بين بري لأمي وعلاقتي بزوجة أبي.. أقف حائرة!!

<p>أنا بنت عندي ١٧ سنة، وبحكي لك علشان مش لاقية حد يسمعني من غير ما يهاجمني. أنا الكبيرة في إخواتي، وأبويا اتجوز على ماما من حوالي سنتين. من وقتها وماما زعلت جدًا، وبقت العلاقة بينهم متوترة قوي<span dir="LTR">.</span></p> <p>أنا في الأول كنت متضايقة جدًا من جوازه، لكن مع الوقت حسّيت إن مش من العدل أقطع علاقتي بيه أو بزوجته التانية، خصوصًا إن هي نفسها بتحاول تعاملني كويس. كنت بزورها من وقت للتاني، وبكلمها في التليفون أحيانًا<span dir="LTR">.</span></p> <p>المشكلة إن ماما اكتشفت إني بروح لها وبكلمها، وزعلت مني جدًا وقالت إني بخونها وإنها ما كانتش متوقعة إني أعمل كده. بقت تكلمني ببرود ومش زي الأول، وحسّيت إنها مش عايزاني أبرر أو أشرح موقفي<span dir="LTR">.</span></p> <p>أنا دلوقتي حاسة إني في نص حرب مش بتاعتي، ومش عارفة أتصرف إزاي. خايفة أخسر حب ماما، وفي نفس الوقت مش عايزة أقطع صلة بحد أنا شايفة إنه ما أذانيش<span dir="LTR">.</span></p>

ابنتي العزيزة،

 

أول ما أود أن أؤكد لك عليه هو أنّ مشاعرك الآن طبيعية جدًّا، فأنتِ في مرحلة عمرية حساسة، وهي Late Adolescence حيث يبدأ الشاب أو الفتاة في بناء هويته الشخصية، ويبحث عن الاستقلالية العاطفية والفكرية عن الوالدين، وفي الوقت نفسه يحتاج بشدة للحفاظ على روابط الحب والانتماء مع الأسرة.

 

ما تمرين به هو ما يُسمّى بـ الصراع القيمي والعاطفي بين الانتماء المزدوج، وهو شعور بالضغط النفسي الناتج عن الولاء لطرفين متعارضين (الأم والأب/زوجته). هذا الصراع إذا لم تتم إدارته بحكمة فقد يسبب توترًا داخليًّا ويفقدك الإحساس بالاستقرار النفسي .

 

من منظور الواقع، من حقك أن تحافظي على صلتك بوالدك، وقد أمرنا الله عز وجل بذلك، فقال: ﴿وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا﴾، لكن في الوقت نفسه، برّ الأم وطاعتها والحرص على مشاعرها واجب عظيم، وقد قال رسول الله ﷺ: "أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك".

 

هنا يأتي التوازن الذي تحتاجينه: أن تبرّي أباك وتصلِيه بما يرضي الله، دون أن تجرحي قلب أمك أو تظهري لها ما يزيد ألمها النفسي.

 

فالرحمة بمشاعرها واجب، خاصة وهي تمر بما يُعرف بـ مرحلة الفقد الرمزي للشريك Symbolic Loss of Partner، حيث تشعر أن مكانتها العاطفية اهتزت، وقد يختلط عليها الأمر فتظن أن من يقترب من الطرف الآخر يبتعد عنها.

 

* وعمليًّا، أنصحك بخطوات متدرجة كالتالي:

 

1- لا بد أولا من إعادة بناء جسور الثقة مع الأم.. خصصي لها وقتًا أطول، وأظهري تقديرك لها بالكلمات والأفعال، وأخبريها أن محبتك لها غير قابلة للمقارنة أو المنافسة.

 

2- يجب عليك التعامل بالسرية العاطفية الحكيمة.. فليس من الحكمة الآن أن تعلني زيارتك لزوجة أبيك أمام أمك، فهذا لا يعني الخداع، بل هو نوع من استراتيجية تجنب الصراع، وذلك لتقليل الصدام.

 

3- كما يجب عليك توزيع مشاعرك بعدل قدر المستطاع.. فلا تجعلي حبك لأحد يطغى على الآخر، وتذكري أن لكل إنسان في حياتك مساحة خاصة به.

 

4- إذا كان الضغط النفسي عليك من والدتك كبير، فلا مانع من طلب الدعم الأسري إن أمكن.. كأن تتحدثي مع طرف محايد في العائلة له قبول عند والدتك ليساعدها على فهم أن علاقتك بوالدك أو زوجته ليست ضدها.

 

* همسة أخيرة لابنتي الحائرة:

 

ابنتي، حاولى أن تكوني جسر سلام لا ساحة صراع.

 

اجعلي نيتك دائمًا الإصلاح؛ فالنية الطيبة تصنع طريقًا آمنًا وسط العواصف.