هل تتزوج في بيت أسرته؟

<p>السلام عليكم، أنا فتاة متوسطة الجمال من أسرة اجتماعية بسيطة تقدم لي شاب جامعي في عامه الدراسي قبل الأخير في إحدى كليات القمة.. هذا الشاب فيه كل ما أحلم به من صفات إلا أن ظروفه المادية سيئة، فهو يعمل عملا بسيطا بجانب دراسته يكاد يكفي مصروفاته الشخصية، وهو يعيش مع والديه، ويطلب مني أن أعيش معهما في نفس الشقة، وطبعا والده هو من سيصرف على البيت حتى ينهي زوجي دراسته على الأقل.. أنا حائرة هل أقبل أم أرفض؟</p>

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحبًا بك -ابنتي الغالية- في موقعك الشبكة الالكترونية للاستشارات.

 

قرار الزواج -يا ابنتي- واحد من أهم القرارات المصيرية في حياة الإنسان، ومن ثم فعليه التريث فيه وإمعان النظر في كافة تفاصيله والنتائج المترتبة عليه، خاصة عندما يكون هناك هناك صراع إقدام وإحجام كالذي تعيشين فيه الآن، وهذا الصراع يعني أن هناك ثمنا ذا قيمة سيدفع عند اختيار أي قرار سواء بالقبول بهذا الخاطب أو رفضه.

 

ثقتك بنفسك

 

قبل أن أناقش معك مميزات وعيوب كل قرار لفت نظري أسلوبك في التعريف بنفسك، حيث قلت إنك فتاة متوسطة الجمال ومن أسرة اجتماعية بسيطة، وبالتأكيد فالموضوعية في نظرة الإنسان لنفسه وتقديره لنقاط قوته أو ضعفه من الأمور بالغة الأهمية التي تحقق له النجاح في الحياة.

 

ولكنني استشعرت في ظلال كلماتك شيئًا من ضعف الثقة بالنفس، فإن كانت أسرتك ذات الخلفية الاجتماعية البسيطة تمثل حكمًا موضوعيًّا، وهو بالتأكيد أمر لا يعيبكم في شيء طالما هي أسرة شريفة ذات سمعة طيبة.. فإن حكمك على نفسك بأنك فتاة متوسطة الجمال يبدو لي فيه قدر من غياب الثقة أو وضعك لمواصفات قياسية جمالية معينة ترين أنك بالنسبة لها ذات جمال متوسط.

 

وأريد أن أخبرك أنه في كثير من الأحيان يرى البعض فتاة ما بأنها باهرة الجمال بينما يراها آخرون مجرد فتاة عادية والعكس صحيح، فالجمال حقًّا مسألة نسبية، ونظرة الفتاة لنفسها تنعكس على نظرة من حولها لها، وإذا كنت ترين نفسك متوسطة الجمال وأنت ترتدين الحجاب فبإمكانك أن تكوني فاتنة في بيتك مع بعض الاهتمام والزينة.. ولو كنت مجرد فتاة عادية من أسرة بسيطة، فما الدافع الذي جعل الشاب الذي فيه كل الصفات التي تتمناها الفتيات يختارك أنت تحديدًا.. ظروفه المادية المتعسرة لا تكفي كتفسير وحيد وإنما لا شك أنه رأى فيك ما لم تريه أنت في نفسك.

 

مميزات وعيوب

 

ذكرت -يا ابنتي- أن هذا الشاب فيه كل الصفات التي تتمنينها والتي لم تذكريها في رسالتك، فلم تذكري غير أنه في العام قبل النهائي في إحدى كليات القمة، فهل لم تكوني تتخيلي أن يتقدم لك شاب يدرس في هذه الكلية، بينما أنت لم تذكري شيئًا عن دراستك، فهل هذا يعوض لديك شيئًا ما؟

 

أرجو أن تجيبي نفسك بصدق عن هذا السؤال.. أريدك أن تمسكي بورقة وقلم وتكتبي كل هذه المميزات، ولا تكتفي بتردديها داخل عقلك، فعندما ترينها مكتوبة أمامك بشكل خارجي فستجدين الأمور أكثر وضوحًا بعيدًا عن ضبابية التفكير المغلق داخل الدماغ.

