همومي لا تنتهي.. كيف أعيش في طمأنينة وسكينة؟

<p>أصلي وأصوم وأتعلم وأبذل جهدي في العبادة والالتزام، لكنني كثيرة الهموم والقلق، لا أستطيع أن أجد راحةً في نفسي. تلاحقني الأفكار السلبية، وأشعر وكأن همومي لا تنتهي، رغم محاولاتي الجادة. كيف يمكنني أن أعيش في طمأنينة وسكينة وأنا في هذا الحال؟ أريد أن أتحرر من هذه الهموم التي تملأ قلبي وتشتت فكري.</p>

أختي السائلة الكريمة،

 

يقول الله تعالى ابتداء: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ، إيمانك وصلاتك وصيامك هي نواة السكينة في القلب، ولكن مع ذلك، فالمؤمن لا يُستثنى من الابتلاءات والهموم، بل إنها جزء من حياة المؤمنين، وهم فِي غَمَرَاتِ الْحَيَاةِ.

 

قال تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ أي في مشقةٍ وهمٍ. إذًا، لا عجب من كثرة الهموم في حياتنا، لكن المهم كيف نتعامل معها، وكيف نحصل على الطمأنينة في قلوبنا رغم كثرة هذه الهموم، وإليك الآتي:

 

أولًا: أهمية الذكر في طرد الهموم

 

أول خطوة لتحصيل الطمأنينة والسكينة في قلبك، هي المحافظة على ذكر الله؛ فالذكر هو نور القلب وطمأنينته. قال الله تعالى: ﴿ألَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ إذا شعرتِ بالهم، اجعلي لسانك رطبًا بذكر الله، سواء بترديد الأدعية، أو بقراءة القرآن الكريم. على سبيل المثال، اجعلي دعاء "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن" وردًا دائمًا في حياتك اليومية، فالله وحده هو القادر على سكينة القلوب.

 

ثانيًا: الصبر مع الدعاء

 

عندما تشتد الهموم، تذكري أنَّ الله مع الصابرين، وأن الصبر في وجه البلاء يمنح قلبك قوة لا تملكها غيرك. قال تعالى: ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ، والدلالة هنا أن الصبر على البلاء يمنحك الشفاء الداخلي، والعافية النفسية. فلا تترددي في دعاء الله، فهو القادر على أن يسحب عنكِ الهموم.

 

ثالثًا: التوكل على الله

 

التوكل على الله هو أقوى الأسلحة التي يمكنكِ أن تتسلحي بها في مواجهة هموم الحياة. قال الله تعالى: ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ، فعندما تضعين توكلك على الله وتستسلمين لمشيئته، فإن هذا يريح قلبك ويزيل عنك الشعور بالقلق والتشتت. تذكري أن الله يدبر لك أمورك أفضل مما تتصورين.

 

رابعًا: التوازن بين العبادة والدنيا

 

إذا كنتِ تشعرين بأنك غارقة في الهموم، قد يكون الوقت قد حان لتعيدي توازن حياتك. اجمعي بين العبادة والراحة النفسية، كأن تأخذي فتراتٍ من الراحة بين صلواتك، وتأخذي قسطًا من النوم الجيد، وتهتمي بتغيير الروتين اليومي.

 

يُذكر في الحديث: «وإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا»؛ فالعبادة لا تعني العيش في مشقة مستمرة، بل هي توازنٌ بين روحك وجسدك، ولذا من المهم أن تحافظي على صحتك البدنية والنفسية.

 

خامسًا: التفاؤل والتوكل على الله في المستقبل

 

الهموم قد تكون مرهقة، لكن تذكري أنَّ لكلِّ همٍ فرجًا بإذن الله. مهما كانت الظروف الحالية صعبة، سيتبعها الفرج مع الصبر، فلا تجزعي، فالله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، وكثيرًا ما يأتي الفرج بعد أشد اللحظات.

 

وإليكِ بعض الوصايا العملية:

 

1. مارسي الذكر اليومي: خصصي وقتًا للذكر في كل يوم، ولو للحظات قصيرة، فذلك سيعطي قلبك طمأنينة.

 

2. لا تستسلمي للأفكار السلبية: بمجرد أن تشعري بالقلق، قولي لنفسك: "توكلت على الله، ولا شيء يهمني سوى رضا الله."

 

3. اسألي الله دومًا: لا تكتفي بالصلاة فقط، بل ادعي الله بكثرة، واسأليه أن يرفع عنك الهم، ويسهل عليك أمر دينك ودنياك.

 

4. تطوير عادة التفاؤل: عبري عن شكرك لله على كل نعمة، وتذكري دائمًا أن الفرج قريب.

 

5. حافظي على توازن حياتك: أضيفي فترات من الراحة والهدوء في يومك، واحرصي على النوم الجيد.

 

أسأل الله تعالى لك دوام التوفيق والرشاد..