<p>أنا عندي ولدين، أعمارهم 15 و13 سنة. بصراحة شخصيتهم ضعيفة ومهزوزة، وما عندهمش ثقة في نفسهم، وكمان مش بيعرفوا يتصرفوا في المواقف. أي حاجة بنقولها في البيت بيقولوها برّه من غير ما ياخدوا بالهم، ومش بيعرفوا يتكلموا بطلاقة زي ولاد سنهم، واستيعابهم بطيء شوية، خصوصًا الكبير<span dir="LTR">.</span></p> <p>اللي مكسوفة منه أكتر، إن فيه مواقف بتحصل بتبين فرقهم عن غيرهم. مرة كنا في زيارة عائلية، وكان معاهم ابن خالتهم الصغير عنده 7 سنين. حصل موقف محرج قدامنا، ولقيت الصغير بيتصرف بحكمة وهدوء، لكن ولادي –من الارتباك– ما عملوش حاجة غير إنهم اتوتروا وبدأوا يزعقوا، وبان عليهم الخوف<span dir="LTR">.</span></p> <p>الموضوع ده وجع قلبي وخلى الناس تبص لهم باستغراب، وأنا حاسة إني مش عارفة أربيهم على الصح. أنا نفسي أشوفهم واثقين من نفسهم، بيعرفوا يدافعوا عن بعض، ويحسوا بالمحبة كإخوات. مش عارفة أبدأ معاهم منين ولا إزاي أغير ده. أرجوكم ساعدوني<span dir="LTR">.</span></p>
أهلًا بكِ أختي الفاضلة، ومن الجيد هو عرض مشاعركِ ومشكلتكِ بصراحة، فهذا هو أول طريق الإصلاح والتغيير بإذن الله. وأتفهم تمامًا قلقكِ على أبنائكِ ورغبتكِ الصادقة في رؤيتهم واثقين من أنفسهم، قادرين على التصرف الصحيح في المواقف، متعاونين ومحبين لبعضهم.
أولًا: ما تصفينه عند ولديكِ يجمع بين عدة مظاهر تربوية ونفسية سلبية، ومن المحتمل أن تكون من أسباب ضعف شخصيتهما:
1- ضعف الثقة بالنفس (Low Self-Confidence) من خلال الشعور بعدم الكفاءة أمام الآخرين، وهذا غالبًا ناتج عن تجارب سابقة من النقد أو المقارنة.
2- الارتباك في المواقف الاجتماعية، وهو الخوف من رد الفعل الخاطئ أمام الناس، مما يجعلهم يتجمدون أو ينسحبون.
3- قصور المهارات الاجتماعية (Social Skills Deficit)، وذلك بسبب عدم التدريب الكافي على كيفية التصرف في المواقف الحياتية.
4- وقد يكون ضعف روح الأخوة والدعم المتبادل، وهذا يحتاج إلى تربية متعمدة لزرع المحبة والتعاون.
قال رسول الله ﷺ: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف"، والقوة هنا شاملة للقوة الإيمانية والنفسية والاجتماعية والثقة بالنفس.
5- وربما الرسائل السلبية المتكررة التي تقلل من إحساسهم بالكفاءة الذاتية.
ثانيًا: خطوات عملية للعلاج والتطوير من شخصية أبنائك بمنهج إيجابي:
1- تدريب المهارات الاجتماعية (Social Skills Training):
بتعليمهما مهارات أساسية، مثل: إلقاء التحية، بدء الحديث، الرد المناسب، الدفاع عن النفس بأسلوب مهذب. والتدريب يكون بالمحاكاة والتقليد في البيت قبل مواجهة المواقف الحقيقية.
2- التعريض التدريجي للمواقف (Gradual Exposure):
نبدأ بمواقف بسيطة آمنة، ثم ننتقل تدريجيًّا للمواقف الأكثر صعوبة، حتى يكتسبوا الخبرة والشجاعة.
3- كذلك من الضرورى تعزيز روح الأخوة:
ويمكننا ذلك بتنظيم أنشطة جماعية مشتركة (رياضة، مشروع صغير، خدمة مجتمعية) لتعزيز التعاون والدعم بينهم. مع مدح أي موقف يتعاونان فيه أو يدافع أحدهما عن الآخر.
4- يجب التوقف فورًا عن المقارنة:
تجنبوا مقارنة أبنائكم بغيرهم؛ فالمقارنة تضعف تقدير الذات، وتزيد الإحباط.
5- استخدموا معهما ردود الفعل الإيجابية (Positive Feedback):
بالثناء على المحاولات قبل النتائج، مع الإشارة إلى نقاط القوة، حتى يشعروا بالتقدم.
6- إتاحة إشراكهما في المسؤوليات اليومية:
كمنحهم مهام في البيت أو في المجتمع، واتركي لهما حرية اتخاذ القرارات المناسبة.
ثالثًا: اغرسوا بداخلهم الثقة بالله أولًا، ثم بأنفسهم
عبر ربطهم بآيات القوة والعزة، مثل قوله تعالى ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾، كذلك تعليمهم أن قول الحق والتصرف الصحيح عبادة، وأن الله يحب الشجاع في الحق.
رابعًا: قد تحتاجين لدعم متخصص في هذه الحالات:
- إذا لاحظتِ أن القلق الاجتماعي شديد لدرجة تمنعهم من الدراسة أو الخروج.
- إذا ظهرت عليهما أعراض انسحاب اجتماعي أو اكتئاب.
فهنا يمكن اللجوء لأخصائي نفسي تربوي لوضع برنامج دعم فردي.
* همسة أخيرة:
أبناؤكِ ليسوا ضعفاء بطبيعتهم، بل يحتاجون إلى بيئة تدريبية عملية تمنحهم فرص التجربة والخطأ في أمان، وتشجيعًا يركز على نقاط قوتهما بدلًا من إخفاقاتهما.
ابدئي بخطوات صغيرة ثابتة، ومع الصبر والبذل سترين التغيير بإذن الله.
* حكمة تربوية:
"الثقة تُبنى بالتجربة، والشجاعة تنمو بالتدريب، والنجاح يبدأ بمحاولة صادقة".