هل أقبل الزواج السري؟

أنا يا سيدتي أعاني من مشاعر الحيرة والندم فأنا كنت زوجة سعيدة رزقني الله بثلاثة من الأبناء وكنا نعيش في مستوى مادي مرتفع.. أنا وزجي نعمل في مجال الصحافة وبعد إنجاب طفلتي الصغيرة طلب مني زوجي التفرغ لرعاية شئون أسرتنا الصغيرة وتعهد لي ألا ينقصني شيء ولكنني رفضت ونشبت بيننا مشاجرات كثيرة وأثارت زميلاتي في العمل مشاعر العناد في نفسي وألمحن لي أن زوجي يغار مني لنجاحي الملحوظ حتى اقتنعت بذلك وطلبت الطلاق وهو ما كان بالفعل تزوج هو بعدهابفترة ليست بالطويلة بسيدة ربة منزل لا تعمل وأنجب منها بينما أنا بقيت أنا أطارد المهم بين البيت والأطفال وحدثت مشكلة كبيرة لي في العمل وافتقدت جزءا كبيرا من دخلي فقررت الزواج وترك الأطفال يتحمل مسئوليتهم وهو ما كان إلا أن زواجي الثاني فشل بشدة فلقد خانني وآذاني فتطلقت للمرة الثانية وطالبت زوجي الأول بعودة الأولاد لي فأعادهم وأصبح بيننا حوار.. حتى لا أطيل عليك أنا ألمحت له برغبتي في الرجوع كزوجة ثانية إلا أنه فاجئني بعرض غريب جدا أنه يقبل أن نعود شرط أن يكون زواجا عرفيا لا يعلم به أحد إلا الأولاد ووالدي ووالدتي وأيضا أنه لن يبات لدي أبدا حتى لا تشك زوجته فيه ورغم أنه عرض مهين جدا لكرامتي إلا أنني أفكر فيه بجدية فأنا تأكدت إنني أحبه وندمت على طلاقي منه أنا حائرة هل يمكن أن تقدمي لي يد المساعدة؟

أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك أختي الكريمة على صفحة استشارات المجتمع...

الحقيقة أنني تألمت جدًّا من رسالتك وشعرت بما تعانينه وأنت تكتبين هذه السطور، فمشاعر الندم تنضح منها وأشعر بها تحرق روحك ولو وضعنا صورتك منذ سنوات كزوجة وحيدة لرجل محب وعائلة مستقرة للصورة التي تريدين وضع نفسك داخل إطارها الآن كزوجة ثانية سرية بلا حقوق لنفس الرجل ستكون المقارنة قاسية...

نعم لا فائدة من البكاء على اللبن المسكوب، وحقًّا لا يمكن إعادة عقارب الساعة للوراء، ولكننا نحاول فهم دروس الماضي حتى نستطيع أن نمضي في الحياة دون أن نعيش في تكرار دوائر الخطأ...

أخطأت قديمًا في طلبك للطلاق، وكان من الممكن أن تصلي معه لحل وسط كأن تحصلي على إجازة دون راتب لوقت محدد من الزمن لو كان عملك مرتبطًا بمؤسسة حكومية أو تركه إذا كان  عملاً خاصًّا أو حرا ثم العودة إليه لاحقًا عندما تكبر طفلتك الصغيرة ولكنك استمعت لصوت خرابات البيوت اللاتي أوغرن صدرك على زوجك وسممن عقلك بفكرة أنه يغار من نجاحك.

وحدث ما توقعه زوجك تمامًا احترقت بين العمل وبين الأطفال، ولم تستطيعي أن تتوازني حتى انتهى الأمر بمشكلة العمل، ولست أدري هل كانت نتيجة الضغوط التي تعيشين فيها أم كانت نتيجة متوقعة في سوق العمل المضطرب.

على أي حال لعلك أدركت وقتها أن رهانك على العمل لم يكن هو الخيار الصائب، ولربما  أقول لربما لو كنت عرضت عليه العودة في هذا الوقت لقبل حتى لو كان قد تزوج بالفعل ولم يكن ليعرض عليك العرض المهين الذي ذكرته وستكون حجته التي سيقولها لزوجته من أجل أولادي أرد زوجتي الأولى، ولكن بتركك الأولاد له حرقت آخر أوراقك معه ثم كان زواجك الذي يبدو لي أنك لم تتمعني في التفكير فيه وإنما اندفعت كاندفاعك للطلاق، وها أنت الآن تفكرين للاندفاع للمرة الثالثة وتفكرين في قبول عرض مهين يضعك في زاوية بالغة السوء.

أرجو أن تسامحيني لو استشعرت من كلامي نقدًا حادًّا لتجارب الماضي وإنما أردت التعليق عليها حتى أحذرك من قرارات اللحظة الراهنة، والمستشار مؤتمن، فأردت الحديث معك بشكل صريح وواضح دون رتوش تجميلية...

ارفضي هذا العرض المهين وغير الشرعي وسأترك للمستشار الفقهي تقييم العرض من الناحية الشرعية.. ولست أدري حقًّا لم عرض عليك هذا العرض، ولكن لا أستبعد دافع انتقام من ورائه ورغبة في التقليل منك بعد أن اتهمته يومًا أنه يغار من نجاحك .. عرضه يؤكد أنك هنت عليه حتى يصل به الأمر أن يتزوج من والدة أولاده في السر ولا أظنه خوفًا من زوجته، ولو كان الأمر كذلك فهذا يدل على أن لها مكانة عالية ولا يريد أن يجرحها فنصيحتي لك أن تلملمي ما تبقى من كبريائك الجريح وترفضي بشكل قاطع ولا تتواصلي معه لترفضي بل انتظري حتى يفاتحك هو ووقتها ارفضي...

اهتمي بأولادك فلقد مروا بتجارب تربوية مؤلمة فقدوا فيها الأمان ولا تطلبي منهم أن يضغطوا على والدهم ولا تستخدميهم كورقة للضغط عليه، وادعي الله عز وجل أن يريح بالك ويهدئ من روعك ويعوضك كتب الله لك الخير وربط على قلبك وتابعيني بأخبارك.

 

ويضيف المستشار الشرعي:

أختي الكريمة ماذا تقصدين بالزواج العرفي؟

هل هو زواج بإيجاب وقبول وولي وشهود دون إشهار ودون توثيق لدى الجهات المختصة؟

إن كنت تقصدين هذا فعلى الرغم من صحة هذا العقد شرعا لكننا لا ننصحك به نظرًا لضياع الحقوق، حتى لو رزقت بمولد منه لن تستطيعي نسبه إلى زوجك، صحيح العلاقة بينكما لن تكون محرمة؛ لأن العقد استوفى كافة أركانه الشرعية وهو عقد صحيح من ناحية الديانة، لكن قضاءً لا يعتد به ولا بآثاره.

أما إن كنت تقصدين هذا العقد المستوفي لكافة أركانه وشروطه وموثق في الجهات المختصة غير أن من يعرفون ذلك دائرة ضيقة - كما تفضلت - الوالد والوالدة والأبناء فهذا لا مانع منه. وأما إسقاطك حقك في مبيت الزوج عندك، وأن يقسم بينك وبين زوجته الأخرى فهذا حقك ويمكنك التنازل عنه ولا يؤثر في صحة العقد.

أما ما دون ذلك فلا يعتبر نكاحًا أصلاً لا عرفًا ولا شرعًا.

والله أعلم