 

أما بالنسبة للعيوب فهي واضحة أمامك فليس أسوأ هذه العيوب أنك ستعيشين في مسكن مشترك مع حمويك يفقدك كثيرًا من خصوصيتك وحرية ارتدائك لملابسك، وسوف تفتقدين كثيرًا من الأمور التي تعيشها العروس في أيامها الأولى والتي تظل عالقة في ذاكرتها الشعورية.

 

أقول ليس هذا هو أسوأ العيوب؛ لأن الأسوأ أن هذا الشاب لا يستطيع الإنفاق عليك؛ لأن عمله البسيط يكاد يكفي بالكاد مصروفاته الشخصية، وهذه النفقة إحدى ركائز القوامة التي لا تستقيم الحياة الزوجية من دونها ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾، وعدم قدرته على الإنفاق عليك سيثير كثيرًا من المشكلات وقد يقلل كثيرًا من المميزات التي ترينها بل قد يقلل من قيمته هو ذاته في عينيك.

 

حلول بديلة

 

هناك بعض الأفكار التي أود مشاركتها معك فلربما قللت من العيوب والأضرار التي قد تقع عليك جراء هذا الزواج وفي الوقت ذاته تحافظ على هذا الخاطب، فمن ذلك عمل خطبة لا تقل مدتها عن عام، فهذا العام الدراسي قد انتهى تقريبًا، فإذا قضيتم فترة خطبة لمدة عام فإنه يكون قد انتهى من دراسته، وبالتالي يستطيع العمل والإنفاق عليك على الأقل بدلاً من أن ينفق والده عليكما أنتما الاثنان.

 

وأيضًا فترة الخطبة هي فرصة للتعارف واختبار المميزات التي ترينها في شخصيته بحيث تتخذين قرارك وأنت شبه متيقنة من صحته، فأنت ستضحين تضحية كبيرة بالعيش مع حمويك في نفس المسكن، فعلى الأقل تكونين شبه متأكدة من المميزات التي تجعلك تقبلين بهذا الوضع.

 

ومن الأمور المهمة جدًّا التي تساعدك على اتخاذ القرار هو الطبيعة الشخصية لحمويك.. فلا بد من السؤال والاستقصاء ووضع رأي والديك فيهما في اعتبارك، فإذا كنت تستشعرين أنك ستكونين بينهما كابنة وسيقدرون تضحيتك ويتعاملون معك برأفة وسماحة ولطف فهذا سيخفف كثيرًا من الضغوط التي قد تعيشين فيها، بينما إذا كان لهم طبيعة صعبة أو متسلطة أو حادة فهذا يعني أنك ستعيشين بينهما في شقاء، فلا يكفي مميزات الخاطب وحده وأنت من ستعيشين مع أهله فلا بد أن يكون تقييمك بناء على مجموعهم جميعًا.

 

لذلك -يا ابنتي- أنصحك أن تعيدي تقييم هذا الخاطب بناء على المميزات الحقيقية لا المتخيلة وبناء على تقييمك لعائلته، ثم استخيري الله عز وجل، فإذا شعرت بالراحة النفسية والسكينة فتوكلي على الله ووافقي، ولكن حاولي أن تكون هناك فترة خطبة مناسبة، وإياك أن تشعري في لحظة ما بأنك أقل منه أو أن عائلتك أقل من عائلته أو أنك غير كافية لذلك فعليك أن تتنازلي عن بعض الأساسيات في حياتك الزوجية.. وفقك الله تعالى وأسعد قلبك، وتابعيني بأخبارك.