صلاة الأوابين.. معناها وحكمها وكيفيتها

<p>ما المقصود بصلاة الأوابين، وما حكمها، وطريقة الصلاة؟</p>

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فالراجح من أقوال العلماء أن صلاة الأوابين هي (صلاة الضحى) لقوله عليه الصلاة والسلام: "لا يحافظ على صلاة الضحى إلا أواب، وهي صلاة الأوابين"، وهي سنة غير مؤكدة عن رسول الله، وتصلى كصلاة النافلة ركعتين ركعتين، أو أربع ركعات بتشهد واحد، وتصلى ركعتين، أو أربع ركعات، أو ست ركعات، أو ثماني ركعات، كل حسب قدرته، وقد ورد في فضلها كثير من الأحاديث.

 

يقول ابن القيم – رحمة الله في كتاب زاد المعاد:

 

روى البخاري في «صحيحه» عن عائشة قالت: «ما رأيتُ رسول الله ﷺ يصلِّي سُبْحة الضُّحى، وإني لأستَحِبُّها». وروى أيضًا من حديث مورِّق العِجْلي: قلت لابن عمر: أتصلِّي الضحى؟ قال: لا، قلت: فعمر؟ قال: لا، قلت: فأبو بكر؟ قال: لا، قلت: فالنبي ﷺ؟ قال: لا إخاله.

 

وذكر أيضًا عن ابن أبي ليلى قال: ما حدثنا أحد أنه رأى النبي ﷺ يصلِّي الضحى غير أُم هانئ، فإنها قالت: إنَّ النبي ﷺ دخل بيتها يوم فتح مكة، فاغتسل، وصلَّى  ثماني ركعات؛ فلم أر صلاةً قطّ أخفَّ منها غير أنه يتمّ الركوع والسجود.

 

وفي «صحيح مسلم» عن عبد الله بن شقيق قال: سألت عائشة: هل كان رسول الله ﷺ يصلِّي الضحى؟ فقالت: لا، إلا أن يجيء من مغيبه. قلت: هل كان رسول الله ﷺ يقرُن بين السور؟ قالت: من المفصَّل.

وفي «صحيح مسلم» عن عائشة قالت: كان رسول الله ﷺ يصلِّي الضُّحى أربعًا، ويزيد ما شاء الله.

 

وفي «الصحيحين» عن أمِّ هانئ أنه صلَّى يوم الفتح  ثماني ركعات. قالت: وذلك ضحًى.

 

فاختلف الناس في هذه الأحاديث على طرق:

 

فمنهم من رجَّح روايةَ الفعل على الترك بأنها مثبِتة تتضمَّن زيادة علم خفيت على النافي. قالوا: وقد يجوز أن يذهب علمُ مثلِ هذا على كثير من الناس ويوجد عند الأقل. قالوا: وقد أخبرت عائشة وأنس وجابر وأمُّ هانئ وعلي بن أبي طالب أنه صلَّاها. قالوا: ويؤيِّد هذا الأحاديث الصحيحة المتضمِّنة للوصيةِ بها، والمحافظةِ عليها، ومدحِ فاعلها والثناء عليه.

 

ففي «الصحيحين» عن أبي هريرة قال: أوصاني خليلي ﷺ بصيام ثلاثة أيام من كلِّ شهر، وركعتي الضحى، وأن أُوتِرَ قبل أن أرقُدَ. وفي «صحيح مسلم» نحوه عن أبي الدرداء.

 

وفي «صحيح مسلم» عن أبي ذر يرفعه قال: يُصْبح على كلِّ سُلامى من أحدكم صدقة. فكلُّ تسبيحة صدقة، وكلُّ تحميدة صدقة، وكلُّ تهليلة صدقة، وكلُّ تكبيرة صدقة. وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهيٌ عن المنكر صدقة. ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضُّحى.

 

فالصواب إذا كان الأمر كذلك: أن يصليها مَن أراد على ما شاء من العدد. وقد روي هذا عن قوم من السلف: ثنا ابن حميد، ثنا جرير، عن إبراهيم: سأل رجلٌ الأسودَ: كم أصلّي الضُّحى؟ قال: كم شئت.

 

وطائفة ثانية ذهبت إلى أحاديث الترك ورجَّحتها من جهة صحة إسنادها وعمل الصحابة بموجَبها.

 

فروى البخاري عن ابن عمر أنه لم يكن يصلِّيها ولا أبو بكر ولا عمر. قلت: فالنبي ﷺ؟ قال: لا إخاله.

 

وقال وكيع: ثنا سفيان الثوري، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: ما رأيت رسول الله ﷺ صلَّى صلاة الضُّحى إلا يومًا واحدًا.

 

وذهبت طائفة ثالثة إلى استحباب فعلها غِبًّا، فتصلَّى في بعض الأيام دون بعض. وهذا إحدى الروايتين عن أحمد. وحكاه الطبري عن جماعة قال: واحتجُّوا بما روى الجُريري عن عبد الله بن شقيق قال: قلت لعائشة: «أكان رسول الله ﷺ يصلِّي الضحى؟ قالت: لا إلا أن يجيء من مغيبه». ثم ذكر حديث أبي سعيد: «كان رسول الله ﷺ يصلِّي الضحى حتى نقول: لا يدَعُها، ويدَعُها حتى نقول: لا يصلِّيها». وقد تقدَّم.

 

وذهبت طائفة رابعة إلى أنها إنما تُفعَل لسبب من الأسباب وأنَّ النَّبيَّ ﷺ إنما فعلها لسبب. قالوا: وصلاته ﷺ يوم الفتح  ثماني ركعاتٍ ضحًى إنما كانت من أجل الفتح، وإن سنَّة الفتح أن يصلَّى عنده  ثماني ركعات، وكان الأمراء يسمُّونها «صلاة الفتح». وذكر الطبري في تاريخه» عن الشعبي قال: لما فتح خالد بن الوليد الحِيرَة صلَّى صلاة الفتح  ثماني ركعات لم يسلِّم فيهن، ثم انصرف, أ. هـ من زاد المعاد باختصار وتصرف.

 

والله تعالى أعلى وأعلم.