كيف تتعامل مع الشخصيات الصعبة التي تعرقل مسيرتك الدعوية؟

<p>السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا شاب أحرص على الدعوة إلى الله وأحاول أن أمارسها بأفضل شكل ممكن، لكن أجد نفسي أواجه شخصية صعبة في مجال الدعوة، وهي شخص يتعمد إحراجي أمام الجماهير بعد الدروس والمحاضرات، ويتصرف بتكبر ورفع قدر نفسه على حساب الآخرين. هذا السلوك يعيق دعوتي ودعوة غيري، ولا أدري كيف أتعامل مع هذا الرجل، هل أتصرف معه بحزم؟ أم أحيّده بطريقة سلمية؟ أريد نصيحة واضحة تساعدني في الاستمرار في دعوتي دون أن تعرقلني مثل هذه الشخصيات.</p>

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

 

أخي الكريم، أسأل الله أن يرزقك الصبر والعزيمة في طريقك الدعوي، ويثبتك على الخير والهدى، وأُقدر ما تمر به من تحديات مع هذه الشخصية التي تعرقل دعوتك وتشكل لك عائقًا نفسيًّا واجتماعيًّا.

 

إن التعامل مع مثل هذه الشخصيات التي تتسم بالتكبر والتهيّب على الآخرين يحتاج إلى الحكمة والذكاء، وهذا يستدعي أحد أمرين: إما معاملة بالرفق واللين، أو الحزم والوقوف عند حدود معينة، دون أن ننسى أن الهدف الأسمى هو استمرار دعوتك بنجاح وسلام.

 

أولاً: تذكّر أن الدعوة إلى الله قد تواجه معارضة أو تعقيدات، والنبي ﷺ قال: «مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثلُ الجسدِ، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الجسدِ بالسهر والحمى»؛ فالمؤمن هو من يسعى للتعاون والإصلاح، ويعالج المشكلات برحمة.

 

ثانيًا: في التعامل مع هذا الشخص المتكبر، حاول أن تبدأ باللين والرفق وتفهَّم دوافعه؛ فقد يكون يعاني من ضعف داخلي يدفعه لهذا السلوك.

 

ثالثًا: إذا استمر هذا السلوك وبدأ يضر الدعوة ويعطل عملك أو عمل غيرك، فلا بأس أن تضع حدودًا واضحة بأسلوب حازم دون عنف أو جرح، قال تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾، ولكن ذلك لا يمنع أن يكون الكلام حازمًا وجادًّا عند الحاجة.

 

رابعًا: من الحكمة أن تناقش الموضوع مع المشرفين أو من لهم سلطة في مجال الدعوة، ليكونوا على بينة من الأمر ويساعدوك في إيجاد حل يوقف هذا الإحراج والتصرفات السلبية.

 

خامسًا: لا تجعل مثل هذه المواقف تثبِّط همتك، بل اجعلها دافعًا لتعزيز صبرك، قال تعالى: ﴿فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا﴾، وتذكر أن النبي ﷺ واجه من كان يعارضه ويسخر منه، لكنه استمر بثبات وإصرار.

 

سادسًا: نصيحة مهمة، احرص على أن تبني لنفسك شبكة علاقات من الأخيار الذين يدعمونك، واستعن بالله في كل أمر، وادعُ لهؤلاء المتكبرين بالهداية، فإن الدعاء لهم بالخير من أنفع الوسائل، ولك أن تتخيّل أن أحد الصحابة لو واجه مثل هذا السلوك، فكيف كان يتصرف؟ كان النبي ﷺ يعالج الأمور بالحكمة والرفق، ويوقر أصحابه، لكنه أيضًا كان حازمًا مع من يضر بالأمة، وهذه الميزان الذي عليك أن تحمله.

 

وختامًا، أسأل الله لك الثبات والتوفيق وأن يرزقك ربي الصبر والحكمة في التعامل مع الصعاب، واهدِ قلبه وقلوب من يعوقونه، واجعل دعوته خالصة لوجهك الكريم، وألّف بين قلوب المسلمين، وألّف بينه وبين إخوانه، وارفع عنه كل ضيق وهم، وارزقه النصر والتيسير. آمين يا رب العالمين.