هل أنا صغيرة على الزواج؟

<p>أنا فتاة عمري 19 سنة في عامي الجامعي الأول جاءني عريس على خلق ودين وأنا موافقة عليه .. هو يرغب أن يتم الزواج في العطلة الصيفية لو حصل نصيب وأنا موافقة وبصراحة أشعر برغبتي في الزواج لكن والدتي واخواتي البنات وصديقاتي يرفضون ويقولون انني ما زلت صغيرة ولن أستطيع تحمل المسئولية ويقولون لي ستندمين بعد ذلك وأنا أخجل من أن أصارحهم برغبتي في الزواج فهل حقا سأندم لو تزوجت في هذا السن؟</p>

ابنتي الحبيبة، دعيني أرحب بك على موقعك.. موقع الاستشارات الالكترونية فأهلاً وسهلاً ومرحبا بك.

 

غاليتي، أعجبتني صراحتك في طرح مشكلتك كما أعجبتني رغبتك في الاستشارة وعدم الاكتفاء بكلام الأهل والصديقات، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يسعد قلبك وتجدي في هذه الاستشارة ما يطمئن قلبك.

 

حاجة فطرية

 

ابنتي الحبيبة، الحاجة للزواج فطرة إنسانية لدى الإنسان السوي رجلاً كان أو امرأة وليس فيها ما يخجل.. المشكلة أنه في بلادنا يتأخر سن الزواج لمستويات خطيرة حتى يستطيع الشاب تكوين نفسه وتستطيع الفتاة الانتهاء من دراستها، وهذا يمثل ضغطًا لا يشعر به أحد ولا يتكلم عنه أحد خاصة فيما يخص الفتيات كلون من ألوان الحياء الكاذب، والنتيجة ضغوط وأمراض نفسية أو انحرافات أخلاقية.

 

بينما في بلاد الغرب مثلا يستطيع الشاب والفتاة إشباع هذه الغريزة منذ وقت مبكر (مع الوصول لسن الـ18 تكون أغلبية الشباب والفتيات بالفعل قد أقمن علاقة) دون أن يؤثر هذا على الدراسة أو العمل.. إشباع الغريزة في ظل الحضارة الغربية يتم في إطار المحرم وارتكاب الفواحش وليس في إطار الزواج، وهذا يتامشى مع منظومتهم الثقافية السائدة، بينما في بلادنا تغلق دوائر الحلال الذي ينشده الشباب والفتيات بحيث لا يكون أمامهم إلا الكبت أو الوقوع في المحرم.

 

ما أريد قوله إن حاجتك للزواج في هذه السن هي حاجة معتبرة؛ لأنها تشبع غريزة إنسانية أساسية.. فلا تنزعجي من هذا.

 

مخاوف مشروعة

 

على أن مخاوف أسرتك وصديقاتك لها أيضًا ما يبررها؛ فالزواج وإن كان يشبع الغريزة مثله مثل العلاقات الغربية فإنه يمثل التزامًا ومسئوليات كبيرة، بدءًا من اتخاذ القرار نفسه لأن الزواج يُبنى على التأبيد في العلاقة وليس مجرد تجربة قد تنجح وقد تفشل، مرورًا بالمسئوليات الحياتية التي ستلقى عليك مثل الطهي والتنظيف واستقبال الضيوف وعمل مآدب الطعام.. وإدارة شئون البيت بوجه عام، انتهاء بتجربة الأمومة ومسئولية الأطفال.

 

وهذا كله وأنت ما زلت في سنوات دراستك الجامعية الأولى، وما تمثله الدراسة والامتحانات من ضغط خاصة في الكليات العملية، لهذا كله يشفقن عليك خاصة مع بعض التجارب التي قد رأينها أو خضنها، كتوقف بعض الفتيات عن استكمال تعليمهن بعد الزواج أو الرسوب المتكرر أو الشكوى من الضغوط بطريقة ضخمة أو حتى الطلاق والعودة لأسرتها بطفل أو أكثر، بينما من هن في مثل عمرها أنهين دراستهن بهدوء وبدأن للتو الاستمتاع بفترة الخطبة أو العقد.. هذا تفسير ما يحذرنك منه وتفسير الخوف من الندم الذي يغلف هذا الحديث.

 

ضوابط النجاح

 

ابنتي الحبيبة.. يمكننا القول إذن إن زواجك من حيث المبدأ صحيح وقرار صائب وعمرك مناسب جدًّا للزواج، خاصة أنك تستشعرين الحاجة لهذا ولكن هناك بعض الضوابط والشروط التي سأخبرك بها حالاً ضعيها كنبراس وأنت تتخذين هذا القرار المصيري:

 

* حسن الاختيار، يمكنني أن أقول لك هذا أهم الشروط يمكنك أن تطلقي عليك شرط الشروط.. هذا أمر لا يصلح فيه التساهل خاصة مع عمرك وظروف دراستك.. صاحب الخلق والدين ليست كلمة تقال بل هي نتاج تجربة وسؤال واحتكاك.. الخلق يا ابنتي لا يعني الصدق في الحديث وعدم التلفظ بألفاظ نابية والأمانة ونحو ذلك.. فالخلق يشمل أن يكون هينًا لينًا متعاونًا يستطيع المراعاة والمواساة تستطيعين إدارة حوار معه.. ينصت لحديثك.. لديك القدرة للانحياز للحق حتى لو خالف رأيه، هل تفهمينني؟

 

* فترة خطبة مناسبة، أنت بحاجة للتعرف عليه.. أسرتك بحاجة للتعرف عليه.. أنت بحاجة للاستعداد لما أنت مقبلة عليه.. بحاجة أن تدركي أين تسير خطواتك ومدى صلابة الأرض التي تسيرين عليها.

 

* وجود بيئة داعمة، من الأمور التي تيسر عليك اتخاذ خطوة الزواج، وجود بيئة داعمة مساندة حولك، مثلا هل سوف تسكنين بالقرب من والدتك بحيث تعاونك مثلا إذا رزقت بطفل؟ أم ستسكنين بالقرب من والدة زوجك؟ وهل هي لديها استعداد لتقديم الدعم المناسب؟ أم هي تنتظر منك أنت أن تقدمي لها الدعم؟ هل زوجك المستقبلي لديه القدرة والمهارة أن يتعاون معك في شئون المنزل؟ أم أنه يرى أن هذا عمل نسائي؟ وإن لم يكن سوف يشارك فهل سيتغافل عن بعض الأمور؟ هل لديه استعداد لشراء الطعام الجاهز بعض أيام؟ هذه كلها اسئلة مهمة لا بد أن توضع على طاولة البحث وأنت تتخذين قرارك.

 

* المهارات الشخصية، مثل مدى مهارتك في الطهي ومدى سرعتك فيه.. قدرتك على تنظيف وتنظيم المنزل.. مهارات القراءة السريعة والإدارة الجيدة لبرامجك الدراسية.. قدرتك بوجه عام على التحمل والعمل تحت ضغط وقدرتك على المثابرة.

 

فكري جيدا وتأملي هذه الضوابط فإن انطبقت عليك أو انطبق معظمها فتوكلي على الله وصلي صلاة استخارة وتوجهي بكليتك لله فمنه التوفيق والسداد.. كتب الله لك الخير، وتابعيني بأخبارك دائمًا.