<p>السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،</p> <p>أنا شاب عمري ثلاث وعشرون سنة، عندي خال أصغر مني بثلاث سنوات فقط، أي أنه في العشرين من عمره، وبسبب تقارب السن بيننا صرنا منذ صغرنا أصدقاء مقربين، نحب بعضنا جدًا ونقضي وقتًا ممتعًا معًا، حتى إن بيننا مواقف طريفة وذكريات جميلة لا تُنسى.</p> <p>لكن مشكلتي أن خالي رغم كونه شابًا يافعًا إلا أن تصرفاته في كثير من الأحيان تبقى صبيانية وطفولية، فهو يتعامل باندفاع، ويمزح في مواقف لا تحتمل المزاح، وأحيانًا يحرجني أمام الآخرين بتصرفاته غير الناضجة. أشعر أن علاقتنا الجميلة قد تتأثر بسبب هذا الأمر، خصوصًا أنني أريده أن يكبر في نظر الناس وألا يظل محاطًا بصفة "المراهق"..أنا حائر:</p> <p>هل أتعامل معه بجدية أكبر حتى ينتبه لتصرفاته؟</p> <p>أم أتغاضى عن هذه السلوكيات حفاظًا على صداقتنا وودّنا؟</p> <p>كيف أوجّهه بطريقة لا تجرح مشاعره ولا تجعلني أخسر قربه؟</p> <p><span dir="RTL">أحتاج لنصيحة من حضرتك دكتورة أميمة، تساعدني على الموازنة بين حبي له كخال وصديق، وبين رغبتي أن يصبح أكثر نضجًا واتزانًا في سلوكه.</span></p>
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
أضحكني موقفك يا بُني مع خالك، فكأنك تعيش مع "خال مراهق" وأنت "ابن أخت عاقل"! سبحان الله، الدنيا غريبة، لكن هذا من جمال العلاقات الأسرية المتقاربة في العمر.
دعني أوضح لك الأمر من زاويتين:
الرشد الناشئ
* أولاً: من منظور علم النفس التربوي الأسري (Family Educational Psychology)، فإن خالك ما زال يمر بمرحلة تُسمى "Emerging Adulthood" أو "الرشد الناشئ"، وهي مرحلة تمتد غالبًا من سن 18 إلى 25، حيث يكون الشاب بين الشعور بالاستقلالية وبين بقايا سلوكيات المراهقة. لذلك تصرفاته ليست "طفولية" بالمعنى الحرفي، بل هي جزء من التباين السلوكي الطبيعي في هذه المرحلة.
* ثانيًا: من الناحية الأسرية والدينية.. فصلة الرحم نعمة عظيمة، وقد قال رسول الله ﷺ: "ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها".. وهذا يذكرك أن دورك ليس فقط صديقًا لخالك، بل موجهًا له برفق ولطف.
طريقة التعامل معه
لذا فإن نصيحتي العملية لك هي:
* استخدم أسلوب النمذجة الإيجابية (Positive Modeling): بدلًا من أن توبّخه، كن له قدوة في المواقف الجادة.. فنظرا لارتباطكما كصديقين، فسترى أنه بمرور الوقت يقلّدك من غير أن يشعر.
* اعتمد على المزاح الذكي: عندما يتصرف تصرفًا صبيانيًّا، يمكنك أن ترد بإيفيه لطيف من غير تجريح، مثل: "يا خالو، لو شافونا الناس هيقولوا أنا الصغير وأنت الكبير!"، بهذا تُضحكه وفي الوقت نفسه توصّل الرسالة.
* التغافل.. نعم تغافل معه: فليس كل موقف يستحق التعليق، بعض الأمور تُترك حتى تنضج وحدها، فالمبالغة في التنبيه قد تضعف العلاقة.
* التعزيز الإيجابي (Positive Reinforcement): إذا قام بتصرف راقٍ أو ناضج، فامدحه فورًا أمام الآخرين بأسلوب الرجال، فهذا يُشعره بقيمته ويزيد من وعيه الاجتماعي .
* وأخيرًا، تذكّر -يا بُني- أن الحكمة تقتضي أن تمسك العصا من المنتصف.. فلا إفراط في النقد ولا تفريط في الصمت. وإن ضحككما معًا على بعض المواقف الطريفة هو وقود لهذه العلاقة الجميلة، فلا تخسر هذا الرصيد النفسي العاطفي (Emotional Capital) بسبب لحظات عابرة.
وأختم بقول الله تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾، فالكلمة الطيبة مفتاح القلوب، وهي التي تجعل نصيحتك مقبولة بلا مقاومة.
* همسة أخيرة:
ابتسم دائمًا، وذكّر نفسك أن عندك "خال مراهق" هو في الحقيقة هدية من الله لتتعلم الصبر والقيادة في آنٍ واحد.