من أجل المجتمع.. تبحث عن لقب «مطلقة»!!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. لا تدرون مدى سعادتي عندما استطعت الكتابة إليكم، وأتمنى من الله سبحانه وتعالى ثم منكم أن تساعدوني فيما أعرضه عليكم، والموضوع باختصار كالتالي: أنا فتاة أبلغ من العمر 29 عاما، أوشك أن أدخل الثلاثين قريبا، كما يصفني الناس فأنا جميلة جدا وأتمتع بشكل خارجي وتكوين جسدي رائع، أعمل في وظيفة مرموقة في إحدى أكبر الشركات الخاصة في الشرق الأوسط، مسئولة عن مهام وأشياء أخرى كبيرة، أسعى لتطوير نفسي من خلال دراستي، رغم أنني من حملة المؤهلات العليا، أدرس في التعليم المفتوح، ومؤخرا تقدمت للدراسة بأكبر مؤسسات تعليم اللغة الإنجليزية لتقوية اللغة عندي، حيث إنها عامل أساسي في عملي، كل ذلك جعلني في نظر مديري فتاة جيدة، وفى نظر الناس أيضا، وهنا تأتي الكارثة. وبدون الخوض في تفاصيل قاتلة وليست مؤلمة، فأنا زوجة منذ ست سنوات، وكنت حاملا في الشهور الأولى، وأجريت عملية إجهاض حتى لا يفتضح الأمر.. أو كنت أعتقد أننا متزوجان. الأهم الآن أنني نفسيا غاية في الانهيار، وضاع عمري هباء منثورا وسرابا، أما الطرف الآخر فقد انهار أكثر مما سبق، وضاع وتاه وسط الإدمان والقتل، وباتت الحياة مستحيلة بيننا، وعلى عكس كل مرة تركت الأمور بيننا تنقطع وتنهار، وذلك لاستحالة رجوعنا إلى بعض، ولكن يتخلل ذلك بعض المكالمات التي أحاول من خلالها حثه على العودة إلى نفسه، ليس لي، ولكني آمل أن يغير أهله وجهة نظرهم عني ويرضون ويتزوجني ولو لشهر واحد أحصل فيه على لقب مطلقة. لا أستطيع الزواج أبدا.. ذكريات عملية الإجهاض تقتلني بدل المرة ألف مرة في اليوم، ولا أستطيع أبدا وضع نفسي تحت تلك المقصلة، وعندي أن أبقى بلا زواج بدلا من اصطناع شرف مزيف، وأبني أقدس علاقة على الكذب والغش والتدليس. السطور لا تكفى لشرح ما في نفسي.. مؤخرا بالجامعة تقرب لي أحد الزملاء وأبدى إعجابه الشديد بي، وبدأ يلوح لي بالزواج، بل باشر بالترتيب لإقناعي بذلك، ووجدت نفسي في قبالة شخص يحاول بكل جهده مراعاة الله، مؤدب جدا في حواره، ليس شيخا ولا عالما، ولكنه شخصية وكما يقولون “ابن بلد”، اكتشف ذاته ويحاول بكل جهده الوصول للأفضل، يضاف لهذا أنه شخص رائع بشوش، البسمة لا تفارقه، صريح وطيب لأبعد الحدود، ويحترم الناس والكل يحبه.. وجدتني أطلعه وبكل غباء على كل ماضي، ووجدته مصعوقا، هذا لأن صديقتنا المشتركة وزميلتي أطلعته على ذلك الأمر، ولكنها لم تذكر أنني أنا المقصودة، وتوقعت أن يبتعد عنى ويتركني، ولكن بدلا من ذلك زاد حبه لي، ولكن من ناحية أخرى، وهي الشفقة، وأنه يرغب في مساعدتي. بالأمس جرحني كلامه أكثر، وعذرته رغم كل شيء، فصعب على أي رجل أن يتقبل ذلك، ووجدته يقول لي إنه فكر في الموضوع وعلى مقدرة لتكملة مشوار الزواج وبعدها يطلقني، وبذلك أبدأ حياة جديدة لم تبن على كذب، ووجدتني أرفض وبشدة. والآن ماذا أفعل؟! وفي ماذا أفكر؟! فلقب مطلقة كنت أتمناه من خطيبي السابق أو زوجي السابق، وليس منه، وماذا أفعل فالفضيحة ستكون أبشع؟! ولو وافقته على ذلك ضاع كل شيء مني وتدمر مستقبلي، ولن أستطيع مواجهة الناس أبدا. ماذا أفعل؟! هل أبتعد عنه وللأبد أم أوافق عليه وعلى اقتراحه وأجعله يخسر وأخسر أنا ولكن خسارتي ستكون أشد منه. أنا أنهار وأنهار، تركت الصلاة، ما عدت أثق في شيء حتى أنني بت أشك في أنني أخشى الله، فهل هذا معناه أنني كافرة؟! كثرت ذنوبي، واجهتني أزمة مالية بشعة وأخذت أموالاً من خالتي بدون علمها، وللأسف تصرفت في نقود رعاية الأيتام في مرة، وكل هذا يقتلني، ماذا أفعل لتلك النفس الشريرة؟! وماذا أفعل مع كل ذلك؟! أنا لا أريد أن أتوه أكثر أو أنهار أكثر، لا أريد الضياع والتوهان في طريق المخدرات، وكل هذا سهل، فليس عندي ما أخسره، ولكني لا أريد تدمير حياة شخص آخر، يكفي الشخص الآخر الذي دمرت حياته بتمسكه بي وتمسكي به. أرجوكم أفيدوني، وساعدوني وبسرعة، أتوسل إليكم أن تساعدوني، أنتظر ردكم بفارغ الصبر.

