضني واستخدمت معه كل الأساليب الممكنة بدءا من الشجار والخصام مرورا بكثرة الكلام لتغيير قناعاته انتهاء باستخدام الأساليب العاطفية حتى استسلم لي تماما وأصبح لا يعارضني في أي شيء أو كما يقال عندنا (أصبح مثل الخاتم في إصبعي) حتى أن علاقته بأهله أصبحت فاترة جدا ولا يقوم بعمل أي شيء دون استئذاني... المشكلة التي أكتب لك من أجلها هي أنني بعدما ما حققت ما كنت أصبو إليه من السيطرة لم أعد أشعر بالراحة أبدا فلم أعد أشعر إنني متزوجة من رجل وأشعر دائما أنه لا يملأ عيني وكثيرا ما أقارنه مع الرجال من ذوي الكاريزما وتكون النتيجة طبعا في غير صالحه.. أنا مضطرة طبعا للاستمرار معه من أجل أبنائي كما أنه لا يوجد سبب محدد أستطيع أن أخبر به أهلي كي أشكوه لكنني أشعر إنني غير مرتاحة خاصة أن هناك زميل لي في محل عملي أشعر بالانجذاب نحوه وأخشى من نفسي جدا فهل من نصيحة؟

أختي الكريمة أهلا وسهلا ومرحبا بك على صفحة استشارات المجتمع.. نعم هناك أكثر من نصيحة ولكن نصيحتي الأولى وبشكل عاجل أن تحصلي على أجازة من عملك وإن لم تستطيعي فحاولي النقل وإن لم تستطيعي فانتقلي لقسم آخر..  ابذلي جهدك أن تبتعدي تماما عن محيط هذا الزميل فقربك منه باب شر وفتنة وأنت تدركين ذلك.. سأقدم لك أفكار ونصائح حتى لا يتكرر لديك هذا الشعور وقد تحتاج وقتا لكن الذي ينبغي أن يتم على وجه السرعة هو ابتعادك عن خطوات الفتنة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَر) النور:21

شعورك بالخشية من نفسك يعني أن لك نفسا لوامة تحذرك علامات الخطر فاهتمي بتنمية هذه النفس فهناك الكثير من الأمور التي قد تلومك عليها وهناك فارق شاسع بين جلد الذات وبين فكرة المراجعة وتفعيل مؤشرات اللوم التي تنبه الإنسان إلى مواطن الخطر.

الحقيقة يا أختي الكريمة أنك ظلمت نفسك ظلما شديدا بمحاولاتك الدائبة للسيطرة على زوجك مستغلة كونه إنسانا مسالما لا يحب إثارة المشكلات وعندما نجحت في تحقيق ذلك شعرت بالخواء وشعرت أنه لم يعد يملأ عينك بعد أن أصبح مثل الخاتم في إصبعك غير أنك أيضا تحملين ذنب فتور علاقته بأهله والتي أصبحت تدار من خلالك وأريدك أن تسألي نفسك بصدق لماذا قمت بهذا كله؟ ما كان الدافع وراء سلوكك؟ لعلك لو أدركت الدافع يضيء لنا طريقا للحل.. ربما كان دافعك في البداية بريئا أن تأخذي حقك وحق زوجك عندما شعرت أن ثمة استغلال يقع عليكما ولكنك تماديت كثيرا والآن عليك تحمل مسئولية سلوكك فلا يمكنك الهرب من هذه المسئولية.

  • تبدأ هذه المسئولية بمسئوليتك عن نفسك فأنت بحاجة لتوبة نصوحة فأنت أخطأت بتجريدك لزوجك من قوامته بكل الحيل الأنثوية.. أخطأت بمنعه من صلة رحمه أخطأت بأن أطلقت لنفسك النظر لرجل آخر وهذا كله يستوجب الندم والعزم على الإصلاح.
  • لابد أن تتحملي مسئوليتك فيما أوصلت زوجك إليه (بالطبع هو ملام أيضا باستسلامه ولكن هنا ليس موضع هذا الحديث) فلا تنسي أن هذا الرجل هو جنتك ونارك وأنصحك ان تقرأي الأحاديث التي وردت عن قيمة ومكانة الزوج عل ذلك يصل إلى عقلك وقلبك (لَوْ كُنْتُ آمِرًا أحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لأَحدٍ لأَمَرْتُ المرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا) رواه الترمذي والحديث الذي روته أم سلمة  عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:( أَيُّما امرأَةٍ ماتَتْ وزَوْجُهَا عَنْهَا راضٍ دخَلَتِ الجَنَّةَ) رواه الترمذي.. ابذلي جهدك في تغيير طريقة تفكيرك نحوه.. اذكري محاسنه.. سلوكه الطيب معك ولا تنسي انه والد أبنائك.
  • مسئوليتك نحو أولادك الخمسة الذين لا أدري أين موقعهم من معادلة حياتك فخمسة من الأبناء كفيلين بشغلك تماما بالتزاماتك نحوهم.. تعلمين مسئولية الأم تتجاوز الطهي والتنظيف والمساعدة في حل الواجبات فهم بحاجة لمن يستمع وينصت إليهم ويقدم لهم النصيحة ويتابع تفاصيل حياتهم فهذا يأتي على رأس أولوياتك بعد إصلاح علاقتك بزوجك.

أهمس في أذنك بنصيحة أخيرة أكثري من قراءة القرآن الكريم والذكر والاستغفار حتى يطمئن قلبك وتزول وساوسك (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)الرعد:28

وتابعينا بأخبارك دائما.