تدخين الزوج وتضرر الزوجة

زوجة تتأذى من تدخين زوجها للسجائر، وهي تكره رائحتها، وزوجها يرفض ترك هذه العادة، فما حكم الشرع في هذا الأمر؟

– مما لا شك فيه أن رائحة السجائر كريهة بغض النظر عن حكمها، وهو في الجملة بين الكراهة والحرمة، وقد طلب الشرع من الزوجين العشرة بالمعروف، فقال تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (النساء: 19)، وقال تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (البقرة: 228)، ومعنى العشرة بالمعروف هنا هي التزام كل منهما بإعطاء الطرف الآخر كامل حقه من الواجبات، وما دونها مما فيه كمال حسن العشرة، ومن حسن العشرة ترك الزوج كل ما فيه إيذاء الزوجة من مثل الغلظة في الكلام، والعبوس في وجهها، وإهانتها، وله عليها مثل ذلك، ولا شك أن الدخان فيه ضرر على الزوجين، وأخف ضرره على الزوجة إيذاء الزوج لها برائحته، مما قد يؤثر في كمال الاستمتاع بينهما، والاستمتاع مقصد شرعي، وحق لهما لا للزوج وحده.

ولو كانت الزوجة تشرب الدخان لكان له منعها منه للضرر وللتأذي به، فهو أبلغ في المنع مما ذكر من الروائح، وإذا كان هذا حقاً للزوج ويلزمها طاعة أمره في ذلك، فهو حق لها لحسن العشرة، فتطلب منه أن يمتنع عن إيذائها بدخان ورائحة السجائر، وحسن العشرة مندوب إليه ومستحب، كما ذهب إليه الحنفية والحنابلة، أو واجب ديانة لا قضاء كما ذهب إليه المالكية.

وعلى هذا نقول: من حق الزوجة أن تطالب زوجها أن يترك تناول الدخان لئلا يؤذيها بدخانه ورائحته، ولئلا يلحق بها الضرر المحتمل، فإن قرر الطبيب المختص أن الدخان يضر هذه الزوجة لظرف صحي خاص بها، فيلزم الزوج الامتناع حينئذ، ويأثم إن لم يفعل وأصر رغم ضرره للزوجة، وللزوجة أن تمتنع عن زوجها لهذا السبب.. ولو طلبت الزوجة التطليق من القاضي وحكم لها بالطلاق للضرر بعد أن يعذر الزوج ويطلب منه الامتناع عن الإضرار بها لم يبعد عن الصواب، وصح حكمه، هذا على القول بكراهة التدخين، وإن قلنا هو حرام، فيلزم الزوج الامتناع على كل حال.