زوجتي مريضة.. لأجل حالتك شرع التعدد

أكتب إليكم مشكلتي هذه وأنا في غاية الألم فلقد مر على زواجي خمس سنوات كانت زوجتي فيهم نعم الزوجة الصديقة والحبيبة وأنجبنا طفلتين وكنا أكثر أهل الأرض سعادة ولكن منذ عامين أصاب زوجتي مرض قاسي جعلها تذوي أمام عيني وعلى الرغم من ذلك تحاول القيام بواجباتها كلها حتى بعد أن تأتي من جلساتها المرهقة تقوم بصناعة الحلوى وأنا أشفق عليها مما تقوم به لتجعل حياتنا تبدو طبيعة.. علاقتنا الخاصة تضررت بشدة فهي لا ترغب وتمثل الرغبة وأنا أشتم رائحة كريهة في فمها بسبب الأدوية وأجبر نفسي حتى لا أؤذيها نفسيا بمعنى أننا نحن الاثنان نمثل.. هي عرضت علي الزواج أكثر من مرة وأنا لا أريد أن أؤذيها فهي لا تستحق ذلك وأعلم أنها حزينة من داخلها وفي الوقت ذاته أنا بحاجة ماسة للزواج خاصة أنه لا أمل قريب في شفائها مما تعاني منه.. فماذا أفعل؟

أهلا وسهلا بك أخي الكريم على صفحة استشارات المجتمع.. شعرت بكل كلمة كتبتها وما تحمله من وجع خالص، فلقد انقلبت حياتك المستقرة الهانئة رأسًا على عقب خلال السنتين الأخيرتين، وأشعر بمدى ألمك لمرض الزوجة الغالية الحبيبة ومدى ألمها والجهد الرهيب الذي تبذله حتى تسير الحياة سيرتها الطبيعية، ولكن إنكار المشكلة لن يفيد شيئًا وتجاهلها سيفاقمها ولا بديل عن الصراحة والمواجهة...

المرض ابتلاء من الله عز وجل لا بد من القبول بوجوده ولا بد من الرضا بهذا الواقع الجديد، وليس معنى ذلك اليأس أبدًا، فالله سبحانه وتعالى هو الشافي لا شفاء إلا شفاؤه، أسأل الله أن يشفي زوجتك شفاء لا يغادر سقمًا ويُلبسها ثوب الصحة والعافية.

ولكن دعنا نأخذ بالأسباب ونتعامل مع الواقع كما هو.. زوجتك مريضة بمرض خطير والمؤشرات الطبية تقول إنه لا فرصة قريبة في الشفاء وهي تبذل مجهودًا مضاعفًا حتى لا ينقصكم شيء وأنت تعاني وتخشى من الوقوع في الفتنة.. هي عرضت عليك الزواج أكثر من مرة وأنت تخشى على مشاعرها وتذكر غيرتها السابقة وفي الوقت ذاته أنت تعاني وتمثل في علاقتكم الخاصة، وكل هذه الأمور لا يمكنها الاستمرار على هذا النحو...

لو كان الأمر لا يمثل لك كل هذا العنت لقلت لك اصبر حتى يشفيها الله عز وجل، لكن بما أنك تخاف الفتنة فلأجل حالتك شرع التعدد فهو تشريع الطوارئ كما يقول الأستاذ محمد قطب، ولست هنا بصدد قضية التعدد واختلاف الآراء فيها، فالجميع مجمع على أن حالتك هذه ربما يكون حلها الوحيد هو التعدد...

أنت رجل نبيل تراعي مشاعر زوجتك ولكن المبالغة في المثالية وتجاهل الاحتياجات الأساسية للإنسان لن تكون عاقبته خيرًا.. يمكنك أن تنتظر إحدى المرات التي تطلب هي منك الزواج فتقول لها إنك تفكر في ذلك لأنك تقدر ما تبذله هي من جهد لإرضائك ولا تريد إرهاقها أكثر من ذلك، وإياك أن تشير إلى رائحة فمها ونحو ذلك من أمور فهو يجرح أنوثتها في مقتل وإن شاء الله تزول هذه الأعراض بعد الشفاء والتوقف عن العلاج؛ فأحسن الظن بربك...

المهم أن تبذل كل جهدك في انتقاء زوجة تراعي ظروفك وظروف زوجتك وبناتك.. امرأة نبيلة مثلك ومثل زوجتك -شفاها الله- فلا تتعجل في الاختيار، وأدعو الله أن يرزقك بامرأة مثل هذه، وعليك أن تكون واضحًا وصريحًا معها، فزوجتك المريضة قد تحتاجك في أي وقت وقد يتعذر عليك العدل وأيضًا لربما تحتاج من الزوجة الجديدة دعمًا ومساعدة للطفلتين في حال تدهور حالة الزوجة الأولى لا قدر الله.. أما حين يشفيها الله فلا بد من العدالة بين الزوجتين؛ فالثانية لها حقوق ثابتة حتى وإن تنازلت عن بعضها لبعض الوقت.

 لاحظ أن زوجتك قد تحتاج جلسات دعم نفسي في هذا التوقيت لأنها ضعيفة بالمرض، وتجربة زواج زوجها حتى لو كانت هي التي اقترحت ذلك تجربة مؤلمة قد تزيد من ضعفها وتقلل من مناعتها؛ فاحرص أن تحصل على مثل هذا النوع من الدعم.

 اجعل لكما جلسة تقرآن فيها آيات من القرآن وتصليان معًا حتى ينزل الله سكينته عليكما؛ فالإيمان وحده من يجعلها تتماسك وتصبر وتتحمل وتحتسب.

 وتذكر دائما أنت ستكون دائمًا أكبر داعميها فلا تتخل أبدًا عن هذا الدور ولا تتوقف أبدًا عن بثها الكلمات العاطفية، وأكثر من المزاح والرسائل الإيجابية فهذا كله سيرفع من معنوياتها كثيرًا، ولا تجعلها تشعر أبدًا إذا قررت الزواج أنك ابتعدت عنها وأنها تفتقدك وتشتاقك.. كتب الله لك الخير وأسعد قلبك وشفى زوجتك وحفظ أبناءك.