ندم قاتل لغيرتي مـن ملكة الجمال!

أرسل لكِ من إحدى الدول العربية، أنا امرأة في السادسة والثلاثين من عمري، متزوجة ولدي ثلاث بنات، لكنني أعيش في عذاب نفسي لا ينتهي بسبب فعل قمت به قبل سنوات طويلة، وما زلت أتحمل تبعاته حتى اليوم. لدي أخت أصغر مني كانت تتمتع بجمال لافت، حتى أنها حصلت على لقب "ملكة جمال" في بلدنا، بينما كنت أنا أعاني من آثار تشوه في وجهي ورقبتي منذ طفولتي بسبب حرق، مما أثر على نفسيتي بشكل كبير. كنت أعيش في ظل مقارنة دائمة بيني وبين أختي، حيث كان الجميع، وخصوصاً والديّ، يمدحونها ويدللونها بشكل أشعرني بالدونية وبأنني غير مرئية. منذ حوالي ١٣ عاماً، وفي لحظة ضعف وسيطرة من الشيطان، قررت إيذاء أختي. فكانت معتادة على صعود سلم خشبي للوصول إلى مكان مرتفع في منزلنا، فقمت بوضع قشور الموز تحت السلم، ما تسبب في سقوطها وسقوط السلم عليها، النتيجة كانت إصابتها بالشلل وعدم قدرتها على الحركة منذ ذلك الحين أعيش منذ ذلك اليوم في عذاب دائم، وأشعر أنني السبب في كل ما حدث، وحتى في وفاة والدتي، التي أعتقد أنها ماتت قهراً وحزناً على أختي، أشعر أنني أستحق هذا العذاب، وأخشى أن يصيبني مكروه أو أن يصيب بناتي عقاباً لي على ما فعلته. كتبت لكِ لأبحث عن الراحة النفسية ولأجد طريقاً للتوبة والتكفير عن ذنبي، لأنني ما زلت أتعذب من فعلتي.

عزيزتي،
 

بادئ ذي بدء، أشكرك على ثقتك ومشاركتك لهذه المشكلة العميقة التي تعبر عن ندمك الصادق...


ما فعلتِه كان خطأً كبيرًا، بل جريمة تستوجب العقاب القانوني والتوبة الصادقة، لكن الله سبحانه وتعالى واسع المغفرة، ولا يغلق أبواب الرحمة أمام أي عبد يلجأ إليه بتوبة نصوح.

 

الغيرة التي شعرتِ بها تجاه أختك لم تأتِ من فراغ، بل كانت نتيجة مقارنة غير عادلة من قِبل والديك، حيث أظهرا تفضيلهما لأختك بسبب جمالها دون مراعاة مشاعرك. هذا ليس مبررًا لما قمتِ به، لكنه يوضح أن البيئة الأسرية كانت عاملاً أساسيًّا في تصاعد هذه المشاعر السلبية.

 

ما حدث كان نتيجة ضعف إنساني استغله الشيطان؛ ما دفعك للقيام بفعل مؤذٍ، لكن الأهم الآن هو الندم الذي تشعرين به، وهو أول خطوات التوبة؛ فشعورك بالذنب المستمر والخوف من العقاب يوضح أن ضميرك حي، وهذا بحد ذاته خطوة إيجابية..

 

ونصيحتي لكِ: استغفري الله كثيرًا وادعي له بصدق أن يغفر لكِ ذنبك، فهو القائل: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ﴾ (الزمر: 53).

 

أكثري من الأعمال الصالحة بنية التكفير عن ذنبك، مثل الصدقة والإحسان لأختك..

 

كوني بجانب أختك دائمًا، وقدمي لها كل أنواع الدعم والرعاية...

 

حاولي تحسين حياتها بشتى الطرق، سواء من خلال البحث عن علاج لحالتها داخل أو خارج بلدكم، أو إدخال البهجة إلى حياتها بالتنزه والأنشطة المشتركة.

 

اجعلي بناتك يشاركن في رعاية خالتهن، ليكبرن وهنّ مدركات لأهمية التراحم الأسري.

 

وبالنسبة لك شخصيًّا فإذا كان بالإمكان، أجري عملية تجميل لتخفيف آثار الحرق؛ ما قد يساعدك على استعادة ثقتك بنفسك.

 

ويمكن أن تلجئي إلى متخصص نفسي لمساعدتك على تخطي شعور الذنب بشكل صحي...

ولا تتوقفي عن الدعاء لأختك بالشفاء ولوالدتك بالرحمة، ادعي أيضًا أن يخفف الله عنك عذاب الضمير، وأن يرزقك راحة البال..

 

وأخيرًا:
 

ما حدث لا يمكن تغييره، لكن يمكن إصلاح ما تبقى من حياتك وحياة أختك، اجعلي ندَمَك دافعًا للإصلاح وليس سببًا للانهيار، وتذكري أن الله يفرح بتوبة عباده ويبدل السيئات حسنات إذا ما صدقوا في توبتهم.

 

أسأل الله أن يشفي أختك ويغفر لكِ، وأن يرزقكما حياة أفضل مليئة بالمغفرة والتصالح...