الأخت الكريمة.. سلام الله عليك ورحمته وبركاته.. أشكرك على ثقتك بنا، وأسأل الله عز وجل أن نكون على قدر هذه الثقة، وبعد:

فقد قرأت رسالتك مرات عدة، وقد وضح في صياغتك وسردك للأحداث مدى ما تعانينه من اضطراب وضياع، ولم توضحي طبيعة العلاقة التي جمعتك بهذا الرجل الذي حملت منه وأجهضت، هل كان زواجًا «عرفيًّا» مثلا أم علاقة محرمة؟! حيث قلت: (كنت زوجة منذ ست سنوات)، ثم قلت: (كنت أعتقد أننا متزوجان)، وتحديد هذه العلاقة هو مهم بالنسبة لمستقبلك في الحياة وكيفية مواجهتك للمجتمع.

فإن كان زواجًا عرفيًّا (بعقد عرفي وشهود)، فإن هذا يخفف كثيرًا من وطأة الأمر، وإن كان لا يمحو الآثار السلبية بشكل كامل؛ نظرًا لما يحوط الزواج العرفي في مجتمعنا من شبهات، وأيضا نظرة القانون له، إلا أنه قد يساعدك في رفع رأسك قليلا في مجتمعك وسعيك للحصول على بعض حقوقك بموجب هذه الورقة، سواء بالتراضي أو بالمقاضاة.

أما إن كان الأمر مجرد علاقة آثمة محرمة جمعتك بهذا الشخص، وسواء خدعك أو استسلمت له بمحض إرادتك، فالنتيجة واحدة، وعليك تحمل نتيجة هذا التصرف الذي لم تسوقي له أي مبرر، وأنت الفتاة الجميلة المتعلمة المثقفة، ما الذي يدفعك لزواج سري أو لعلاقة آثمة تستمر ست سنوات ينتج عنها حمل ثم إجهاض؟!

لم تذكري أي شيء عن أسرتك أو أهلك، أين كانوا وأنت تفعلين كل هذا طيلة هذه السنوات؟ وأين هم الآن؟ وهل هم على علم بما حدث ويحدث أم ماذا؟ وعلى أية حال فإن كانوا موجودين ولا يعلمون فأرى أنه من الضروري أن تخبريهم بكل شيء ليتحملوا معك بعض العبء ويقوموا بدورهم تجاه هذا الأمر، سواء في التفاوض مع الرجل الذي حملت منه أو تقرير مستقبلك.

أما بالنسبة لهذا الشاب وعرضه عليك الزواج ثم الطلاق لكي تحصلي على لقب مطلقة الذي تبحثين عنه، فأرى أن هذا ليس من النبل في شيء، ولا أنصحك بالموافقة على هذا الحل، فتصلحين الخطأ بخطأ مثله.

يا أختي الكريمة.. نحن لا نعبد المجتمع وإنما نعبد الله عز وجل، وأقسى ما يؤلمني هو أننا نبحث عن وسيلة للفرار من عقاب المجتمع أو نظرته السلبية لنا، وذلك عبر أية وسيلة تمرر أفعالنا السيئة على المجتمع ونخدعه بها، ونسينا أن الله عز وجل هو الإله العالم الخبير بما نفعل، وهو الذي سيحاسبنا، وهو الذي لا ولن نستطيع خداعه، سبحانه وتعالى.

أختي الكريمة.. إن ما تحتاجينه أولا أن تفيقي من هذه الغفلة التي أنت فيها، وتدركي مكانك جيدًا، وعلى أي أرض تقفين، وعلى أي مسافة أنت من خالقك سبحانه وتعالى، وتبدئي بإصلاح ما بينك وبين ربك، وتتوبي إليه وتستغفريه، وتسأليه سبحانه وتعالى أن يلم عليك شتات نفسك، وأن يلهمك الصواب والمخرج مما أنت فيه من مشكلات وأزمات جرها عليك ابتعادك عنه وعن منهجه وطريقه، بعد أن غرك الشيطان بما حباك الله من نعم، كان من الممكن أن تكون سببًا في إسعادك، فحولتها بغفلتك إلى سبب لشقائك وتعاستك.

ولعل هذه العودة والأوبة تنعم عليك ببصيرة تهديك إلى الطريق الصحيح، ولا أرى أفضل من مواجهة نفسك بأخطائها وتحمل نتيجتها، ثم طي صفحة الماضي والبدء من جديد مع إنسان يتقبلك كما أنت الآن، على حقيقتك دون خداع أو كذب، ويكون عنده الاستعداد لنسيان الماضي وعدم المن عليك بقبوله لك، بل يحيا معك حياة طبيعية كأي زوجين، ولا تقبلي غير هذا أختي الكريمة، فتكونين كالمستغيث من الرمضاء بالنار.

وفقك الله، وتابعينا بأخبارك.