زوجي العصبي.. هل أصارحه بأخطاء أبنائنا المراهقين؟!

<p>السلام عليكم. أنا أم لابنة (١٤ سنة) وابن مراهق (١٦ سنة). زوجي عصبي وسريع الانفعال، وكثيرًا ما يصدر عنه كلام جارح وأحيانًا صراخ. لما يحصل خطأ من البنت أو الولد &mdash; سواء دراسة أو سلوك &mdash; أخاف أتصارح له أو أطلب منه أن يعاقبهم أو ينصحهم، لأنني خشية أن يغضب ويكون أسوأ أو يؤذي نفسياً الأولاد. فأبقى صامتة أو أتصرف بنفسي بشكل هادئ، وأحيانًا أعطي الطفل فرصة ثانية بدلاً من مواجهته، لأن الخوف يمنعني<span dir="LTR">.</span></p> <p>هل تصرفي سليم؟ ماذا أفعل حتى أحمي أولادي وفي نفس الوقت لا أعرّض نفسي أوهم للخطر؟ أريد خطوات عملية، وجمل أقولها له أو للأولاد، وماذا أفعل لو استمرّ في العنف اللفظي أو الجسدي؟ شكراً<span dir="LTR">.</span></p>

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

 

أيتها الأم الكريمة، أقدر حرصكِ الشديد على حماية أبنائك من أي أذى نفسي أو بدني، وأحييكِ على وعيكِ بأن العصبية المفرطة والصراخ الجارح قد يترك ندوبًا عاطفية في نفوس المراهقين يصعب علاجها فيما بعد.

 

وهنا سوف أجيبك بتدرج منطقي وعملي، يجمع بين الحكمة التربوية، والرؤية النفسية :

 

فهم طبيعة الموقف

 

أولاً: لا بد من فهم طبيعة الموقف: العصبية المتكررة للزوج قد ترجع إلى نمط شخصية اندفاعية (Impulsive Personality) أو ضغوط حياتية لم يُحسن التعبير عنها.

 

والمراهقون بطبيعتهم في مرحلة حساسة، يحتاجون إلى شعور بالأمان النفسي، ليبنوا ثقتهم بأنفسهم، وأي تهديد لفظي أو بدني يزعزع استقرارهم العاطفي.

 

أما سلوككِ بالهدوء والتريث فيه قدر من الصواب، لكن السكوت التام قد يحمل رسالة سلبية للأبناء بأن الأم غير قادرة على حمايتهم.

 

خطوات عملية مع الزوج

 

ثانيًا: لذلك ينبغي هنا أن أنصحك بخطوات عملية لكِ مع الزوج:

 

1- اختيار التوقيت المناسب للحوار مع زوجك.. لا تناقشيه أبدًا وهو غاضب، بل بعد أن يهدأ، مستخدمة أسلوب "أنا أشعر" (I-Message)، مثلاً: "أنا أشعر بالقلق عندما يرتفع صوتك أمام الأولاد، وأتمنى أن نجد معًا طريقة هادئة لتقويمهم".

 

2- استخدام لغة الاحترام: احرصي أن تُشعريه أنكِ تساندينه لا أنكِ تنتقدينه.

 

وكذلك استخدمي معه جملاً داعمة ومرققة للقلب، مثل: "أثق أنك قادر على أن تكون القدوة لأبنائك، وأحتاج دعمك بطريقة هادئة". "ما رأيك أن أتعامل أنا أولاً مع أخطائهم، ثم نتشاور إن تكرر الموقف؟".

 

3- ذكريه بقول الله تعالى: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾. واستشهدي بالآيات والأحاديث، مثل قوله ﷺ: "ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه".

 

4- اطرحي عليه بعض البدائل.. اقترحي عليه مثلاً أن يترك لكِ مهمة التوجيه الأولى، وهو يتدخل في حالة التكرار، وأن تقومي أنتِ بالاحتواء العاطفي ثم يأتي دوره كحزم غير مؤذٍ.

 

 خطوات عملية لكِ مع الأبناء

 

ثالثًا: ولن أغفل نصيحتي لك كذلك بخطوات عملية لكِ مع الأبناء:

 

1- اعملي يا أختي على بناء جدار أمان نفسي بينك وبينهم.. أكدي لهم أن غضب والدهم ليس بسبب عدم حبه، بل هو انفعال غير منضبط، وقولي لهم: "والدكم يحبكم، لكنه أحيانًا يعبر بطريقة مؤذية بدون قصد، وأنا موجودة لأحميكم ونحاول معًا أن نتخطى هذا". "أنا أعلم أن كلمات الغضب تجرح، لكن قيمتك عندي وعند الله لا ينقصها شيء". "دعونا نتعلم معًا كيف نصحح الخطأ دون خوف".

 

2- علميهم ووجهيهم بالهدوء.. اجلسي مع كل ابن وابنة على حدة، ووجهيهم بالأسلوب الإيجابي القائم على التشجيع (Positive Reinforcement).

 

3- حاولي أيضًا تعليمهم مهارات المواجهة الآمنة (Coping Skills) مثل الانسحاب من مكان الغضب، التنفس العميق، وتغيير المكان مؤقتًا، الاستغفار.

 

 خطة حماية أسرية

 

رابعًا: في حال استمرار العنف اللفظي أو الجسدي:

 

ضعي خطة حماية أسرية (Family Safety Plan)، أي أن يكون لكِ مكان آمن داخل المنزل، أو لدى الأقارب، تلجئين إليه إن تصاعد الموقف.

 

ويمكنكِ أيضا الاستعانة بوسيط موثوق (أخ، إمام مسجد، مستشار أسري) ليجلس مع الزوج ويشرح أثر العصبية على الأبناء.

 

وإذا -لا قدر الله- تجاوز الأمر إلى عنف جسدي متكرر، فالشرع والقانون يكفلان لكِ حماية نفسكِ وأولادك، قال تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾.

 

 * وهمسة أخيرة:

 

أيتها الأم الفاضلة، تذكري أن التربية في جو يسوده الأمن النفسي هي الأساس لنجاح الأبناء، وأن الصبر والحكمة مع الدعاء قد يغيران قلب الزوج شيئًا فشيئًا. قال الله تعالى: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾.

 

أسأل الله تعالى أن يهدي زوجك وأبناءك.